الثيوصوفيا القباليّة

يتحدّث التلمود عن صفتين هامتين: الرحمة والَدين. ويعتقد أن هاتين الصفتين موجودتان في حالة توازن ديناميكي، وأنهما ساعدتا في خلق العالم وحكمه. في هذا السياق، نجد في نصوص أخرى ذكراً للصيفروت العشرة أو اللوغوسات [ جمع لوغوس ] أو الكلمات الإلهيّة الخلاّقة. وهذا واضح للعيان تماماً في " سفر يصيراه ". لم تكن ثمة ثيوصوفيا يهوديّة ومفصّلة قبل وضع الأسفار القباليّة في القرن الثالث عشر. ويصوّر القباليّون الألوهة وكأنها مكونة من طبقتين:
1- الطبقة الأعمق، العين صوف [ " اللامتناهي " ]، الذات الإلهيّة العليا، التي توصف أحياناً بمصطلحات مستعارة من لاهوت السلف الأفلاطوني-المحدث، أو توصف في أحيان أخرى بعبارات تجسيميّة واضحة؛
2- العالم الصيفاروتي المنبثق من داخل الذات الإلهيّة كبنيان مكون من عشر سمات، تعرف بأسماء مختلفة، مثل: صفات، قوى، درجات، أو أرقام ( صيفروت )، والأخيرة هي الأكثر استعمالاً.
لقد تمّ تخيّل هذه القوى الإلهيّة على شكل إنسان ما فوق طبيعي، أو شجرة، تمثّل الإله منزل الوحي وكذلك الإله الخلاّق؛ ويظهر الشكل التالي أسماء الصيفروت:
ملاحظة:
الرسم بالعبرانيّة، وأسفله نقدّم ترجمة عربيّة من الأعلى إلى الأسفل، ومن اليمين إلى اليسار.
السمات الإلهية العشر، أو الصيفروت:

الأعلى: كتر ( تاج )؛ يسمى أحياناً محشباه ( تفكير ).
الأيمن تحته: حكمه ( حكمة ).
الأيسر تحته: بيناه ( فهم ).
الأيمن في الصف الثالث: غدولاه ( عظمة )؛ يسمى أحياناً هسد ( مجد ).
الأيسر في الصف الثالث: غبوراه ( جبروت )؛ يسمى أحياناً دين ( دين ).
الأوسط: تيغريت ( كبر ).
الأيمن تحته: نصح ( خلود ).
الأيسر تحته: هود ( روعة ).
الأسفل تحتهما: يسود ( أساس ).
الأسفل تماماً: ملخوت ( ملكوت ).
في بعض النصوص التي جاءت بعد حقبة لوريا، نجد مناقشة لمسألة إضافة " صفراه " آخر، هو " دعات " ( معرفة )، يقع مكانه بين الثاني والثالث، ويلعب دوراً مشابهاً لدور التيغريت أو اليسود؛ أي أنه يوازن بين القطبين الكبيرين.
ثمة فكرتان أساسيّتان بين القباليين حول طبيعة " الصيفروت ": الرأي المعبّر عنه في " زوهر " وعند القباليين الهاميّن، كان يقول إن " الصيفروت " تشكّل جوهر الإله وهي بالتالي إظهارات إلهيّة صافية؛ لكن منذ بداية القرن الرابع عشر، صوّر بعض القباليين " الصيفروت " كأوعية خلقها الإله لاحتواء الدفق الإلهي؛ ووفقاً لرأي مشابه، " الصيفروت " هي الأدوات التي خلق بها الإله العالم، والتي يحكم العالم من خلالها أيضاً. وجمع موشيه كوردوفيرو بين الرأيين؛ فقال عن الصيفروت الإلهيّة إنها متأصلة في الصيفروت الخارجيّة، فالأخيرة تعمل كأوعية للأولى. وسادت هذه المقاربة في القبالة المتأخرة. كذلك فقد طوّرت القبالة اللوريّة تمثيلاً للعالم الإلهي وفقاً لخمسة أشكال تجسيميّة، يتألّف كل منها من 10 صيفروت. وفي العصور الوسطى كان ثمة محاولات أيضاً لتفسير الصيفروت باعتبارها رموزاً للقوى البشريّة الروحانيّة؛ وتبنّى هذا الاتجاه ودعمه سادة الحسيديّة في القرن الثامن عشر.


أقرّ علم نشوء الكون القبالي بوجود أربعة عوالم أو مجالات وجود: الصيفروت، الذي يسمّى عالم الانبثاق؛ عالم الخلق، المكوّن من العربة الإلهيّة والملائكة الأعلون؛ عالم التشكيل، الذي نجد فيه الملائكة؛ وعالم الفعل، أي العالم المادّي السماوي والأرضي. وتحت تأثر الصوفيين، ذكر بعض القباليين قسماً خامساً يضمّ عالم الصور.