أتسْتَطِيعُ الفتاة أن تنشغلَ بشيءٍ آخر، سوى الحديثِ عن الزواج وزوْجِها المُستقبلي.
هذا الفراغ الذي بداخلكِ, لن تملؤهُ تلكِ الحكايا، وذاكَ الشغفُ وهذا الاشتياق، بل على العكس, ستزدادُ هوجتُه
يومًا بعدَ يوم. وستتأجَّجُ العواطِفُ بداخلكِ، وتسكُنُكِ الهموم.
أليس لنا ربٌ يقولُ للأمر كنْ، فيكون.
ألم يقلْ سبحانه: "وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ"الذاريات.
نعمْ الزواجُ سنةٌ في الحياة, ووسيلةٌ لبلوغُ مرضاةِ الإله، ولكنَّ اتّخاذُه غايةً وجعلهُ حديثَ الليلِ والنَّهار،
والأمسِ واليومِ والغدْ، هُنا تكَونُ المصيبةُ والفتنة!
حيثُ انشغلنا بالرِّزقِ عن الرزَّاق، وعن عبادةِ الله وطاعته بخلقهْ!
وإن لم تكوني سعيدة وأنتِ عزباء، لن تكوني سعيدة وأنتِ متزوجة، فـ السعادة تأتي من الداخل، من حُبكِ لله والإيمان به،
السعادة لم تُربط يومًا بزوجٍ أو أبناء.
الزواج رزق من الله سبحانه وتعالى، قد يكتبُ الله للفتاةِ الزواج، وقد لا يكتب لها، وقد تتأخر في الزواج لسنوات، فلا تجعلي الزواج هاجسًا في حياتكِ، تتوقف عليه ثقتكِ بذاتكِ، أو سعادتكِ أو استقرارك النفسي.
ولا تربطي طاعتكِ لله تعالى بالزواج أيضًا، فقد تقول إحداكنّ أرتدي النقاب أو الحجاب بعدما أتزوج، أحفظ القرآن بعدما أتزوج!
فأنتِ تعبدين الله سبحانه لأجل رضاه، لا لأجلِ أحد.
أكملي مسيرتكِ في الحياة، ورسالتكِ التي خُلقتِ من أجلها، فإن رُزقتِ بالزوج الصالح كان عونًا لكِ على طاعة الله تعالى، وبلوغ رضوانه، وإن لم تُرزقي أو تأخر ذلك، فأنتِ تمضين في رحلة الحياة، والعوض والأجر والمثوبة من الله تعالى.
لذا طيبي خاطرًا يا حبيبة، واهنئي عيشًا، وقرِّي عينًا وفؤاداً. استثمري يومكِ، و حاضركِ تلكَ الدقائقَ والثواني التي بين يديكَ،
حتى لا تستيقظي يومًا، وتجدي أنّهُ قد ذبُلَتْ زهرَةُ شبابكِ، فلا رثاءَ حينها ينفع، ولا عزاءَ يُعيدُ ما مضى من العُمر.
عيشي في عبادةٍ وعِلمٍ وعَمَل، وكوني في زيادةٍ من الخيْرِ والإحسان.
وأحسني الظنَّ، وأقصري الأمل، وأقبلي على العمل، فأنتِ حاملةٌ لرسالةٍ سماوية، فكوني أنتِ كما هِي ذاتَ إرادةٍ سماوية.
وذاكَ الفؤادُ الحائرُ بينَ جنّبيكِ: «أسكنيه بحُبِّ ربِّك فحبُّه يدوم».