بتــأريخ 1977/7/14 تخرجت من الكلية العسكرية العراقية الأولى وكان ترتيبي الأول على الدورة أنا واثنان من زملائي الضباط، وكما جرت العادة أن يرسل الثلاثة الأوائل على الكلية لأتمام دراستهم في أكاديمية ساندهيرست الملكية الحربية البريطانية تم ارسالنا بالفعل وعند وصولنا إلى مقر الأكاديمية كان رئيس الأكاديمية الجنرال ( كرايمر توم كلفين ) في استقبال الطلبة الجدد، وما أن وصل الينا حتى توجه الينا بالسؤال : هل انتم من العراق ؟؟
مع اننا كنا نعلق على صدرونا أيقونة العلم العراقي كباقي الطلاب كل يعلق علم بلده على صدره , فأجبناه:
نعم سيدي نحن من العراق
فبدا التجهم على وجه الرجل وصار يدقق في أسئلته من أي العشائر انتم ومن اي المدن، مما أثار استغرابنا حتى وصل إلى آخر سؤال : من منكم يحب الجنرال عبد الكريم قاسم ؟؟
فلم يجرؤ أحد منا على الرد بحبه كوننا منتمين إلى حزب البعث في ذلك الوقت ونخاف على أنفسنا وعوائلنا من ردة فعل الحكومة العراقية إذا ما أحيطت علما بأجوبتنا ...
وسارت أيام الدراسة وبقي في بالي أسئلة عدة أود طرحها على الجنرال ( كرايمر ) حتى أتى يوم التخرج وكان لنا لقاء معه كوننا حصلنا على المراتب الأولى الثلاثه في الأكاديمية فقد حصل ( جنيد محمد خضير الجبوري ) رحمه الله على عصا الأكاديمية الذهبية وأنا حصلت على سيف الأكاديمية أما ( عبدالستار محمد امين السبعاوي ) فق حصل على صولجان الأكاديمية، ولم تمنح أكاديمية ساندهيرست الصولجان منذ تأسيسها إلى يومنا هذا إلا أربع مرات وكانت لكل من ( تشيرشل، مونتغومري، آيزنهاور، ورومل ) والأخرين منحت لهم شرفية مع انهم كانوا أعداء لبريطانيا العظمى وبالأخص رومل الذي حارب البريطانيين لفترة طويلة، والمرة الخامسة كانت للضابط العراقي عبد الستار محمد أمين مما حدا بهم لتقديم عرض لنا نحن الثلاثة بالبقاء في انكلترا كضباط في الجيش البريطاني وبالطبع رفضنا نحن الثلاثة وفي أثناء لقائنا برئيس الأكاديمية توجهت له بالسؤال عن سبب سؤاله لنا عن الزعيم عبد الكريم قاسم فكان الجواب كالآتي:
"نحن كقادة في أكاديمية ساندهيرست حين يأتي الطلاب الجدد ننظر هل بينهم عراقي فأذا كان نعلم أن المرتبة الأولى في الدورة ذهبت للعراق وها انتم أتيتم وحصلتم على مراتب لم يحصل عليها احد قبلكم ... وأضاف، "في إحدى السنوات قدم إلى الأكاديمية تلميذ عراقي وتخرج بتفوق وكان عندنا سياق في الأكاديمية قبل التخرج يطلب فيه من كل تلميذ أن يقدم خطة عسكرية لطريقة احتلال عاصمته فما كان من الطالب العراقي إلا أن قدم خطته العسكرية وكتب عنوان لها ( أسهل خطة لأحتلال بغداد )، وحين قمنا بتدقيق الخطة وجدناها خطة لأحتلال لندن وليست بغداد وكانت خطة محكمة بدقة عالية لا يمكن أن يرسمها ويضع تفاصيلها إلا قائد بريطاني فارسلنا في طلب هذا التلميذ وسألناه ما هذا الذي قدمته؟
فأجاب وهل انا خائن او غبي لأقدم لكم خطة لأحتلال بلدي؟؟ ومنذ ذلك اليوم ونحن نتخوف من التلاميذ العراقيين"
وكان هذا الطالب هو عبد الكريم قاسم.