بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
في تعاملنا مع الآخرين، باحترام متبادل ومشوق، حتى نستطيع أن نبني علاقتنا على أساس متين وواضح لا يشوبها الغموض والضبابية.
علينا أن نتجنب المزاجية مع الآخرين، فلا معنى أن أستقبلك يوما مبتسما ويوما عابسا، من غير أن يكون هناك سبب لذلك.
وعلينا أن نتجنب النظرة الفوقية للآخرين، فكلنا أبناء آدم، نعمل في خندق واحد، بأخلاق رياضية يسودها التعاون والتقدير والاحترام، الذي يساهم في رقي مجتمعنا وتطويره وتنميته بشكل صحي وحضاري.
فلا معنى للعمل الديني إن لم يقم على هذا الأساس المتين من الشفافية، الذي نتمنى بتعاوننا أن تتكاثر مشاريعه، قائمة على المحبة والمودة والأخلاق الإسلامية الراقية، التي هي في الحقيقة رصيد العمل الديني في جميع الميادين الاجتماعية والدينية.
قال الإمام الباقر (ع): ( إن أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا) وقال الإمام الصادق (ع): (ما يقدم المؤمن على الله تعالى بعمل بعد الفرائض، أحب إلى الله تعالى من أن يسع الناس بخلقه) وقال : (البر وحسن الخلق يعمران الديار ويزيدان في الأعمار).
لقد كان رسول الله (ص) القمة في الخلق الرفيع؛ لذلك ملك القلوب، واستحوذ على النفوس، ويكفينا ما ذكره أمير المؤمنين عنه (ص) حيث قال: (كان أجود الناس كفا، وأجرأ الناس صدرا، وأصدق الناس لهجة، وأوفاهم ذمة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة، من رآه بدية هابة، ومن خالطه فعرفه أحبه، لم أرى مثله قبله ولا بعده).
وعن أمير المؤمنين (ع) قال: ( إن يهوديا كان له على رسول الله (ص) دنانير، فتقاضاه، فقال له: يا يهودي ما عندي ما أعطيك، فقال: فإني لا أفارقك يا محمد حتى تقضيني، فقال: إذن أجلس معك، فجلس معه حتى صلى في ذالك الموضع الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والغداة، وكان أصحاب رسول الله يتهددونه ويتواعدونه، فنظر رسول الله إليهم وقال: ما الذي تصنعون به؟ فقالوا: يا رسول الله يهودي يحبسك؟ فقال: لم يبعثني ربي عز وجل بأن أظلم معاهدا ولا غيره، فلما علا النهار قال اليهودي: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وشطر مالي في سبيل الله، أما والله ما فعلت بك الذي فعلت، إلا لأنظر إلى نعتك في التورات، فإني قرأت نعتك في التورات، محمد بن عبد الله، مولده بمكة، ومهاجره بطيبة، وليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاب، ولا متزين بالفحش، ولا يقول الخنا…).
قال الحسن بن رجاء:
أحب مكارم الأخلاق جهدي وأكره أن أعيب وأن أعابا
وأصفح عن سباب الناس حلما وشر الناس من يهوى السبابا
ومن هاب الرجال تهيبوه ومن حقر الرجال فلن يهابا
ومن قضت الرجال له حقوقا ولم يقض الحقوق فما أصابا
لذا علينا أن نحذر من سوء الخلق، الذي هو انحراف نفساني بسبب انقباض الإنسان وغلظته وشراسته، لذالك خاطب الرحمن نبي الرحمة بقوله تعالى: {ولو كنت فظا غليظ القلب لا نفضوا من حولك}.