تكمن واحدة من المعوقات خلال العمليات الجراحية في أن الضمادة العادية لا تلتصق بسطح الأنسجة البيولوجية الرطبة. لكن معاينة بعض الرخويات اللزجة، كانت الشرارة التي شحذت مخيلة العلماء لإيجاد الحل.
فقد توصَّل علماء من "معهد وايس" في جامعة هارفارد الأمريكية إلى تطوير مادة لاصقة فائقة القوة، قابلة للاستعمال على الأنسجة البيولوجية حتى عندما تكون رطبة ومن دون أن تسبِّب أي تسمم.
مصدر الوحي لهذا الاختراق العلمي هو الرخوية اللزجة "أريون سابفوسكس". هذا النوع من الرخويات موجود في كل مكان تقريباً، يفرز سائلاً لزجاً قادراً على الالتصاق بالسطوح، حتى إذا كانت مغطاة بالماء. وتستخدم الرخوية هذه الميزة للبقاء ملتصقة بالمكان حتى لا يستطيع أي مفترس أن يقشرها منه. وقد نظر العلماء في هذه الظاهرة للكشف عن الخصائص التي تجعل الرخوية تلتصق هكذا بنجاح.
ويقول دونالد إينغبر المدير المؤسِّس لمعهد وايس: "لقد وجدت الطبيعة في كثير من الأحيان حلولاً أنيقة للمشكلات العادية؛ إنها مسألة معرفة أين ننظر، وتمييز الأفكار الجيدة عندما نرى واحدة". ويضيف، "إننا مندهشون كيف أن هذه التقنية المستوحاة من هذا الكائن المتواضع، ستتطوَّر إلى تقنية جديدة للإصلاح الجراحي والتئام الجروح".
تماماً مثل السائل اللزج لهذه الرخوية، يستخدم تصميم اللاصق الجديد ثلاث آليات: انجذاب كهربائي ساكن لسطوح الخلية المشحونة سلبياً، روابط تساهمية بين الذرات المتجاورة (تشارك بالإلكترونات بين الذرات)، وتنافذ فيزيائي (اختراق متبادل).
وأظهرت الاختبارات التجريبية أن هذه المواد التصقت على أنسجة الخنازير الجافة والرطبة – بما في ذلك الجلد والغضاريف والقلب والشريان والكبد – مع قوة لاصقة ثلاث مرات تقريباً أكبر من المواد الطبية اللاصقة الأخرى. وخلافاً لعديد من المواد الحالية، يمكن لهذه المادة أن تتغير لتناسب استعمالات أخرى.
ويقول أحد الباحثين العاملين على هذا المشروع: "هذه العائلة من المواد اللاصقة لديها تطبيقات واسعة النطاق، ويمكننا أن نصنعها من مواد قابلة للتحلل، فتزول بمجرد أن تكون قد خدمت غرضها. بل يمكن الجمع بين هذه التقنية مع تصاميم الروبوتات المرنة لصنع روبوت لزج".