هذه الفتاة مصابة بالاكتئاب ....
انا اتابع ، رغم انني لا ادري هل هي محقة في مشاعرها تجاه مئزرها الابيض ام لا ...
لا عليك ...اكملي فقط ...نحن نواصل المسير معاً .
هذه الفتاة مصابة بالاكتئاب ....
انا اتابع ، رغم انني لا ادري هل هي محقة في مشاعرها تجاه مئزرها الابيض ام لا ...
لا عليك ...اكملي فقط ...نحن نواصل المسير معاً .
ههههههه لا أدري... انت الطبيبة ههههههه ولو هي تصنفني انا وانت في خانة واحدة باعتبار أن كلانا يرتدي المئزر الأبيض ههههههه
في المطبخ، كان والداها جالسين يرتشفان قهوة العصرونة، ما إن دخلت حتى التفت إليها والدها مبتهجا..
- كيف كان العمل اليوم؟!
- متخثر للغاية!!!!!
حركت أمها رأسها بقلق كأنها تتوجس خيفة من التالي... ولم يكن زوجها أقل منها قلقا، لكنه كما دائما يحاول أن يجعل الأمور تبدو أكثر انتعاشا و أكثر إيجابية
- الجو ماطر اليوم.. يبدو أنك عانيت في الوصول..
- كريم أوصلني بسيارة والدته...
- كريم شاب طيب..
- لنرى إن كان سيصمد...
كان جوابا معتاد منها، لكنه مازال يثير حفيظة والدها و القليل من الغضب المظهر و الكثير منه مضمر...
- اتمنى الا يفعل...
الجواب الذي صدم الرجل، هل تعني زوجته حقا ما تقول... هل تريد هذا فعلا لابنتها...
سحبت سناء نفسها إلى غرفتها، فإن كانت والدتها قد أباحت لها مرارا و تكرارا عن عدم رضاها بدخول ابنتها في تلك العائلة التي تصفها باللئيمة، فإن والدها تكون له المرة الأولى التي يعي فيها أن عائلته غير مرحب بها مطلقا من قبل زوجته، حتى لو تعلق الأمر بمستقبل ابنته البائسة.
سوف تبرر موقفها بجملة من الأحداث التي تصر على أنها حقائق... تصوغها في تساؤلات أو وسوسات..
لماذا انتظرت زوجة أخيك كل هذا الوقت حتى توظف سناء في المستشفى... مع كل النفوذ الذي لديها.. فقط لأنها لا تريد لابنتك أن تطأ قدمها المستشفى قبل كريم..
لماذا لم يدافع اخوك عن سناء حين طردت من الجامعة، ولما منعنا من اي احتجاج و جعلنا نؤمن أن ابنتنا مذنبة... لأنه دائما لم يتقبل أن تكون سناء أفضل من كريم...
فقط لم افهم لما فجأة يريدونها كنة، رغم كل ما تظهره لكريم من عنجهية و تكبر... فقط لا أفهم ذلك....
- انا ايضا لا أفهم ذلك.... انا لا احب كريم كخطيب، صحيح اني ابتعدت عن كون أقرب الناس إليه بعد أن تم طردي من الجامعة قبل أن نباشر السنة الدراسية الثانية... لكن لنا الكثير من الذكريات التي كنا فيها أخوة، سند و مسند.. ولكل واحد منا وظيفته في تلك العلاقة... انا سلمه للصعود في سلم الدراسة بأمان و هو سلمي لتجاوز المسافات بين المدرسة و الحياة بأمان...
كانت علاقتنا متكاملة... حتى..... اغمي علي
متابع
استلقت سناء و سرحت بصرها في ثرية الغرفة، تنظر إلى تلألئ الأنوار عبر بلوراتها، كان تنفسها شحيحا للغاية، كأنها تريد أن تعمق هدوء الغرفة، لقد مر أسبوعا كاملا في وظيفتها ، استمتعت حينا و حاربت المتعة احيانا، تخاف أن تتعلق بالوظيفة و تحبها، لا تريد أن يتعلق قلبها بأي شيء، التعلق، الحب العميق، دمرها و دمر مستقبلها قبل ست سنوات خلت، لن تسمح بحدوث ذلك مرة أخرى، ليس كأنه بيدها منح حدوث ذلك، و لكن الواقع انها تؤمن انها لن تتمكن من تحمل ذلك مرة أخرى، غير مستعدة للمواجهة، حين تصفعك الدنيا مرارا و تكرارا و تحرق كل حظوظك على ناصية الأمل، حينها تتوجس حين تخطوا لكنك لن تخاف من المحاولة مرة أخرى، سوف تعيش مرحلة تحدي، محاولة إكتشاف ماذا تخفي لك الحياة أيضا، ستنحني احيانا و تقف احيانا أخرى بصمود، كأنه الموت واحدة فلتكن مشرفة..... حين تكسرك الحياة قد تمنحك قوى أخرى، لكن حين تواجه نفسك، عدوك ماضيك، أفعالك، اختياراتك، حين تعجز عن الغفران لذاتك، حين تنظر إلى نفسك بالمرآة فلا ترى أكثر من لعنات تتلبسك يكون للمواجهة مغزى آخر ......
سناء لم تكن ترى ذلك حين تنظر إلى المرآة، بل حين ترتدي المئزر الأبيض....
مرحبا بكل المتابعين... المصرحين و المضمرين
محبتي بالتساوي
خرقت اختها هاجر سكون الغرفة، حين دخلت بصخب و ارتمت على السرير المقابل، و هي تقلب بهاتفها المحمول، ومع ذلك سناء لم تلتفت لها إلا حين شهقت الأخرى بأعلى صوتها وصاحب كمن ينتحب.... يا إلهي أرجوك لا تمتحني بهذا، لا يمكنني التحمل، لا يمكنني..
- ماذا بك؟!
- انظري.. انظري إلى المعطف الذي اشترته خولة.. انظري إليه على جسمها...
- جميل... وبعد؟!
- ثمنه.. هل تعرفين كم ثمنه؟! اللئيمة، لم أتوقع انه يمكنها شراؤه،.... لقد جربناه كلنا في المحل... جربناه كبؤساء يحاولون التظاهر انهم أثرياء... جربناه لنعيش اللحظة... لكنها المخادعة أخذته لنفسها... لا يمكنني تحمل ذلك،
- مالذي لن تتمكني من تحمله؟!
- أن أخرج معها وهي ترتدي هذا المعطف، سوف أبدوا كما لو أنها تعطف علي بصداقتها... لن اتحمل أن يبدو الفارق كبيرا بيننا..
- لا تكوني سطحية..
- لست كذلك.. انت لا تفهمين، ليس لديك أصدقاء أو صديقات، لهذا لا يمكنني أن تشعري بما أعانيه..
- إن حصل وكان عندي أصدقاء، فلن اختار صديقا قد أشعر معه بالضيق، و اراجع كل شيء لدرجة الملابس التي يرتديها أحدنا..
- انت لن تفهمي ابدا... الأفضل أن أجد شخصا آخر يواسيني، مادام لا أحد سيدفع لي لشراء مثل هذا المعطف..
كانت هاجر غاضبة للغاية من طريقة تفاعل سناء، و مستاءة و متألمة من عجزها عن شراء معطف كمعطف خولة... فخرجت من الغرفة تاركة سناء تكمل طقوسها بتأمل السقف و الثريا
جميل
احسنتي
اتمنااتمنا لكـ التميز
دقائق بعد ذلك... عادت هاجر إلى الغرفة، دخلت كما لو أنها تتسلل، حركات جسدها كانت تعكس ما ينتابها بشكل مريب، حاولت سناء عدم إبداء اي نوع من الاهتمام، حتى لا تقطع سلسلة أفكارها، وقفت هاجر أمامها، حجبت عنها أكثر السقف، اجبرتها على أن تحول نظرها إليها..
- ماذا تريدين؟!
- وهل تهتمين؟!!
كان أسلوبها بالحديث يعكس غضبها الشديد، غضب لم تفهم سناء دوافعه، فقامت من على سريرها ووضعت يدها على كف اختها
- مابك هاجر ما الذي يضايقك؟!
- عليك أن تكف عن فعل هذا... ارجوك هذا يكفي... هذا حقا لا يطاق.. ما تفعلينه يدمر هذه العائلة... يدمرنا جميعا..
- ماذا؟!
- لقد ذهبت إلى أمي و أبي، كنت أريد أن أعرف إن كان يمكنهما بوسيلة ما أن يدفعوا ثمن معطف كمعطف خولة... هل تعرفين ماذا وجدت؟! كيف كانا؟!!
- انت تخيفينني ماذا يحدث؟!
حاولت سناء أن تخرج من الغرفة، لكن هاجر امسكتها من يدها و اعادتها من جديد، وهي تخفت من صوتها
- سيقتلونني إن عرفوا أنني أخبرتك... حياة بائسة بوجودك احسن من الموت...
- مالذي تقولينه؟!! انا لا أفهم..
- حقا... اسبوع فقط قضيته في وظيفتك... وظيفة يتمناها الكثير، قد يدفعون رشاوى لأجل التعيين بها، و لكنك بكل بساطة تجلسين إلى مائدة الإفطار و انت تنظرين إلى كأسك الابله، ثم تخبرينهم انك تريدين ان تصبحي نجار..
- قلت أنني سأدخل دورة تعليم نجارة، لم أقل أنني سأصبح نجارا
- بالله عليك سناء... يكفي.. هذا يكفي... فطرت قلوبنا جميعا... كم شهادة عندك في ذلك الدرج... لابد انها تتجاوز عمري حتى... ارجوك كفى...
- مالذي يزعجك في ذلك، ثم ابي لم يعترض..
- ابي يخاف عليك... لهذا لا يصرح برأيه، لكنه يتآكل من الداخل... يتآكل بشدة... هو يعرف انك تريدين ان تتعلمي النجارة، لأن نجار الحي الجديد يرتدي نئزرا ابيضا.... سناء انت......
وتوقفت عند تلك الكلمة
عاشت ايدك ليديا يخبل قلمك