الموت ما قبل الأخير
لم أنو ِ الإطاحة بنفسي بهذه الطريقة البدائية ولا في نيتي الإفصاح عن موتي في هذا الوقت المبكر
الاّ ان تفسخ جثتي بهذه العفونة التي لاتطاق استفزت ْ بعض هواة الجثث بالتجمهر علي ّ
فأحاط بي جمع من المشيعين والمحللين النفسانيين والمشرفين التربويين
والأطباء البيطريين مستصحبين هدايا بسيطة عبارة عن باقات من السدر وكفن من القماش الأبيض الناصع
يبدو انه غير مستعمل إطلاقا ً ثم طلب مني الحضور ان اعترف لهم بموتي علنا ً وألحوّا بالأسئلة
الا اني لم أتخذ قراراً نهائيا ً بذلك والتزمت ُ الصمت ولم أتذكر ان أحدا ً بكى علي ّ باستثناء طفلي الأخير
الذي لم يتجاوز السابعة من عمره بعد ان استأذن مني بسرية بالغة ونال قسطا ً كافيا ً من البكاء حتى ظن البعض انه نسي ان يسكت .
بعد ان طال الانتظار وسئم الجميع أعلن هذا الولد العاق نيابة عني :-
شكرا ً لحضوركم .. أبي خولني رسميا ً باستلام الهدايا من سدر وكافور وأكفان فقد أجل موته ثمان وأربعون ساعة
قابلة للتجديد لعدم اكتمال فريق الدفن ومن المحتمل ان يأخذ معه هيكله العظمي ....
آسف لإزعاجكم
فنطازياتي رقم 10
للقاص سعدون البيضاني