في أعقاب حركات "الدين الجديد" التي ظهرت في ستينيات القرن الماضي وما تبعها من حركات "الأديان الجديدة" الثانية في فترة السبعينات والثمانينات، انتشرت في الآونة الأخيرة حركة دينية جديدة تستوحي مفاهيمها من التراث الروحي القديم لليابان. حيث يقدم عالم الدين شيمادا هيرومي منظوراً تاريخياً لهذه الظاهرة الأخيرة.
باعتباري عالم مختص في الدراسات الدينية وصاحب كتابات متعلقة بالدين الياباني، أقوم بزيارات متكررة إلى أضرحة الشنتو والمعابد البوذية. وإنه من النادر جداً في هذه الأيام أن أذهب إلى أي مزار أو معبد دون الاصطدام بحشد من الزوار من الشباب الياباني. ولم يكن هذا الحال قائماً على الدوام. فمن وقتٍ ليس ببعيد، كانت زيارة المعابد أساساً من احدى هوايات المسنين ولكن في الوقت الحاضر لم يعد يتواجد الكثير من الزوار المسنين لكن هناك بالطبع لا تزال الحافلات السياحية لكبار السن متواجدة في أفنية المعابد والمزارات ولكن بصورة متفاوتة عند مقارنتها بالماضي. فالرواد الأكثر حماساً للمعابد البوذية وأضرحة الشنتو في الوقت الحاضر أضحوا بلا شك من الشباب.
وقد كان معبد ايسي الجليل في محافظة – مي – إحدى الوجهات الدينية الأكثر شعبية في العام الماضي (أي عام ٢٠١٣) حيث انتهى معبد ايسي من تجديداته التي تتم كل ٢٠ سنة وهي طقوس دينية مقدسة (shikinen sengū)، يتم فيها إعادة بناء هياكل المزار الرئيسية من الصفر كما يتم نقل الألوهية إلى ضريح جديد وقد زار عدد قياسي من الناس هذا المعبد عام ٢٠١٣، وكانوا حريصين جداً على حضور هذه المناسبة النادرة ورؤية المباني في حلتها الجديدة. وقد تم تسجيل ما مجموعه ١٤٫٣ مليون زائر للمزار الداخلي والخارجي في المعبد، وهذا رقم قياسي تجاوز الـ ١٣ مليون زائر الذي توقعه المراقبون.
ولعله من الجدير بالذكر بصفة خاصة انّ عدد الزوار الشباب لمعبد -ايسي- كان كبيراً وغَيّر مسبوق وكان هذا بالتأكيد هو الحال عندما قمت بأول زيارة للمعبد بعد الانتهاء من التجديدات قرب نهاية العام. وعلاوة على ذلك، كان الشباب هناك قد درسوا طقوس الشنتو بشكل جيد، مثل الانحناء عند المرور عبر بوابة توري سواء خلال الدخول أو الخروج. لقد اقترح سلوكهم وأداءهم بأن تواجدهم هناك ليس مجرد أمر فضولي. وكان لديّ نفس الانطباع عندما زرت مزار- كاميغامو- في كيوتو في مناسبة مماثلة قبل ثلاث سنوات. استعدادا للطقوس الدينية المقدسة (shikinen sengū) التي من المقرر إقامتها عام ٢٠١٥، وكان المعبد يعرض جولات خاصة للزوار تتيح لهم فرصة نادرة لمشاهدة الحرم الرئيسي عن قرب. وقُبيلَ إبداء الاحترام للضريح، كان أيضا يَتّمُ دعوتهم للاستماع إلى عرض من قبل الكاهن. وقد فوجئت حينها بالجمهور الذي غلب عليه الشباب حيث استمعوا إلى الكاهن باهتمام بالغ. ولربما لا استطيع ان أقول لكم بالضبط متى أصبحت المعابد والمزارات مقصداً للحشود تحت سن الـ ٢٥. فالأهم من ذلك، يبدو واضحا من أن هؤلاء الزوار الشباب حضروا هناك ليس لمجرد رؤية المعبد فحسب بل جاءوا للاتصال مع الالهة ايضاً.