نازك الملائكة
نازك صادق الملائكة
(بغداد 23 آب 1923- القاهرة 20 حزيران 2007)
نشأت في بيت علمٍ وأدب
في رعاية أمها الشاعرة سلمى عبد الرزاق أم نزار الملائكة
وأبيها الأديب الباحث صادق الملائكة ،
فتربَّت على الدعة وهُيئتْ لها أسباب الثقافة .
وما أن أكملتْ دراستها الثانوية
حتى انتقلت إلى دار المعلمين العالية وتخرجت فيها عام 1944 بدرجة امتياز ،
ثم توجهت إلى الولايات المتحدة الأمريكية
للاستزادة من معين اللغة الانكليزية وآدابها عام 1950
بالإضافة إلى آداب اللغة العربية التي أُجيزت فيها .
عملت أستاذة مساعدة في كلية التربية في جامعة البصرة .
تجيد من اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية واللاتينية ،
وتحمل شهادة الليسانس باللغة العربية من كلية التربية ببغداد ،
والماجستير في الأدب المقارن من جامعة وسكونس أميركا .
لها من الشعر المجموعات الشعرية التالية
عاشقة الليل صدر عام 1947.
شظايا ورماد صدر عام 1949 .
قرارة الموجة صدر عام 1957 .
شجرة القمر صدر عام 1965 .
مأساة الحياة وأغنية للإنسان صدر عام 1977 .
للصلاة والثورة صدر عام 1978 .
يغير ألوانه البحر طبع عدة مرات .
الأعمال الكاملة - مجلدان -عدة طبعات.
ولها من الكتب
قضايا الشعر المعاصر .
التجزيئية في المجتمع العربي .
الصومعة والشرفة الحمراء .
سيكولوجية الشعر .
نشرت ديوانها الأول " عاشقة الليل " في عام 1947 ،
وكانت تسود قصائدها مسحة من الحزن العميق
فكيفما اتجهنا في ديوان عاشقة الليل
لا نقع إلا على مأتم ، ولا نسمع إلا أنيناً وبكاءً ،
وأحياناً تفجعاً وعويلاً وهذا القول لمارون عبود
ثم نشرت ديوانها الثاني شظايا ورماد في عام 1949 ،
وثارت حوله ضجة عارمة كما قالت في قضايا الشعر المعاصر
وتنافست مع بدر شاكر السياب حول أسبقية كتابة الشعر الحر
وادعى كل منهما الاسبقية ، وانه أول من كتب الشعر الحر
ونجد نازك تقول في كتابها قضايا الشعر المعاصر
" كانت بداية حركة الشعر الحر سنة 1947
ومن العراق ، بل من بغداد نفسها ، زحفت هذه الحركة وامتدت
حتى غمرت الوطن العربي كله وكادت ، بسبب تطرف البعض
تجرف أساليب شعرنا العربي الأخرى جميعاً
وكانت أول قصيدة حرة الوزن تُنشر قصيدتي المعنونة " الكوليرا "
وهي من الوزن المتدارك ( الخبب) .
ويبدو أنها كانت متحمسة في قرارها هذا ث
م لم تلبث أن استدركت بعض ما وقعت فيه من أخطاء
في مقدمة الطبعة الخامسة من كتابها المذكور فقالت :
عام 1962 صدر كتابي هذا ، وفيه حكمتُ
أن الشعر الحر قد طلع من العراق
ومنه زحف إلى أقطار الوطن العربي ،
ولم أكن يوم أقررت هذا الحكم أدري أن هناك شعراً حراً قد نظم
في العالم العربي قبل سنة 1947 سنة نظمي لقصيدة (الكوليرا)
ثم فوجئت بعد ذلك بأن هناك قصائد حرة معدودة
قد ظهرت في المجلات الأدبية والكتب منذ سنة 1932 ،
وهو أمر عرفته من كتابات الباحثين والمعلقين
لأنني لم أقرأ بعد تلك القصائد في مصادرها
عاشقة الليل
يا ظلامَ الليــلِ يا طــاويَ أحزانِ القلوبِ
أُنْظُرِ الآنَ فهذا شَبَحٌ بادي الشُحـــــوبِ
جاء يَسْعَى ، تحتَ أستاركَ ، كالطيفِ الغريبِ
ليس يَعْنيهِ سُكونُ الليــلِ في الوادي الكئيبِ
هو ، يا ليلُ ، فتاةٌ شُهد الوادي سُـــرَاها
أقبلَ الليلُ عليهــا فأفاقتْ مُقْلتاهـــــا
ومَضتْ تستقبلُ الواديْ بألحــانِ أساهــا
ليتَ آفاقَكَ تــدري ما تُغنّــي شَفَتاهــا
آهِ يا ليلُ ويا ليتَــكَ تـدري ما مُنَاهـــا
جَنَّها الليلُ فأغرتها الدَيَاجــي والسكــونُ
وتَصَبَّاها جمالُ الصَمْــتِ ، والصَمْتُ فُتُونُ
فنَضتْ بُرْدَ نهارٍ لفّ مَسْــراهُ الحنيـــنُ
وسَرَتْ طيفاً حزيناً فإِذا الكــونُ حزيــنُ
فمن العودِ نشيجٌ ومن الليـــلِ أنيـــنُ
إِيهِ يا عاشقةَ الليلِ وواديـــهِ الأَغــنِّ
هوذا الليلُ صَدَى وحيٍ ورؤيـــا مُتَمنٍّ
تَضْحكُ الدُنْيا وما أنتِ سوى آهةِ حُــزْنِ
فخُذي العودَ عن العُشْبِ وضُمّيهِ وغنّــي
وصِفي ما في المساءِ الحُلْوِ من سِحْر وفنِّ
ما الذي ، شاعرةَ الحَيْرةِ ، يُغْري بالسماءِ ؟
أهي أحلامُ الصَبايا أم خيالُ الشعـــراء ؟
أم هو الإغرامُ بالمجهولِ أم ليلُ الشقــاءِ ؟
أم ترى الآفاقُ تَستهويكِ أم سِحْرُ الضيـاءِ ؟
عجباً شاعرةَ الصمْتِ وقيثارَ المســـاء
طيفُكِ الساري شحوبٌ وجلالٌ وغمـوضُ
لم يَزَلْ يَسْري خيالاً لَفَّه الليلُ العـريضُ
فهو يا عاشقةَ الظُلْمة أســـرارٌ تَفيضُ
آه يا شاعرتي لن يُرْحَمَ القلبُ المَهِيـضُ
فارجِعي لا تَسْألي البَرْق فما يدري الوميضُ
عَجَباً ، شاعرةَ الحَيْرةِ ، ما سـرُّ الذُهُولِ ؟
ما الذي ساقكِ طيفاً حالماً تحتَ النخيـلِ ؟
مُسْنَدَ الرأسِ الى الكفَينِ في الظلِّ الظليلِ
مُغْرَقاً في الفكر والأحزانِ والصمتِ الطويلِ
ذاهلاً عن فتنةِ الظُلْمة في الحقلِ الجميــلِ
أَنْصتي هذا صُراخُ الرعْدِ ، هذي العاصفاتُ
فارجِعي لن تُدْركي سرّاً طوتْهُ الكائنــاتُ
قد جَهِلْناهُ وضنَــتْ بخفايــاهُ الحيــاةُ
ليس يَدْري العاصـفُ المجنونُ شيئاً يا فتاةُ
فارحمي قلبَكِ ، لــن تَنْطِقُ هذي الظُلُماتُ