إبحار في أروع الكلمات من شعر امير المؤمنين
(علي إبن أبي طالب )
عليه السلام
في كتمان الأسرار
إذا المـــرء أفشـى سـره بلســــــانـه ... ولام عليــــه غـــــيـره فهـو أحمـق
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه ...فصدر الذي يستودع السر أضيـق
في الأصدقاء
لا خير في ود امريء متلون ... إذا الريح مالت،مال حيث تميل
وما اكثر الإخوان حين تعدهم ... ولكنهـــــــــم في النائبات قليل
المشكلة فينا وليست في الزمان
نعيب زماننا والعيب فينا ... وما لزماننا عيب سوانا
ونهجو ذا الزمان بغير ذنب ... ولو نطق الزمان لنا هجانا
وليس الذئب يأكل لحم ذئب ... ويأكل بعضنا بعضا عيانا
في الدهر :
الدهر يومان ذا أمن وذا خطر... والعيش عيشان ذا صفو وذا كدر
أما ترى البحر تعلو فوقه جيفه ... وتستقر بإقصى قاعه الدرر
وفي السماء نجوم لا عداد لها ... وليس يكسف إلا الشمس والقمر
في حظوظ البشر :
تموت الأسود في الغابات جوعا ... ولحم الضأن تأكله الكلاب
وعبد قد ينام على حرير ... وذو الأنساب مفارشه التراب
الرئيس الحقيقي:
إن الفقيه هو الفقيه بفعله ... ليس الفقيه بنطقه ومقاله
وكذا الرئيس هو الرئيس بخلقه ... ليس الرئيس بقومه ورجاله
وكذا الغني هو الغني بحاله ... ليس الغني بملكه وبماله
الهموم والتوكل على الله:
سهرت أعين ونامت عيون ... في أمور تكون أو لا تكون
فادرأ الهم ما استطعت عن ... النفس فحملانك الهموم جنون
إن ربك كفاك بالأمس ما كان ... سيكفيك في غد ما يكون
الرزق :
توكلت في رزقي على الله خالقي ... وأيقنت أن الله لا شك رازقي
وما يك من رزق فليس يفوتني ... ولو كان في قاع البحار العوامق
سيأتي به الله العظيم بفضله... ولو لم يكن مني اللسان بناطق
ففي أي شيء تذهب حسرة ... وقد قسم الرحمن رزق الخلائق
وهذه هديتي للجميع
النفـــس تبكــي على الدنيا و قد علمـــت
أن السلامـــة فيهـا ترك ما فيـــــها
لا دار للمــرء بعد المـوت يسكنــــــهـــا
إلا التـــي كان قبـل المـوت يبنيـها
فمــن بنـــاها بخيــرٍ طـــاب مسكنـــــــه
و مـن بناهــا بشرٍ خــاب بانيــــها
أين الملــــــــوك التي كـانت مسلطنـــــةً
حتى سقاها بكأس المــوت ساقيـها
كــــم مـن مدائن في الآفـــاق قد بنيـــت
أمست خراباً و أفنى الموت أهليها
أفنــى القـرون و أفنى كــلّ ذي عمـــــر
كذلــك المـوت يفني كل ما فيــــها
والنّـاس كالحبِّ و الدنيا رحــىً نصبت
للعالمين و كـف المـوت يلهيـــــها
لا تركنــنَّ إلـــى الدنيــــا و مـــا فيـــــها
فـالموت لا شكّ يفنينـا و يفنيــــها
فــلا الإقامـة تنجي النفس مـن تلــــــــفٍ
و لا الفرار مِنَ الأحـداث ينجيـها
ننمــــــو و نـــــعقد آمــلاً نـسرُّ بـــــــــها
شريعة الموت تطوينا و تطويـها
فاغرس أصول التُّقى ما دُمتَ مقتــدراً
و اعلـم بأنَّك بعد الموت لاقيــــها
تجني الثّمار غداً فـي دارِ مَكْـــــــرُمَــةٍ
لا حدَّ فيـــــها ولا التَّكنيزَ يأتيـــها
من يشتري الدّار في الفردوس يعمرها
بركعــةٍ في ظـــلام اللّيل يخفيـــها
إنً المكـــــــارم أخـــــلاقٌ مطـــــــــــهّرةٌ
الدّين أولـــــها و الــعقـل ثانيــــــها
و العلـــم ثالثــــها و الحِلْـــــــمُ رابعـــــها
والجود خامسها و الفضل ساديـها
و الـــبِرُّ ســـــابعها و الشُّكـــر ثامنـــــها
و الصَّبر تاسعــها و اللّين باقيــها
اعمـل لـدار غـــداً رِضــــوانُ خازنــــها
الـجار أحمـد و الرحمن بانيــــــها
قصورهــا ذهــــبٌ و المســـك طنينتــها
و الـزعفرانُ حشيـشٌ نابـتٌ فيــها
أنــهارها لبنٌ محض و مـــــن عســـــــل
والخمرُ يجري رحيقاً في مآقيــها
و الطير تجري على الأغصان عاكفــةً
تُسبِّحُ اللـــــــه جهـراً في مغانيــها
فيالـها من كــراماتٍ إذا حصلـــت
ويا لاها مـن نفوسٍ سـوف تجنيـها
في اليأس
إذا اشتملتْ على اليأس القلوبُ
وَضَاْقَ بِمَا بِهِ الصَّدْرُ الرَّحِيْبُ
و أوطنت المكارهُ واستقرت
وَأَرْسَتْ فِي أَمَاكِنِهَا الخُطُوْبُ
و لم ترَ لانكشاف الضرِّ وجهاً
و لا أغنى بحيلته الأريبُ
أتاكَ على قنوطٍ منك غوثُ
يمنُّ به اللطيفُ المستجيبُ
و كلُّ الحادثاتِ اذا تناهتْ
فَمَوْصُولٌ بِهَا فَرَجٌ قَرْيَبُ