ساهم اكتشاف علمي مثير في ترسيخ المفاهيم المتعلقة بطبيعة الإنسان القديم وشكله الأصلي، بعدما قام علماء في جنوب أفريقيا برفع النقاب عن أقدم هيكل عظمي بشري متكامل في العالم.
"ليتل فوت" أول هيكل عظمي مكتمل في العالم
وفق التفاصيل التي ذكرها موقع "بي بي سي"، فقد أمضى العلماء حوالي 20 عاماً في عملية التنقيب واستخراج وتنظيف الهيكل العظمي من "كهوف ستيركفونتاين" وهي منطقة أثرية في جنوب أفريقيا تحتضن أهم الاكتشافات الأثرية في العالم.
وعرضت جامعة "جوهانسبرغ" الهيكل العظمي الذي أطلق العلماء عليه إسم "Little Foot" (القدم الصغيرة)، مرجحين أن يعود عمره لأكثر من 3,67 مليون سنة من دون إمكانية تحديد العمر الفعلي على وجه الدقة.
كانت عملية استخراج العظام من الكهف مهمة شاقة، نظراً لهشاشة العظام وطريقة دفنها في مادة تشبه الخرسانة الطبيعية.
وشدد رئيس فريق البحث العلمي البروفيسور "رون كلارك" على الدقة التي حرص الفريق على اتبعاها في البيئة المظلمة للكهف لمنع حصول أي ضرر في العظام: "استخدمنا أدوات صغيرة جداً كالإبرة، لذلك استغرق التنقيب وقتاً طويلاً"، مشبهاً عملية استخراج العظام باستخراج قطعة حلوى هشة من الخرسانة.
اكتشاف يساعدنا على فهم أصولنا
نوّه كلارك بأهمية هذا الاكتشاف قائلاً: "قد يكون ما اكتشفناه صغيراً، إنما هو مهم جداً، لأنه هو الطريقة التي بدأ منها كل شيء، فهذه العظام تساعدنا على فهم أصولنا".
وذكر موقع "ساينس ألرت" أن "Little Foot" تتمتع بـمواصفات بشرية، فمن خلال مقارنة مدى طول ساقيها بطول ذراعيها، اعتبر العلماء أنها بالشكل أقرب إلى البشر منها إلى القرود التي تمتلك أذرعاً طويلة وسيقاناً قصيرة. وقد أكد الفريق العلمي أن "Little Foot" هي أول هيكل عظمي يسمح بقيام مقارنة واضحة بين طول الأذرع وطول السيقان.
وبعد تحليل شكل وجهها وأسنانها وحوضها، تمكن العلماء من رسم المعالم العامة لهوية "Little Foot": أنثى قصيرة القامة (135 سم) تسير بشكل مستقيم وتواظب على النوم بين أغصان الأشجار، مرجّحين أنها لقيت حتفها بعد سقوطها بواسطة رمح في أحد الكهوف.
وقد توصل العلماء إلى حقيقة أن "Little Foot" كانت على قيد الحياة قبل حوالي 500000 سنة من وجود الهيكل العظمي البشري "لوسي" الذي عُثر عليه في أثيوبيا.
وعليه، يمكن القول إن كهوف جنوب أفريقيا تتحول يوماً بعد يوم إلى "كنوز" مهمة تساعد في عملية إعادة تشكيل فهمنا لكيفية تطور الأنواع البشرية، واكتشاف "Little Foot" قد يكون دليلاً واضحاً على أن أسلافنا القدامى كانوا منتشرين في أفريقيا، مهد البشرية.