هي حركة روحانية اجتماعية يهودية نشأت في القرن السابع عشر. مؤسس الحسيدية الرئيسي هو رمبم وتلميذه ، الماجيد من مزريتش ، الذي بدوره نشر وعمم هذا في جميع أنحاء شرق أوروبا وتحولها إلى حركة كبيرة ومؤسسه. الفكر الحسيدي وخصوصاً في الأجيال الأولى تميزت بالدعوة إلى عبادة الرب وطاعته ومحبة إسرائيل واتباع الصالحين. وفي الأجيال الأخيرة تمتاز الحسيدية بشكل أساسي بوضع مزارات حسيدية مخصصة حول سلالات الحسيديم.الحاسيديمالفكر الحسيدي
- الكبالاه: تستمد الحسيدية روحها من الكبالاه وتنقلها إلى الشعب اليهودي، من خلال قيامها بعمل شعبية لهذه العقيدة. ونقلت الحسيدية مصطلحات الكبالاه وعباراتها، من توراة العالم والألوهية إلى توراة النفس والأنسان، وكانت الحكمة السائدة هي :"الكبالاه تصعد الإنسان إلى السماء (أي تعمل على الوصول إلى الخالق)، وتلك الحسيدية تنزل السماء إلى الإنسان". على سبيل المثال فيما يتعلق بالأدب-فإن في الكبالاه العلاقة إليها يكون فقط في إطار "الأدب الإلهي"أي ،القوى المتنوعة الخاصة بالله سبحانه وتعالي، والتي من خلالها يقود العالم. وفي الحسيدية تمر تلك المصطلحات بعملية تغيير هيئتها إلى داخل عالم الإنسان "مبشري السيطرة الإلهية" أي أن الأدب هو أيضا من ضمن القوى المختلفة الخاصة بالإنسان التي يعمل بواسطتها في العالم. ورؤية الحسيدية فيما يتعلق بالاله الموجود في كل مكان ولا يوجد مكان خالي منه، تستند إلى الكبالاه. والكبالاه حددت أن جميع الظواهر في العالم نابعة من انتشار الرب في العالم لكن الأمور تُدار بكهنوت معين، وهناك أمور أكثر روحانية وقداسة وهناك أمور أخرى أكثر مادية ودنيوية. في مقابل ذلك تحاول الحسيدية ايجاد ما هو إلهي في كل ظاهرة مادية، من خلال تجاهل الكهنوتية""الاله موجود أيضا في الامور الصغيرة". وزعمت الحسيدية أن العالم هو الهي، سواء من نظرية وحدة الموجود أو من نظرية الأكوسميزم، لذلك يجب أكتشاف الاله في العالم والكشف عنه.
- الإلتصاق
- : الغاية الروحانية العليا للحسيدي، هو أن يكون متصل بالرب في كل وقت. لذلك القصد هو إضافة مكان هام في عالم الحسيدية. أيضا الصلاة تضيف مكان مركزي، نتيجة أنه عبارة عن وسيلة هامة للإلتصاق. ووفقاً لوصفهم فإن إسرائيل وصل بصلاته للوضع النشوة الموصوفة كـ"تجرد مادي"،يقوم فيها الإنسان بتجريد نفسه من وعيه وادراكه العلنية، ويحاول الوصول لتجربة الالتصاق بالالوهية. وهناك حسيديات (خاصة حسيدية برسلاف) طورت فكرة العزلة، التي ينفصل فيها الإنسان عن المجتمع البشري لفترة من الزمن، وينعزل مع نفسه في أحضان الطبيعة، لكي يصل إلى الالتصاق.
- توراة الصديق: محورية الزعيم الروحاني. والأدمور (سيدي وامامي ومعلمي) هو "صديق أساس العالم"، وهو حلقة الوصل بين الله سبحانه وتعالي وبين الحسيديم. وعبره يمر كل الفيض والخبرات من السماء إلى أرواح الحسيدين. وكل حسيدي ملزم ومأمور بالإتصال مع ربه بصلة نفسية جزئية، بما يسمى الالتصاق بالصديق، ومن ثم الالتصاق من أجله بالرب. وهذا الالتصاق يحظى به حتى الحسيدي البسيط. وبوجه عام هذه العقيدة تستوجب أيضا الإنصياع للصديق واطاعته. وأيضا يقوم الزعيم بمنحه هبة مالية مقابل خدماته. في بداية الحسيديةكان الدور الأساسي للصديق هو نشر رسالة الحسيدية وتعليم مبادئها وأفكارها لكل من جاء للإنضمام إلى الحركة. لكن في فترة زعامة يعقوب يتسحاق هوروبيتس، الذي بدأ في العمل في بولندا حتى في أيام الرابي اليملخ مليجنسك، بدأت جماهير غفيرة في السفر إلى "الصديق" طلباً في علاجه وانقاذه. وهناك العديدون الذين عارضوا هذا الأسلوب، كان من بينهم أيضا تلميذه الرابي يعقوب يتسحاق مفشيسحا (الذي يلقبه الحسيدين باسم "اليهودي المقدس") بزعم أن مثل هذا التصرف سيحول الحسيدية لحركة صوفية وشعبية، وليس حركة فلسفية للصفوة.
- في عدد من الحسيديات (مثل ببرسلف)،تعاظمت أهمية الصدّيق وكان لازاماً على الحسيدين الإتصال به للتقرب من الرب. في مقابل ذلك كان الأدموريم مثل الرابي شنياور زلمان ملادي مؤسس حسيدية حباد يقللون من محورية الصديق وطلبوا من االحسيدين طلبات عالية.
- العناية الإلهية: النتيجة المباشرة الخاصة بنظرة الحسيدية لصفة الالوهية، هي أن كل ما يجري في العالم يتم بالعناية الإلهية. أي أن كل حدث وسيناريو يحدث في العالم ، مخطط ومراقب من قبل الرب. وبالفعل وجدنا بين الأوائل أراء مختلفة حول مستوى هذه "المتابعة"، هل هي من جنس البشر أم لا. لكن في شريعة إسرائيل ليس هناك مكان للشك: فكل أحداث العالم، بكل تفاصيلها، متابعة بشكل ذاتي ومقصود من قبل الرب.
- السعادة: هناك عامل أخر مرتبط بذلك وبفكرة الإلتصاق هو السعادة، لأن أساس مؤسسة الشريعة الحسيدية هو أن "الإلهية هي كل شيء" وعندما يتوغل يهودي في هذا الفكر، فلا مكان للحزن بداخله. وأيضا: الإنسان هو سعيد في أساسه، وعندما جاءت الحسيدية وشددت على كشف الطبيعة الداخلية للإنسان فإن النتيجة الطبيعية هي تفجر السعادة الكامنة في أعماق نفسه. ويبدو أنه لذلك يعتاد الحسيدي احتساء رشفة من الكونياك او المشروبات الكحولية، التي تساعد هي الأخرى في ازالة التوجهات "الخارجية" في نفس الإنسان، مما يؤدي فوراً إلى كشف مناطق أشد عمقاً في نفسه.
- العمل بالماديات: في روح أقوال إسرائيل في تشويه الزهد، وعلى ضوء وكبالاه اشكنازي رابي اسحق، الذي يرى في العالم المادي جزء من مصدر الهي، وينسب الحسيدين دور إيجابي للعوامل المادية في الحياة، التي يجب على الإنسان المغموس بها رفعها إلى قمة القداسة.
- تقديس إسرائيل: شددت الحسيدية على أن الاله موجود في جميع الخلائق استناداً إلى قول أشعيا :"ملئ مل الأرض بمجده". وعلى ضوء ذلك شدد أيضا على أن الاله موجود في كل البرية، لذلك يجب تقدير كل يهودي بسبب كونه يهودي، وكذلك أيضا الإنسان موجود في حب الشرور، لان بها أيضا أسس إلهيه، ومن السهل أن تم حب جميع البشر الغير أشرار. وزعماء الحسيدية كانوا يتجولون في البلدات لمقابلة عامة الشعب، وتشجيع روحهم وزادوا من مشاركاتهم الإجتماعية وحاولوا التخفيف من محن فقراء المجتمع. وزعمت الحسيدية أنه يجب إلغاء جميع التعريفات في المجتمع، وجميع الطبقات الإجتماعية والإقتصادية. وخرجت ضد تصنيف البشر وفقاً للثراء والثقافة، لأن هذا الأمر يخلق تباعداً وفوارقاً بين البشر. ففي الأشخاص البسطاء تكمن أحياناً سمات أفضل من الكبار والمثقفين (تجدر الإشارة إلى أن الحسيدية لا تمجد الفقر أو الجهل، لكنها تزعم أنه إذا لم يتمكن يهودي من التوصل لذلك، فهذا لا يعني أنه أقل من الآخرين ولا يحمل مضامين جيدة). ونفس الوقت فإن الحسيدية لا يمكنها إلغاء التفاوت الطبقي تماماً، فالمتبرعين يحظون بساعات توحد أكثر مع الصديق ، مثلما يتم في الجاليات التقليدية ولنفس الأسباب المتمثلة في الحاجة إلى حث الناس إلى التبرع لقيام الفناء والجالية.
- العلاقة بالخلاص: استمراراً لعلاقة الحسيدية باليهودي البسيط في الحياة اليومية، قربت الحسيدية مصلح الخلاص إلى حياته. فالخلاص تحول ليكون ليس فقط عام، بل خلاص الفرد أيضا-بخروجه من أزماته وقدرته على السعادة والتغلب على الفتن التقليدية. وظهر التغيير بعد المذابح الجماعية ضد اليهود في كل من أوكرانيا وبولندا وعلى خلفية الإحباط من مسحانية شبتاي تسيفي، والتي أبعدت عن يهود أوروبا الشرقية انتظار الخلاص.
- تهيئة الفرد على أن الخلاص من شأنه أن يعيد الأمل لحياة اليهود الصعبة في شرق أوروبا مما منح الأمل لليهودي البسيط.