الكل يدرك مدى أهمية انتقاء الأصدقاء الأوفياء في جميع مراحل الحياة التي يمر بها الإنسان، وعادة ما تبدأ هذه العادة منذ مرحلة انضمام الأطفال لرياض الأطفال، يختار الطفل صديق ودود له يستلطفه، وعادة ما يكون لهذا الصديق أيضا صديق آخر وبسرعة تتسع تلك الصداقات لتشمل ربما خمسة أو ستة أطفال.
تسمى هذه المجموعة ( شلة) ترتاح لبعضها البعض وتحاول قدر المستطاع قضاء أطول فترة ممكنة في رفقة وألفة.
وفي بحث أعد حديثا بواسطة المعهد النفسي بجامعة تمبل الأميريكية جاء فيه:
نظرا لإدراك علماء النفس بزيادة ردود أفعال المراهقين حينما يكونوا في شلتهم، أكثر من ردود أفعالهم وكل واحد بمفرده حاول علماء النفس دراسة هذه الظاهرة بطريقة علمية، حيث رصدوا ردود أفعال مراهقين في شلة بواسطة أجهزة رنين مغناطيسي
ترصد تحركات وذبذبات ردود الأفعال الدماغية أثناء تواجدهم بمفردهم وأثناء تواجد شلة الأصدقاء.
رصدت الأجهزة ذات الرنين المغنطيسي ارتفاعا ملحوظا حينما يكون المراهقون متجمعين، بينما يقل مؤشر الرنين المغنطيسي حينما يكونون بمفردهم.
وهذا يوضح لنا لماذا يحاول المراهقون أن يثبتوا لأعضاء شلتهم إنهم يفعلون ما لا يستطيع فعله الآخرون من أعمال فكاهية مسلية أو مغامرات خارقه أو تقليد لبعض الأشخاص الفكاهيين.
كما يعمد البعض لفعل بعض الأعمال المشينة كخدش حياء البعض من أفراد المجتمع أو بعض الألعاب البهلوانية الخطيرة التي تجذب أنظار الناس إليه.
وقد عمد الباحثون خلال هذه الدراسة لاستخدام جهاز الرنين المغنطيسي لقرابة (40) مراهقا تتراوح أعمارهم ما بين (14-18) عاما، أتاحوا لهم ممارسة ألعاب الفيديو ورصدوا ردود أفعالهم أثناء ممارستهم لتلك الألعاب، فوجدوا أنه كلما كان عدد أفراد الشلة أقل كلما كان معدل ذبذبات الرنين المغنطيسي أقل أيضا، وكلما ازداد أفراد الشلة كلما كان معدله أكبر.
وأظهرت الدراسة أن إذا كان عددهم اثنين فإنهم يلعبون ما بين دور واحد أو اثنين، بينما إذا ازداد وكثر أفراد الشلة، فإنهم عادة ما يلعبون أدوارا متعددة، وبالتالي يزداد معدل محفزات ردود الفعل، ويرتفع مؤشر جهاز الرنين المغنطيسي.
وأبانت الدراسة بأنه يمكن الاستفادة من هذه النتائج بتحفيز المراهقين للتفوق الدراسي، إذا كان في الشلة طلاب متفوقون، بحيث يدرك أحدهم أن صديقه فلان قد نال درجات عالية في نتيجته الدراسية؛ مما يجعله يعزم علي الوصول لتلك المرتبة والتفوق عليه.
وأيضا دللت الدراسة على أن الكثير من شلل المراهقين عادة ما تسلك أسلوب المغامرة، ومحاولة إظهار بعض الحركات الخطيرة، وأظهرت الدراسة رصد معدلات كبيرة لمؤشر جهاز الرنين المغنطيسي.
وأضاف دكتور أستينبيرق أن كثيرا من الآباء يعتقدون أن سلوك ابنهم المراهق مثاليا، وأن كل تصرفاته كذلك، ولكنهم يفاجئون يوما ما بزيارة رجل الأمن، وطلب ابنهم في قضية منافية لقانون البلد أيا كان نوعها، ولها تأثير سلبي علي المجتمع، عندها يستنكرون هذا الخبر، ويعتقدون أن رجل الأمن مخطئا في ظنه، ولكنهم يفاجئوا بصحة الخبر المؤلم حينما يصاحبوا ابنهم المراهق للمخفر ويجدوا كل أفراد شلته بداخل ذلك المخفر.
ولقد نصح الدكتور إستينبيرق كل الآباء بضرورة التعرف على جميع أفراد الشلة ومراقبة ابنهم، وهو في صحبتهم ومعرفة أماكن تواجدهم، وكل ما يفعلونه في تحركاتهم اليومية وذلك عبر إخوانه الذين يكبرونه أو الذين يصغرونه أو عبر بعض أبناء الجيران.
وحينما يشعر الوالدان بخطورة الموقف الذي انغمس فيه مع تلك الشلة من أصدقائه، يجب عليهم محاولة نشله من هذه الشلة التي ربما تجعله مجرما في مستقبل أيامه.