كشف العلماء البريطانيون أن أذرع نساء العصر الحجري والبرونزي أقوى من عضلات بطلات التجديف على الماء وغيرها من الألعاب الأوليمبية في زمننا المعاصر.
ويشير العلماء البريطانيون في دراستهم التي نشرت في جورنال "Science Advances." إلى الدور المحوري للعمل البدني الشاق في حياة الجنس "الضعيف" في ذلك الزمن، و"نحن لا نستطيع أن نقول بالضبط ما كان تقوم به النساء، ولكن التاريخ والأنثروبولوجيا يقولان لنا أنهن على الأرجح كن يطحنّ الحبوب، وذلك باستخدام الرحى الحجرية" وفقا لما تقول الخبيرة أليسون ماكينتوش "Alison Macintosh" -من جامعة كامبريدج (بريطانيا)، مشيرة في ذات الوقت إلى أن نساء القبائل الحديثة من اللواتي بقين "عالقات" في العصر البدائي، يقضين ما بين 4-5 ساعات كل يوم في "ممارسة"هذا العمل.
وتقول ماكينتوش:تقليديا يعتقد الكثيرون اأنه بعد ظهور الحضارة لم تعد النساء تمارسن الأعمال البدنية الشاقة.
ولكن لدى مراقبة سلوك الشعوب البدائية في محيط الأمازون وإفريقيا سوف نرى أن الحال ليس كذلك، وأن دور الجنس "القوي" في تنفيذ الأعمال الشاقة والمرهقة يقع على كاهل النساء وليس الرجال هناك.
لقد عاينت الخبيرة البريطانية ماكينتوش وزملاؤها هذه الفكرة بطريقة غير عادية عبر دراسة الهيكل العظمي للمرأة التي عاشت على الأرض قبل حوالي 7 -7.5 آلاف سنة، وقارنوا ذلك مع عظام ربات البيوت البريطانيات وكذلك عضوات فريق جامعة كامبريدج للتجديف في المياه، واللواتي يتدربن كل يوم مرتين وطيلة الأسبوع على السباحة لمسافة 120كم.
ولاحظ الباحثون أن عظام الرجال والنساء تتغير باستمرار تحت تأثير النشاط البدني الذي يمارسونه بصورة متواصلة، مما يفسح المجال لمعرفة ماذا كان هذا الشخص يعمل أو لا، بل وحتى تقييم قوته البدنية، عبر مقارنة عظامه مع عظام هيكل عظمي مماثل من نفس الجنس.
وبعد أن درس العلماء عظم الفخذ والكتف للنساء القديمات، توصلوا إلى استنتاج مدهش. إذ تبين لهم أن قوة أذرع النساء القديمات أقوى على نحو الثلث مقارنة بقوة أذرع النساء البريطانيات المعاصرات، متجاوزات أيضا حتى قوة أذرع أعضاء فريق التجديف النسائي لجامعة كامبريدج، بنسبة تتراوح ما بين ال11-16%، والحال ذاته في قوة السيقان.
وبعد تلقي هذه النتيجة المفاجئة، أجرى الباحثون تجربة أخرى مماثلة، وهذه المرة درسوا قوة المرأة التي عاشت في العصر البرونزي، أي تقريبا قبل حوالي 3500 -4500 عام وتبين لهم أن قوة سيقانهن أقل بقليل من قوة سيقان "بطلات" العصر الحجري، ولكن بقيت أيديهن قوية على نفس النحو لدى سلفهن.
ويفترض الباحثون أن قوة أيدي نساء العصر البرونزي والحجري لا تكمن فقط في مهنة العمل السائدة والقائمة على طحن الحبوب يدويا بشكل دائم، بل لمشاركتهن "في العمل الزراعي إضافة إلى الأعمال المنزلية" كما ترى الخبيرة ماكينتوش التي توضح ذلك بخلاصة القول" قبل اختراع المحراث، كان المزارعون يضطرون إلى غرس بذور الحبوب يدويا، وحصد البساتين وجمع المحصول بأكمله. وكانت النساء تضطر لنقل المياه للماشية، وحلب الأبقار ومعالجة الحليب وطهي الطعام، ومعالجة الجلود لصنع الملابس منها، ونسج خيوط من الصوف. هذه النشاطات المتنوعة للنشاط البدني الذي كانت تمارسه النساء كان له ارتباطه المباشر مع التغيرات "الفوضوية" التي حصلت في الهيكل العظمي للمرأة، ولعل هذا ما يفسر لماذا لم يلاحظ أحد في وقت سابق هذه الخصائص المذهلة التي كانت لدى النساء القديمات" على حد ذكر الخبيرة البريطانية ماكينتوش.