من المشرفين القدامى
سَرمَديّة
تاريخ التسجيل: August-2014
الدولة: بغداد
الجنس: أنثى
المشاركات: 32,335 المواضيع: 2,167
صوتيات:
152
سوالف عراقية:
98
مزاجي: الحمدلله ، جيد
المهنة: legal
أكلتي المفضلة: دولمة
آخر نشاط: منذ 6 يوم
انتبه.. عادات تفعلها غالبًا مع طفلك ستصيبه بـ«متلازمة الطفل المتعجل»
هل تعمل ما تحب أم تكافح لتحب ما تعمل؟ الدراسة التي قضيت فيها سنوات طويلة من عمرك، هل حققت خلالها أحلامك أم آمال والديك فيك، والتي لم يحققوها بأنفسهم فقرروا أن تقوم بها بدلًا منهما؟ هل تشعر أن فترة طفولتك سُرقت منك بين خانات جدولك اليومي المزدحم بالحصص التعليمية والنشاطات الإجبارية التي اختارها والداك بدلًا منك أيضًا؟
إذا كانت الإجابة بنعم، وقد ترك ذلك أثرًا سلبيًا على شخصيتك، فعلى الأرجح أنت مُصاب بمتلازمة اسمها متلازمة الطفل المتعجل.
في القاموس الطبي الحر، معنى Hurried Child Syndrome أو متلازمة الطفل المتعجل: هي حالة نفسية تصيب الطفل، الذي يجدول والداه حياته جدولة مزدحمة، بغرض التعلم الأكاديمي المتعجل، وكأن الطفل أكبر من عمره الحقيقي، متجاهلين احتياج الطفل في تلك الفترة للحرية واللعب واكتشاف الحياة بعفوية.
ألقى الطبيب الأمريكي ديفيد إلكيند المتخصص في علم نفس الأطفال، الضوء – من خلال مؤلفاته – على تلك الظاهرة النفسية التي تصيب الأطفال الذين تعرضوا لضغط نفسي من الأهل والمؤسسات التعليمية؛ بغرض تحقيق إنجازات أكبر من قدراتهم في المرحلة العمرية التي يمرون بها.
إذا كنت تفعل أحد هذه الأشياء.. فطفلك معرض للإصابة بتلك المتلازمة
في مقال طبي له؛ أكد ديفيد أن كتابه «The Hurried up child» أو الطفل المتعجل؛ لم يكن الكشف الأول عن تلك الظاهرة، فهناك العديد من الكتب التي ناقشت نفس الضغوط التي يتعرض لها الطفل في عمر صغير، وما أنجزه في هذا الكتاب هو الإشارة الواضحة لتلك الظاهرة الموجودة بالفعل منذ عقود طويلة، ولكنها بدأت تنتشر بشكل مرضي بين أطفال عصر السرعة والتكنولوجيا.
Embed from Getty Images
حاول ديفيد إلكيند استهداف التربويين وأولياء الأمور وعلماء النفس، حتى يصدقوا أهمية وخطورة تلك الظاهرة، ولكنه لاحظ أن ردود الأفعال عادة ما تكون استنكارية، لأن هناك عادات انتشرت بين الآباء من أجل صناعة الطفل الخارق، هذا المفهوم الذي لم يعد قاصرًا على المجتمع الغربي، بل إنه غزا العالم العربي منذ سنوات، ومظاهره كالتالي:
- الآباء يريدون من أبنائهم تعلم كل شيء سريعًا، فتجد الطفل مطالبًا من أهله بحضور أكثر من تمرين رياضي يوميًا، دون التركيز على رياضة واحدة يحبها الطفل حتى يتقدم في تدريباتها.
- يضع الآباء للأبناء جدول حصص دراسية في المراكز التعليمية قبل المدرسة، والتي تُدرس مناهج لأعمار أكبر من الطفل الذي لم يتعد عمره السنوات الأربع، وهذا من أجل حمى تسجيل الأبناء في مدارس أجنبية، تلك الظاهرة التي انتشرت بقوة في العالم العربي.
- البشر يعشقون المنافسة، ولذلك تجد كل أب وأم يرون في طفلهم خيل سباق يريدونه أن يصل سريعًا إلى خط النهاية، دون التركيز على كل مرحلة في حياته، وتأسيسها على مهل وإتقان.
- دون رقابة الوالدين، يستخدم الطفل في سن صغيرة جدًا الهواتف الذكية، حيث العالم المفتوح المكتظ بالعوالم الافتراضية، وينشأ الطفل على الرغبة في بناء صورة مبهرة لنفسه في هذا العالم الافتراضي، حتى وإن لم تكن لها علاقة بواقعه، فهذا ما وجد عليه آباءه، ولذلك ينفصل الطفل عن اكتشاف ذاته الحقيقية وينغمس في سباق محموم لتحقيق ما يطلبه منه المجتمع والدعايات والواقع الافتراضي، ويركض وراء وهم تحقيق صورة الإنسان الخارق التي يُروج لها الآن باحترافية.
- عادة ما يلجأ الآباء لهذا الضغط النفسي على الطفل، من أجل الظهور والتباهي بقدرات أبنائهم، خاصة بعد أن أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي منصة لتصدير الإنجازات الشخصية للفرد، ومع كل خطوة يخطوها الطفل يجد عدسة الهواتف تلاحقه، وتطالبه بأن يكون على أفضل شكل حتى وإن كان هذا الشكل مزيفًا.
- مقارنة الطفل الدائمة بأحد أقاربه من أجل تحفيزه؛ هي من أخطر المسببات لظاهرة الطفل المتعجل، خاصة وإن كان الآباء يقارنونه بشخص يتفوق عليه في الدراسة النظرية، بينما الطفل قدراته الحقيقية تكمن في لعبة رياضية، أو موهبة فنية.
- بعض الأمهات المنفصلات عن أزواجهن، تضع ضغطًا نفسيًا على طفلها الذكر بأن يكون «رجل البيت» كما يشاع في المجتمعات العربية، فتسرق من الطفل طفولته وتضع فوق عبء الدراسة، عبء حماية الأم والشقيقة إذا وُجدت.
وأكد ديفيد أن نتيجة تلك الضغوط النفسية هي إصابة الطفل بمتلازمة الطفل المتعجل، فهل تفعل أحد هذه الأشياء مع طفلك؟
الأعراض المصاحبة.. هل ابنك مصاب بتلك المتلازمة؟
من أهم الأعراض النفسية التي تظهر على الطفل المصاب بمتلازمة التعجل، هي الإرهاق الدائم، والهالات السوداء حول العين، والشعور بالاكتئاب على الرغم من صِغر عمره، بالإضافة إلى القلق الدائم نظرًا لشعوره أن ما زال هناك الكثير لينجزه وإلا سيخذل والديه، وهو ما يجعله غير قادر على النوم، وعندما لا يحصل على قسط كافٍ ومريح من النوم؛ يتحول إلى طفل عصبي كثير البكاء.
Embed from Getty Images
بشكل غير واع؛ يحاول الطفل المتعجل معاقبة والديه على ما وصل إليه من حالة نفسية، ولذلك يتحول إلى طفل عنيد ومتمرد؛ رغبة منه في الهروب من تلك المتطلبات التي تفوق قدراته العمرية.
تلك الأعراض النفسية سيكون لها مردود جسدي، والأعراض الجسدية الأكثر شيوعًا في متلازمة الطفل المتعجل هي: آلام المعدة والإسهال والنشاط المفرط، والصداع وتشنج العضلات، وفي بعض الحالات المتطورة يصاب الطفل بالتبول اللاإرادي.
وإذا لم يُنقذ الطفل من هذه الدوامة النفسية والجسدية؛ تستمر معه الأعراض حتى سن المراهقة، ووقتها تزداد الفجوة بينه وبين والديه، ويتحول الطفل المشاغب العصبي، إلى مراهق متهور ومتمرد.
هل يقع الذنب في ظهور تلك المتلازمة على الآباء فقط؟
مسؤولية ظهور تلك المتلازمة لدى الأطفال – كما أكد ديفيد – لا تقع على عاتق الآباء فقط، بل إن هناك مساهمة كبيرة من المؤسسات التربوية والإعلام، فمعظم المدارس تريد أن تقنع الآباء أن المبالغ الضخمة التي دُفعت لتعليم الطفل لم تذهب هباءً؛ ولذلك يضعون الطفل تحت ضغط نفسي من أجل حفظ وتخزين أكبر كم من المعلومات دون الاهتمام بالتعلم المُجدي، والتركيز فقط على حل الاختبارات الشهرية ونصف الشهرية؛ وهذا يضع الطفل تحت ضغط نفسي متواصل، ويخلق منه طفلًا متعجلًا.
ودور الإعلام في ظهور هذه المتلازمة لدى الأطفال – كما أوضح ديفيد في كتابه – يبدأ حين لا يفرض الآباء قيودًا ورقابة على ما يشاهده أبناؤهم في التلفاز، وهذا يعرض الأطفال لمعلومات تفوق احتياجاتهم التنموية، مثل إعلانات التخسيس للنساء، والتي قد تتعرض لها طفلة في مرحلة التكوين الجسدي، وتحاول اتباع حمية غذائية حتى تصل لجسد العارضة التي ظهرت في الإعلان.
ولذلك من المهم أن يدرك أولياء الأمور أن أطفالهم محاصرون في جميع الأماكن بالعوامل التي تعجّل من طريقة تفكيرهم ونموهم.
كيف تحمي أطفالك من متلازمة الطفل المتعجل؟
إذا كنت تريد حماية طفلك من تلك الملازمة، فعليك اختيار بيت الرعاية الذي ستلحقه به قبل المدرسة، فبعضها يفرض على الطفل تعلم لغات أجنبية ومواد دراسية صُممت لأعمار أكبر من أعمارهم، من أجل تصدير صورة جيدة عن بيت الرعاية والحضانة، وتلبية لرغبة الوالدين في تحميل الأبناء فوق طاقتهم، ولذلك على الآباء – كما نصح ديفيد في أكثر من كتاب – اختيار بيت رعاية يعتمد على استخدام الألعاب التي تساعد الطفل على اكتشاف مواهبه وميوله العقلية والنفسية.
Embed from Getty Images
النصيحة الأخرى التي وجهها ديفيد إلكيند للآباء، هي عدم الخلط بين احتياجاتهم الشخصية واحتياجات أطفالهم، فالطفل غير مطالب بتحقيق أحلام آبائه المؤجلة أو التي فشلوا في تحقيقها.
على الوالدين بحسب ديفيد أن يمنحوا أطفالهم فرصة اختيار أحلامهم الخاصة، فلماذا يطلب الآباء من طفلهم المُحب للموسيقى؛ أن يتعلم أكثر من لغة، أو الإصرار على التفوق الدراسي للطفل الموهوب في إحدى الألعاب الرياضية، ولو ابنتك المراهقة تحب رقص الباليه ومتميزة في تدريباته، فلماذا ترغمها على الدراسة في إحدى الجامعات النظرية؟ وبالتالي لا يجب على الأب أن يُلحق ابنه قهرًا في دراسة الطب لأنه كان يحلم أن يصبح طبيبًا وفشل في ذلك، وكذلك الأم ليس عليها أن تجعل من ابنتها نسخة متطابقة منها وتحملها أعباء، رضيت هي – الأم – بتحملها عن طيب خاطر.
ومن المهم على الآباء إدراك طبيعة المرحلة العمرية التي يمر بها الطفل، وبناءً عليه لا يحملونه معلومات ومطالب يصعب عليه استيعابها، على سبيل المثال، إذا كان الأب والأم يمرون بتجربة انفصال أو طلاق، فمن الأفضل ألا يوضحوا الأمر لطفلهم إلا بعد وصوله للعام العاشر، لأنه قبل هذا العمر، سيكون استيعاب الأمر صعبًا على عقله ونفسيته.
اللعب ليس لهوًا.. الطفل يكتشف نفسه باللعب لا بالمذاكرة
كلما انشغل الطفل بتنفيذ تعليمات والديه، قلت قدرته على الإبداع *اقتباس من إحدى الدراساتالنفسية في جامعة كولورادو الأمريكية.
أثبتت تلك الدراسة أن الإجازات التي يحصل عليها الطفل من المؤسسة التعليمية، لا يجب أن يقضيها في التجهيز والمذاكرة للفصل الدراسي القادم، لأن هذا يحجم خياله وقدراته العقلية، وأكد القائمون على هذه الدراسة أن اللعب والوقت الحر الذي يقضيه الطفل في أحلام اليقظة، أهم بكثير من التعلم المنهجي لأن تلك الألعاب التي ينجذب لها الطفل؛ يمكن لها أن تكون مؤشرًا واضحًا للتخصص الدراسي الذي يمكن للطفل أن ينبغ فيه.
ولذلك على الآباء إدراك الأهمية الكبيرة لوقت اللعب للطفل، فهو ليس وقتًا ترفيهيًا، هو وقت يتعلم طفلك من خلاله التعاون مع أقرانه إذا كانت اللعبة جماعية، وتعلم الرحمة والمسؤولية إذا كان يلعب مع أحد حيوانات الأسرة الأليفة، وفهم الآخر عن طريق الألعاب المعلوماتية المسلية، والأهم: تعلم اكتشاف الذات والقدرات الإبداعية بداخله.