بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
في علم الأخلاق هو الإنسان من حيث نفسه وروحه وبعبارة أخرى هو نفس الإنسان من حيث اتصافها بصفات مختلفة ،حسنة أو قبيحة ،وملكات كثيرة مذمومة أو ممدوحة .
والمتتبع للتاريخ الإسلامي وسيرة العظماء يجد أروع تلك المصاديق هي الأخلاق الفاضلة لدى النبي محمد صلى الله عليه واله ،فقد جسد الصفات الأخلاقية الفاضلة التي كان يبحث عنها كل إنسان يبحث عن المثل العليا التي قلما يجد لها تطبيقا خارجيا،وان وجدت بين طيات الكتب .
قرأت بعض الصفات الأخلاقية عند النبي ص فكنت أتسائل مع نفسي هل يعقل اننا نتبع هذا العظيم.....وهل أخذنا شيئا من أخلاقه الفاضلة ،وهو الذي اثر في كل الأمم التي تتذوق الأخلاق وتتعطش إليها ،فتجد أصحابه يصفونه بأنه كان دائم ابشر ،سهل الخلق ،لين الجانب ،ليس بفظ ولا صخاب ولا فحاش ولا عياب ولا مداح كان لايذم أحدا ولا يعيره ولا يطلب عورته ولا عثراته .....كل تلك الصفات تبكيني عندما أشاهد من يمثل الإسلام أو يدعي تمثيله يتهجم على الآخرين ويذمهم ويطلب عوراتهم وعثراتهم وفي النهاية يدعو الناس الى التخلق بأخلاق النبي (كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ) .
وقالوا إن من صفات المصطفى صلى الله عليه واله (كان إذا انتهى الى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك ويأمر بذلك ،ويعطي كل جلسائه نصيبه،ولا يحسب احدٌ من جلسائه إن أحدا أكرم عليه منه ، من جالسه صابره حتى يكون هو المنصرف عنه ،ومن سأله حاجة لم يرجع إلا بها أو بميسور من القول ،وقد وسع الناس منه خلقه وصار لهم أبا وصاروا عنده في الحق سواء ،مجلسه مجلس حلم وحياء وصدق وأمانة ،لا ترفع فيه الأصوات متعادلين متواصلين فيه بالتقوى ،منواضعين ،يوقرون الكبير ،ويرحمون الصغير ،ويؤثرون ذا الحاجة ،ويحفظون الغريب )فأين نحن من هذه السمات الأخلاقية العليا التي لو طُبقت لنلنا بها سعاة الدارين ...حيث نجد في تلك الصفات نظاما أخلاقيا للتعامل مع الناس .
قالو عنه :كان احكم الناس واحلمهم وأشجعهم وأعدلهم واعطفهم ،اسخى الناس لا يثبت عنده دينار ولا درهم ،فأن فضل ولم يجد من يعطيه ويجنه الليل لم يأو الى منزله حتى يتبرأ منه الى من يحتاج إليه ،ولا يُسأل شيئا إلا أعطاه ...(ما أكثر أموال المسلمين وما أكثر فقرائهم ومساكينهم )وكان يجلس على الأرض وينام عليها ويأكل عليها وكان يخصف النعل ورقع الثوب ويفتح الباب ويحلب الشاة ويقل البعير فيحلبها ويطحن مع الخادم إذا اعيى ويقبل الهدية ولو أنها جرعة لبن ويأكلها ولا يأكل الصدقة ولا يثبت بصره في وجه احد يغضب لربه ولا يغضب لنفسه وكان يعصب الحجر على بطنه من الجوع ،يأكل ما حضر ولا يرد ما وجد ،يشيع الجنائز ويعود المرضى في أقصى المدينة يجالس الفقراء ويؤاكل الفقراء ويناولهم بيده ويكرم أهل الفضل في أخلاقهم ويتألف مع أهل الشرف بالبر لهم ،يصل ذوي رحمه من غير أن يؤثرهم على غيرهم ألا بما أمر الله (هل نحن فاعلون)
قالوا عنه :لا يجفو على احد يقبل معذرة المعتذر إليه ،وكان أكثر الناس تبسما ما لم ينزل عليه القران وربما ضحك من غير قهقهة ،ولا يرتفع على عبيده وإمائه في مأكل ولا ملبس ،ما شتم أحدا بشتمة ولا لعن امرأة ولا خادما بلعنة ،ولا لاموا أحدا إلا قال :دعوه ،ولا يأتيه احد حرا أو عبدا أو امة إلا قام معه في حاجته ،ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يغفر ويصفح ،ويبدأ من لقيه بالسلام ،وكان لا يجلس إليه احد وهو يصلي إلا خفف صلاته واقبل عليه وقال ألك حاجة ؟
فهل تأسينا بنبينا في نظام أخلاقي يصلح لأرقى الدول والأنظمة الاجتماعية وبهذا النظام الأخلاقي الرائع نؤسس لمنظومة اجتماعية تقود الحياة وتؤثر في كل مفاصل المجتمع .
فنحن أحوج ما نكون الى أسس أخلاقية كتلك الأسس التي نادى بها النبي صلى الله عليه واله ,لكي نؤسس لدولة عصرية تؤمن بالرأي والرأي الآخر وتحترم الضعيف وتأخذ له حقه وتحاسب القوي وتأخذ منه حقوق الناس .....عند ذلك نصبح ممن يسمعون القول فيتبعون أحسنه ..
هي دعوة لمراجعة النفس والعودة الى حيث يكون محمد لا الى حيث تكون النفس الأمارة بالسوء .