غالبا ما تسمى البوذية التبتية باللامية. نسبة إلى أشهر شخصيات تلك البوذية، الدَلَاي لاما. لتجنب الخلط بين البوذية التبتية مع غيرها من أشكال البوذية.
اللامية أو بوذية التيبت هي مجموعة المبادئ والمؤسسات الدينية البوذية التي تميّز بوذية التيبت، منغوليا، أقسام من الهيمالايا، شمال نيبال والهند، كما أنها الديانة الرسمية في مملكة بوتان. كذلك فهي تمارس في روسيا وشمال شرق الصين.
لقد نشر الشتات التبتية اللامية إلى أقطار غربية عديدة، حيث عرفت أفكارهم نوعاً من الشعبية. وقد ساعد على ذلك الدلاي لاما الرابع عشر، الذي أضحى واحداً من أهم الشخصيات في العالم. ويبلغ عدد اللاميين بين عشرة ملايين وعشرين مليوناً.
إذا أردنا قراءة تاريخ اللامية فعلينا أن نستقصيه من بداياته، من القرن السابع الميلادي، ففي بداية ذلك القرن غزا ملكٌ من التبت الوُسطى يُدعى سونغتسين-غامبو المملكة التبتية الغربية لشانغ-شُنغ، وأنشأَ أوَّل إمبراطورية تبتية مُوحَّدة، وتزوج سونغتسين-غامبو أميراتٍ من الصين ونيبال وشانغ-شُنغ. وقد جلبَت الأميرتان الصينية والنيبالية نصوصًا بوذية، في حين أحضرت الأميرة الشانغ-شُنغية معها مُعتقداتها البونية، وكانت البونية حينذاك هي الديانة الأصلية لشانغ-شُنغ.
لم يكن للبوذية تأثير كبير في هذه الفترة المبكرة، والتطور الرئيس الذي أصابها هو تلك المعابد البوذية الثلاثة عشر التي بناها هذا الإمبراطورِ . وهكذا وصلت البوذية إلى أرض الثلوج.
بعد ذلك كان هناك تواصلٌ مع البوذية في الصين وخوتان، أكثر منه مع البوذية الهندية. غير أن الديانة البونية بقيَت قوية في التبت أكثر من البوذية خلال هذه الفترة المبكرة، فهي مَن أوجدت المراسم المُستخدَمة في طقوس الدولة.
في منتصف القرن الثامن الميلادي تبوَّأ العرشَ إمبراطورٌ عظيمٌ آخر هو تري سونغديتسين، وكان قد تلقى نبوءةً عن تعاليم بوذية مستقبلية في التبت، وتجاوبًا مع هذه النبوءة دعا معلمًا بوذيًّا عظيمًا من الهند وهو شانتاراكشيتا. انتشر وباءُ الجدري، فأرجع وزراءُ البلاط سبب الوباء إلى شانتاراكشيتا، وطردوه من التبت. ولكن قبل مغادرته نصحَ شانتاراكشيتا الإمبراطورَ بدعوة غورو رينبوتشي بادمسامبافا إلى القدوم لحل المشاكل وإنهاء التوتُّرات في البلاد، فاستجاب له تري سونغديتسين، وجاء بادمسامبافا وخلَّصَ التبت من مشكلاتها. وبعد ذلك دعا الإمبراطورُ شانتاراكشيتا إلى العودة. فبَنُوا أوَّلَ ديرٍ في التبت في سمياي، جنوب لاسا. وأجرى رئيس الدير الهندي سيامة الرهبان الأوائل.
بعد ذلك عمل العديد من الباحثين الصينيين والهنود والشانغ-شُنغيون بانسجامٍ معًا في دير سمياي؛ حيث جمعوا في الغالب نصوصًا من تقاليدهم الخاصة وترجموها. وأصبحت البوذيةُ الديانةَ الرسمية للدولة، وكان للصينيين التأثير الأكبر في ذلك الوقت، ثم أصبح الإمبراطور الصيني يرسل راهبيْن إلى سمياي مرة كل عامينِ. وكان نموذج البوذية الذي اتبعه الرهبان الصينيون هو تشان، وهو النموذج السابق لزن الياباني.
في هذه الأثناء أرسلَ الإمبراطور تري سونغديتسين المزيد من التبتيين إلى الهند لإرجاع التعاليم، ودعوة المزيد من الهنود إلى بلاده. كانت هناك كذلك مناظرة دارما بين كامالاشيلا الذي يمثل الهنود، وبين الممثل الصيني. ولأسبابٍ عدة، خسر الصيني. يمكن للمرءٍ أن يفترض جدلاً أن المناظرة لم تكن إلا حركة سياسية ليتعللوا بها في طرد الصيني وتبني البوذية الهندية بصفتها النموذج الرئيس للبوذية في التبت. فمن بين كل الممالك والإمبراطوريات المجاورة للتبت كان للهنود أقلُّ تهديدٍ عسكري.
في منتصف القرن التاسع الميلادي اضطهد الإمبراطور لانغدارما البوذية،. وقد يكون من الموضوعية رؤية هذه الاضطهاد كردَّ فِعلٍ على رؤساء الأديرة والرهبان في سمياي الذين كانوا يحاولون فرض تأثيرهم الشديد على الحكومة، فذهب كثير من الضرائب التي جمعتها الدولة إلى دعم الأديرة، وأصبح ذلك عبئا اقتصاديا لا يُحتمَل.
في الحقيقة، إن كلَّ ما فعله لانغدارما هو إغلاق الأديرة فقط، ولا يعني ذلك أنه دمر البوذية؛ فقد استمرت البوذية خارج الأديرة. وتعرف المرحلة التي سبقت ذلك "بفترة الانتقال القديمة" أو تقليد نيينغما.
حدث في القرن العاشر الميلادي بعد ذلك سوء فهم كبير للتانترا في التبت - كان ذلك في تقليد النيينغما الذي نجا خارج الأديرة، وكما كان الحال سابقًا أرسل الملك حينئذٍ باحثين إلى الهند لإرجاع التعاليم مرةً أخرى، ولتصحيح سوء الفهم. ويرجع سوء الفهم في البداية إلى عدم وجود أديرة. أما الآن فقد ظهر ما يُدعى بـ"فترة الانتقال الجديدة" (أو سارما). وكان هذا الوقت بداية التقاليد التي تُدعى كادام وساكيا وكاغيو. ولم تكن هذه الأسماء موجودة في الهند، فقد نشأت بسبب ذهاب الكثير من المترجِمين المختلفين إلى الهند ونيبال، والعودة بمجموعاتٍ مختلفة من النصوص والتعاليم والتمكين التانتري. كما أن العديد من المعلمين الهنود والنيباليين والكشميريين قد استقروا في التبت، ومنهم خرجت السلالات التبتية المختلفة.
ليس للتقاليد التبتية الخمسة هوياتٌ متوارَثة، وليس لها إلا اتفاقات تجمع خطوطًا مختلفةً ومعلمين مختلفين؛. وهكذا نشأت التقاليد التبتية الخمسة للبوذية والبون بدءًا من نهاية القرن العاشر الميلادي.
أنشأ سلالة كادام المعلمُ الهندي أتيشا، وأجمل ملامح هذا التقليد كانت تعاليم لوجونغ. وقد انقسمت هذه السلالة إلى ثلاث وحدات، ثم دمجها تسونغخابا وأصلحها في أواخر القرن الرابع عشر وأوائل القرن الخامس عشر الميلادي، لتتحول إلى: تقليد الغيلوغ.
وكان لتسونغخابا الكثير من التلاميذ، أحدُهم أصبح فيما بعد "الدالاي لاما الأول"، ورغم أن اسمه "دلاي لاما" فإنه لم ينضم إلى ذلك الخط إلا مع الحلول الثالث. فعام 1578 منح الحاكم المغولي ألطان خان لقب الدلاي لاما لسونام غياتسو. ثم أضفي اللقب تراجعياً على إثنين من أسلافه في خطه التناسخي، أي غندون درب وغندون غياتسو. الأخير كان أيضاً سلف سونام كرئيس لدير دربونغ. لكن الدلاي لاما الرابع عشر يؤكّد أن ألطان خان لم يكن ينوي منح اللقب بحد ذاته إنما كان قصده ترجمة كلمتي سونام غياتسو إلى اللغة المنغولية.
يقول الدلاي لاما الرابع عشر: يتضمن اسم الدلاي لاما من الدلاي لاما الثاني وما بعد كلمة غياتسو، التي تعني " بحر " في التيبتية. وحتى اليوم أنا تنزين غياتسو، فالاسم الأول يتبدل لكن الجزء الثاني يصبح مثل جزء من اسم كل دلاي لاما. وهكذا فأنا لا أوافق على أن المغول أضفوا اللقب. لقد كان مجرد ترجمة.
اللقب دلاي لاما ربما يكون مشتقاً أصلاً من اللقب الذي حمله جنكيز خان حين تم إعلانة إمبراطوراً على منغوليا الموحدة عام 1206.
الدلاي لاما الرابع هو يونتن غياتسو، وهو غير تيبتي من أحفاد ألطان خان. (1589-1616)
صار غوشي خان من خوشود عام 1637 سيّد التيبت و ساعد غوشي الدلاي لاما الخامس على توطيد أركان حكمه كأعلى سلطة سياسية وروحية في التبت وقضى على أي منافس له محتمل. لكن زمن الدلاي لاما الخامس كان أيضاً حقبة تطوّر ثقافي غني.
ظل موت الدلاي لاما الخامس مخفياً لخمس عشرة سنة من قبل سانغيه غياتسو. والواضح أن هذا كان بهدف إكمال قصر بوتالا الخاص بالدلاي لاما، ومنع جيران التيبت من الإفادة من فترة الإنقطاع في تعاقب الدلاي لامات.
تسانغيانغ غياتسو، الدلاي لاما السادس، لم يعتل العرش حتى عام 1697. تسانغيانغ غياتسو استمتع بشكل عيش تضمن الشرب ومصاحبة النساء وكتابة أشعار الغزل. وعام 1705، استخدم لوبزانغ خان من كوشود مغامرات الدلاي لاما السادس كذريعة للسيطرة على التيبت. اغتيل الوصي على العرش، وأرسل الدلاي لاما إلى بيكين. ومات في الطريق قرب كوكو نور، بسبب المرض. عيّن لوبزانغ خان دلاي لاما جديداً لم تقبل به مدرسة غيلوغبا. وتم اكتشاف كلزانغ غياتسو قرب كوكو نور ليصبح مرشحاً منافساً.
غزا الدزونغار التيبت عام 1717، وأقالوا مدعي موقع الدلاي لاما من قبل لوبزانغ خان ومن ثم قتلوه. ولاقى هذا استحساناً كبيراً. لكنهم بدأوا للتو في سرقة الأماكن المقدسة في التيبت.، والتي أدت إلى ردة فعل سريعة من قبل الإمبراطور كانغجي عام 1718؛ لكن حملته العسكرية أبيدت من قبل الدزونغار في معركة نهر سالوين، غير البعيد عن لاسا.
أرسل إمبراطور الكانغجي حملة أخرى ثانية، أكبر من الأولى، طردت الدزونغار من التيبت عام 1720 وتمت تحية الجنود على أنهم محررون. وجاءوا معهم بكلزانغ غياتسو من كومبوم إلى لاسا وهناك عيّن كدلاي لاما سابع عام 1721. وبعده مات جامفل غياتسو الدلاي لاما الثامن ( 1758 – 1804 ) والدلاي لاما التاسع والعاشر قبل أن يحصلوا على الغالبية؛ ويقال بحق إن أحدهم أغتيل وتلف الآخر شبهات قوية. توج الدلاي لاما الحادي عشر ومن بعده الثاني عشر لكنهما ماتا مباشرة قبل أن تسبغ عليهما السلطة. لذلك فالسلطة العليا في التيبت، لمئة وثلاث عشرة سنة، كانت بأيدي الوصي على العرش، عدا نحو عامين حين احتل أحد النبلاء العلمانيين الموقع إضافة إلى حكم اسمي لفترتين من قبل الحادي عشر والثاني عشر.