بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
يمكن أن نستقرئ الأسباب في كلمات الإمام قدس سره، وهي على قسمين:
القسم الأول
وهو يتعلّق بأكثر الحكّام القابعين على رؤوس الأنظمة، فهم يعملون عادة للحفاظ على عروشهم ومصالحهم الخاصة من خلال التنازل عن مصالح الأمة ومقدساتها.
1- عدم لياقة أكثر حكّام الأنظمة الإسلامية لتبوّئهم سدة القيادة لبلدانهم فلا يحوزون على التمثيل الشعبي الحقيقي فهم متسلطون أو مستبدون، فلا يملكون القدرة على استنهاض شعوبهم، إضافة إلى كونهم بعيدين عن الإسلام وأحكامه مما يزيدهم ضعفاً إلى ضعفهم، وساعين للتفرقة والتخريب في ما بينهم، مما يعقّد مشكلة القضية الفلسطينية ويحول دون علاجها بعد أن كان الخلاف والفرقة سبباً في أصل حصولها.
وفي هذه الأبعاد يقول الإمام الخميني قدس سره: "فلو كان حكّام البلدان الإسلامية ممثلين حقيقيين للناس، مؤمنين بأحكام الإسلام ومنفذين لها، واضعين الاختلافات الجزئية جانباً، كافّين أيديهم عن التخريب والتفرقة، متحدين في ما بينهم، لما استطاعت حفنة من اليهود الأشقياء أن يفعلوا كل هذه الأفاعيل مهما كان الدعم الذي تقدمه لهم أمريكا وانكلترا، فما نراه من قدرتها (أي إسرائيل) وممارستها إنما هو بسبب تهاون وعدم لياقة المتصدين للحكم على الشعوب المسلمة".قول الإمام الخميني قدس سره: "إنها اختلافات قادة الدول هي التي تعقد المشكلة الفلسطينية وتحول دون حلها".
2- تبعية بعض زعماء الأنظمة واستسلامهم للاستكبار مما يحسم نتيجة المواجهة قبل أن تحصل مع اليهود الصهاينة، وفي ذلك يقول الإمام قدس سره: "إن اختلاف وعمالة بعض رؤساء البلدان الإسلامية لا يعطيان الفرصة والإمكانية لسبعماية مليون مسلم في أن يحلوا مشكلة القضية الفلسطينية التي تمثل أشد مصائبنا".
كما يقول قدس سره: "إنَّ الأنانية والعمالة واستسلام بعض الحكومات العربية للنفوذ الأجنبي المباشر يمنع عشرات الملايين من العرب من إنقاذ فلسطين من يد الاحتلال الإسرائيلي".
3- انشغال اغلب الحكومات بالمفاوضات السياسية التي لا طائل منها والتي لا يمكن أن تؤدي إلى علاج القضية الفلسطينية في حين أن الجهاد هو الحل.يقول الإمام الخميني قدس سره: "إن أكثر الحكومات مشغولة بالقيام والقعود والمفاوضات التي لا نتيجة منها، تاركين المجاهدين الفلسطينيين الشجعان الذين يقاومون (إسرائيل) برجولة لوحدهم".
هذا من جهة الحكّام والأسباب المتعلقة بهم كأشخاص وممارسات وما يعتري أوضاعهم وما يحول دون توحدهم والتي أدت إلى مزيد من الإهمال والنسيان والتهاون بقضية فلسطين.
القسم الثاني
يتعلق بواقع الشعوب والأمة والمسؤوليات الملقاة على عاتقهم:
أما من جهة الشعوب وشرائحهم المختلفة، فهناك أيضاً الأسباب التي ترتبط بهم، صحيح أن المشاكل الكبرى والأساسية ناتجة عن واقع الحكام وتقاعسهم وتخاذلهم وأحياناً خيانتهم وعمالتهم، إلا أن ذلك لا يلغي ولا ينفي المسؤوليات الكبرى الملقاة على عاتق الشعوب، وعلى هذا الصعيد حدد الإمام الخميني قدس سره عدة أسباب ترتبط بواقع الشعوب والجماهير، أهمها:
1- البعد عن الالتزام بالإسلام والقرآن والاعتماد على المعسكر الشرقي أو الغربي، وذلك خلاف المفروض بحسب مفهوم النص الإلهي بضرورة الكفر بالمعسكرات المادية وبالطاغوت، والإيمان بالله وبرسالته والاعتماد عليه سبحانه وعلى تعاليم دينه:
يقول الإمام الخميني قدس سره: "لو أن الشعوب المسلمة وبدلاً من الاعتماد على المعسكر الشرقي أو الآخر الغربي اعتمدت على الإسلام ووضعت تعاليم القرآن النورانية والتحررية نصب أعينها وعملت بها لما وقعت أسيرة للمعتدين الصهاينة".
2- تفرق المسلمين وتشرذمهم والتلهي بالمسائل الخلافية وترك الساحة وإخلاؤها للاستكبار ومشاريعه، مما اضعف قدرة هذا العدد الضخم والهائل من المسلمين واطمع فيهم ثلة من الصهاينة الحاقدين.
يقول الإمام الخميني قدس سره: "لو اجتمعت هذه القدرة، أي قدرة المائة مليون عربي فان أمريكا لن تستطيع أن تفعل شيئاً"، ويقول أيضاً: "إن الاختلافات هي التي سببت وجود الصهاينة هنا وأتاحت لهم الفرصة لتثبيت أنفسهم".
3- الإتكال على الحكومات وانتظار مبادراتها وقراراتها وعدم المبادرة إلى اتخاذ ما يناسب الموقف، بل الاكتفاء بالأقوال دون الأفعال، يقول الإمام الخميني قدس سره: "إن الشعوب إذا ما توقعت أن تبادر هذه الحكومات إلى الوقوف بوجه إسرائيل والقوى الأخرى فإنها واهمة بذلك ".
كما يقول قدس سره أيضاً: "يجب أن أقول إن أعداء الإسلام كانوا رجال عمل لا كلام، والمسلمون كانوا رجال كلام لا عمل، فلو كان الأمر يخرج عن حدود الكلام لما عجز أكثر من مائة مليون عربي إلى هذه الدرجة عن مواجهة إسرائيل".