بعد 51 عاما.. التكنولوجيا تفض نزاع الإنجليز والألمان
تفتح القمة التي ستجمع المنتخبين الإنجليزي والألماني مساء اليوم في لندن الكثير من الملفات السابقة حتى ولو أقيمت تحت عنوان المواجهة الودية، فالتاريخ كان شاهداً على مجموعة من المواجهات المباشرة التي أثارت الكثير من الجدل بين العملاقيْن الأوروبيين. وتعود المباراة الأشهر بين الأسود الثلاثة والمانشافت إلى تاريخ 30 يوليو عام 1966، حيث فتح المنتخب الإنجليزي في ذلك اليوم طريقه نحو لقبه المونديالي الوحيد عبر الفوز على نظيره الألماني بنتيجة 4ـ2 في النهائي بعد التمديد، وبعد هدفٍ شهير ما زال يتناوله المؤرخون واللاعبون والإعلاميون حتى يومنا هذا، خاصة مع اعتماد تكنولوجيا الفيديو التي ستدعم الحكام اليوم في ملعب ويمبلي، والتي كان لها أن تغيّر مجريات الأمور قبل 51 عاماً إذا ما كانت حاضرة في ذلك النهائي التاريخي.
استضاف ملعب ويمبلي المباراة النهائية للمونديال الإنجليزي عام 1996، وانتهى وقتها الأصلي بتعادل صاحب الأرض مع المانشافت بهدفيْن لمثلهما بعدما نجح الألماني فولفجانج فيبير بإدراك التعادل في الدقيقة 89، لتذهب المباراة نحو الأشواط الإضافية التي كان فيها المنتخب الإنجليزي الطرف الأفضل. وبعد مرور 11 دقيقة على بداية الشوط الإضافي الأول، أطلق المهاجم الإنجليزي جيوف هورست تسديدة ارتطمت بعارضة الحارس هانز تيلكوفسكي، فتغيّر مجرى الكرة لتهبط على خط المرمى قبل أن ترتدّ إلى الدفاع الألماني الذي أبعد الخطر. وعحز الحكم السويسري جوتفريد دينست عن اتخاذ قرار حول ما إذا كانت الكرة قد تجاوزت بأكملها خط المرمى، فتوجّه نحو مساعده الأذري توفيق باهراموف، وتواصل معه بلغة الإشارة لعدم وجود لغة مشتركة بينهما، قبل أن يتخذ قراراً باحتساب الهدف الإنجليزي الثالث وسط اعتراضات ألمانية.
بعد نهاية المباراة واحتفال أصحاب الأرض باللقب المونديالي، ذكر المدافعون الألمان أن الكرة أحدثت غباراً من الطبشور الذي يرسم خط المرمى لدى ارتطامها بالأرض، الأمر الذي أكّد لهم هبوط الكرة في مكانٍ ما على خط المرمى وليس خلفه، ما يعني عدم تجاوز الكرة بأكملها لخط المرمى. وكان أحد المصورين الهواة قد التقط صورة من كاميرا ملونة لهذه اللقطة الشهيرة أثناء تواجده في مكانٍ متساوٍ مع خط المرمى الألماني، وقد أظهرت صورته عدم صحة الهدف الإنجليزي الحاسم بالنسبة للكثير من المعنيين. وأطلق الألمان على هذا الهدف لقب “هدف ويمبلي”، وهي عبارة تم استخدامها مراراً وتكراراً في مناسبات لاحقة عند وقوع حالات مشابهة، في الوقت الذي ذهب فيها معلقون وإعلاميون ألمان، ومن بينهم الكاتب في صحيفة “كيكر” روبرت بيكر، لاتهام باهراموف بالانحياز، خاصة أن المنتخب الألماني تكفّل بإقصاء المنتخب السوفياتي في الدور نصف النهائي، علماً أن أذربيجان كانت جزءاً من الإتحاد السوفيات في تلك الفترة.
وقام قسم الهندسة في جامعة أوكسفورد الإنجليزية خلال السنوات الماضية بتحضير دراسة متطورة عبر الكومبيوتر لتحديد الهدف، لكن النتائج أكّدت أن كرة هورست لم تعبر خط المرمى، وأنّها كانت على بعد 6 سنتيمترات إضافية حتى يصبح هدف الإنجليز شرعياً. وفتح الحكم الأذري توفيق باهراموف هذا الملف خلال المدونات التي كتبها قبل وفاته عام 1993، حيث تحدّث عن ظنّه بأن الكرة عادت إلى خط المرمى بعد دخولها للشباك الألمانية وليس بعد اصطدامها بالعارضة، وأنّه أبلغ الحكم الرئيسي بصحة الهدف على هذا الأساس.
تكرر “هدف ويمبلي” بصورة معاكسة في نهائيات كأس العالم عام 2010 خلال المواجهة التي جمعت ألمانيا وإنجلترا في الدور ثمن النهائي. وكان المنتخب الألماني متقدماً بهدفيْن لهدف قبل نهاية الشوط الأول عندما أطلق فرانك لامبارد تسديدة ارتطمت بعارضة الحارس مانويل نوير، حيث هبطت الكرة نحو أرضية الملعب وتجاوزت بأكملها خط المرمى الألماني بشكل واضح، لكن الحكم الأوروجوياني خورخي لاريوندا أمر باستئناف اللعب دون احتساب الهدف الإنجليزي. وعوضاً عن إدراك الإنجليز للتعادل قبل نهاية القسم الأول، ذهب المنتخب الألماني نحو تحقيق فوزٍ عريض عندما أضاف هدفيْن آخرين، ليعود إلى الذاكرة هدف جيوف هورست في لقطة تحوّل فيها جلاد الأمس إلى ضحية.
وتأتي تقنيات خط المرمى والفيديو لتفضّ هذا النزاع التاريخي المثير بين إنجلترا وألمانيا في ودية اليوم، حيث يعتبر الألمان أنّهم خسروا ذهبية كأس العالم عام 1966 بقرار غير دقيق من الحكم دينست، في الوقت الذي يرى فيه الإنجليز أن الحكم لاريوندا حرم فريقهم الذي عجّ بالنجوم عام 2010 من أمل العودة بنتيجة المباراة أمام المانشافت في مونديال جنوب إفريقيا.