في القرن الواحد والعشرين، وفي ظل كل التطورات التكنولوجية التي نعيشها، والأفلام المليئة بالتأثيرات البصرية والتي تكاد تخلو من مشاهد حقيقية في البيئة الحقيقة، أو حتى الاستديوهات المصممة خصيصًا للتصوير، فأغلب المشاهد في الأفلام إن لم يكن كلها باتت تصور في استديوهات فارغة، ثم يقوم المصممون بإضافة كل المؤثرات والخلفيات حسب الحاجة … وحتى برامج المسابقات بالنسخ المنوعة منها لم تعد تتعدّى حدود المسارح الجاهزة والمخصصة لها.
فهل تتخيل أن ترى الآن برنامجًا في الهواء الطلق؟ برنامجًا يعتمد على قدرة المشارك الحركية ونشاطه البدني، وليس على صوته الجميل أو شكله أو قدرته على استعراض مواهبه الفنية المتعددة … في الحقيقة نعم هذا ما ستراه على الشاشة قريبًا، ومن جديد سنعود لرؤية برنامج الحصن أو قلعة تاكيشي.
برنامج الحصن
الأشخاص من مواليد الثمانينات وما قبلها يعرفون تمامًا ما هو برنامج الحصن الياباني الذي عُرض على أغلب القنوات العربية، ويذكرون جيدًا اللباس التقليدي الذي كان يميز المدافعين، والطريقة التي كانوا يدافعون بها عن حصنهم ضد المهاجمين، الذين كانوا من الأشخاص العاديين لدرجة كبيرة حتى أنّك من خلال هذا البرنامج تقلب الموازين، وتتعاطف مع المهاجمين بدلًا من المدافعين !
يعتمد البرنامج على فريقين يتنافسان فيما بينهما على احتلال الحصن، أو قلعة تاكيشي المحصنة بالكثير من الأفخاخ، وعلى المهاجمين تجاوز تلك الأفخاخ والوصول للقلعة واحتلالها.
المهاجمون هم من المتسابقين العاديين الذين يرغبون أن يشاركوا في البرنامج، والمدافعون هم ممثلون من البرنامج نفسه يتميزون بلباسهم التقليدي الياباني، وسخريتهم المستمرة من المهاجمين … الألعاب كلها عبارة عن ألعاب حركية تعتمد على اللياقة البدنية العالية للمشارك التي تساعده على تجاوز خطوط الدفاع مثل: جسر الكرات المعلق في الهواء، والجسور العائمة على المياه التي قد تؤدي إلى وقوع المتسابق في المياه وخروجه من المسابقة، الجدار المنزلق المليء بالطين الذي يجب تسلقه للوصول إلى الحصن، منزل الزلزال الذي يهتز بشدة وعليك الثبات وعدم الوقوع فيه، الغرفة التي يختبئ فيها محارب الساموراي ويقوم بتلوين وجوه المهاجمين بالحبر ورميهم في الطين … وغيرها الكثير.
تبدأ المسابقة بمئات من المهاجمين وربما انتهت دون وصول أحد منهم إلى الحصن، وفوز المدافعين في البقاء في قلعتهم المنيعة، ويتابع مع المتسابقين ممثل ياباني كان يدعى السيد جونجي يقوم بدور الصحفي، وكان يقوم بدور مقدم البرنامج الممثل الياباني المشهور السيد هاياتو تاني، وكان المذيع اللبناني رياض شرارة يقوم بالأداء الصوتي له، وفيما بعد أصبح المذيع الفلسطيني جمال ريان.
برنامج الحصن يعود من جديد
بدأ عرض البرنامج عام 1986 واستمر على مدى ثلاثة أجزاء منه حتى 1990، والآن بعد سبع وعشرين سنة من آخر عرض له، وقع رئيس هيئة الرياضة السعودي في 24 نوفمبر تركي آل الشيخ مع شركة TBS اليابانية اتفاقية لبناء قلعة تاكيشي في الرياض بطراز عربي على مساحة 300 ألف متر مربع تحتوي على خمسين تحدي بين قديمة وجديدة، ويكتمل بناؤه وألعابه التي تأخذ طابع التحدي وعددها أكثر من 50 قديمة وجديدة أواخر العام المقبل 2018.
ستكون المشاركة مفتوحةً لفئات المجتمع العربي والمحلي، لكنها ستحمل الطابع السعودي والتراث العربي من خلال أزياء المدافعين فيها والمسابقات وطريقة بناء الحصن، وكانت الشركة المنتجة اليابانية تقوم ببناء القلعة في تايلاند ليتم تسجيل حلقاته وعرضها العام المقبل على إحدى القنوات البريطانية.
الجدير بالذكر أنّ بعض المتسابقين كانوا يقضون شهورًا في التدريب المكثف كي يكونوا مؤهلين لاجتياز هذه المراحل، ولا يدخلون المسابقة من باب التسلية وقضاء بعض الوقت الممتع فقط دون أي تحضير جسدي ونفسي لها.
اختلفت الأساليب والمضمون واحد
لا أعرف بالضبط كيف سيكون إقبال جيل الإلكترونيات والهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي على مثل هذا البرنامج، فحتى الرياضات التقليدية قد تقلصت مساحة الاهتمام بها كثيرًا في فئة المراهقين والشباب … وانحصر الاهتمام بأمرين اثنين: التكنولوجيا، والفن بأنواعه مثل: الغناء والتمثيل، وصار من النادر رؤية هذا النوع من البرامج التي شاعت في بداية التسعينات وقُدمت بجنسيات مختلفة مثل: ألعاب تيلي ماتش الألماني، وقلعة تاكيشي الياباني، وبرامج كثيرة كانت تعتمد على المسابقات الرياضية والبدنية للمتسابقين، وهاهو الآن يتم التحضير للنسخة العربية منه، فهل أنت على استعداد لتجرب حظك فيه؟