نظرت إلى السماء عبر نافذة المطبخ.. تحاول أن تتذكر ماذا قالت الأرصاد الجوية بخصوص الطقس هذا اليوم.... لتقرر إن كانت ستتحمل مشقة اخذ المظلة معها... لا فائدة، وعاء الذاكرة بمخها مخروق تماما...
عادت بنظرها إلى الطاولة حيث خبز و مربي و حليب، بسرعة أخذت كأس الحليب.. سكبته و فتحت الحنفية ليختفي كل أثره.. لماذا فعلت ذلك؟! لانها لا تحب أن تشرب الحليب.. لماذا لا تتركه و شأنه... لا تعرف.. لم تصل لتقرر ذلك بعد.. تشعر أنه قرار يحتاج إلى شجاعة كبيره.. يشبه أن ترفض الفتاة في المجتمعات التقليدية ان تتزوج إبن عمها المسمية عليه منذ ولادتها...
تفضل أن تفكر امها انها خرجت من البيت و بطنها مستند إلى كأس كبير من الحليب كامل الدسم...
عند الباب لبست جزمتها...
-" تبا.. . تمزق الخيط مرة أخرى.. لدي بديل لكني كنت ادخره لحين أغرق في كومة من الطين و احتاج الى رباط جديد كليا..."
لا مجال لتغيير الحذاء، لأنه الحذاء الوحيد المناسب لهذا الجو...
لماذا لا تحصل على حذاء جديد... ذلك قرار يشبه أن ترفض تلك الفتاة التي اخبرتكم عنها أن تتزوج من اي واحد من دمها و تقولها في الوجه...
بالمقابل يمكنها أن تتخذ القرارت الشريرة لمح البصر.. لهذا قررت اليوم الا تخرج القمامة معها...
نزلت السلالم.. كانت خيرة الكوسرجية تمسح السلالم... تتولى خدمة العمارات السبعة.. بعدها تجالس العجوز ربيعة الثرية الشمطاء بعد أن تخرج ابنتها للعمل... لهذا تبدأ عملها صباحا باكرا..
سلمت عليها كعادتها دون ابتسامة.... لماذا؟! لأنها لا تعرف وجوه المارين الا من أصواتهم... تكفى نبرة صوت حية لتجامل هذه السيدة... هل تهتم هي حتى؟!
وقفت منزوية عن المنتظرين... أتت الحافلة من بعيد.. تبدو كأنها كانت تدخن مئة سيجارة.. رائحتها الكريهة تلقى التحية على الجميع.. تجمع الناس و صعدوا.
-"أجيد التسلل للحصول على مقعد في الزاوية ... دائما يمكنني الاستماع إلى الحديث الخافت الذي يدور في المقعد الخلفي... أنصت باهتمام شديد وكانني معنية جدا... "
الحافلة مجانية... لهذا يمكنها أن تفتح النافذة حتى في عز الشتاء.. للحصول على بعض الهواء في أيام الحشر.. ودائما دوامها يحتم علها أن تعيشه مرتين في اليوم...
بعد ساعة توقفت الحافلة.. فرغت يعني وصلت يعني رح تنزل...
- هنا اعمل.... في هذا المستشفى البائس..
#يتبع