فترض القبالة الثيورجيّة وجوداً بشريّاً قويّاً ومستقلاً يستطيع بممارساته الطقوسيّة التأثير في عالم الألوهة؛ مع أن الإنسان والإله يبقيان متمايزين ومنفصلين مبدأيّاً. لكن فكرة الاتحاد السرّاني-الصوفي بين الإله والإنسان لم تصل قط إلى الصدارة، رغم أنها كانت معروفة بين القباليين الثيورجيين، كما في كتابات عزرا الذي من خيرونا، على سبيل المثال. وفي كتابات نحميا نيدز وأتباعه، يبرز الفرق جليّاً بين التصاق العقل الأول بالإله والتصاق الروح النهائي به. بعكس ما سبق، ركّزت قبالة أبراهام أبو العافية على انصهار العقلين البشري والإلهي، كهدف أخير للمتصوّف؛ فاستعملت تعابير أدبيّة متطرّفة لهذه المقولة أشكالاً عبرانيّة للعبارة الصوفيّة الإسلاميّة، " هو هو "، بل حتى " أنا أنا "، التي ترمز إلى الاتحاد الكامل بين الإله والإنسان. وأحياناً كان بعض القباليين يشيرون إلى الاتحاد الصوفي مع العقل الفاعل، حيث يطرحون هنا تفسيراً صوفيّاً للسيكولوجيا التي قدّمها ابن رشد، الفيلسوف الإسلامي. كذلك فقد استعاروا من أرسطو مفاهيم العقل والتفكير والمدركات العقليّة ( التي تشكّل وحدة خلال فعل التفكير ) من أجل وصف هذا الاتحاد السرّاني. كما أُخبر عن ظواهر اتحاديّة واضحة في كتابات يصحاق العكّاوي؛ وتحت تأثير كل من الأخير وأبو العافية، دخل الاتحاد الصوفي في النصوص الصفديّة، التي صارت أحد أهم المراجع لسادة الحسيديّة في القرن الثامن عشر، في بحثهم عن صيرورة الاتحاد مع الإله.