كانت هذه السماعة صديقتي طوال ثلاث سنوات, دفعت بها مايقارب ميتين وخمسين دولار وهي تساوي عندي أكثر, كانت حسن الرفيقة في كثير من السفرات والرحلات, ساعدتني كثيرا في إرتياد المكتبات العامة, في الإستمتاع في قطار الأنفاق بعيدا عن أصوات الإزعاج, كانت ملاذا آمنا لي إن كنت لا أود فعلياً سماع حكاوي الآخرين, أيضا كانت تطربني بصوت موسيقى عذب كونها تحجب عنك أي أصوات خارجية المصدر, ودرجة التشويش بها قليلة جداً جداً, بل تجعلك لاتسمتع أي شيء مما حولك.
في الطائرة كانت خيارا مناسبا للإبتعاد عن ضجيج المحركات أو صياح الأطفال, ومثلها ببقية الأماكن, كنت لو وضعتها مع مائة سماعة أخرى أستطيع تمييزها من رائحة العطور التي تشبعت بها وكذلك اهتمامي شبه اليومي بتنظيفها, كنت أحبها جدا وجدا وجدا, لانها تجعلني أستمتع بالحياة أكثر, وبشكل أعمق بعيدا عن اي توتر خارجي.
قبل فترة, ذهبت مع صديق لقضاء بعض الأمور له, ولكونه إحتاج بعضا من الوقت ليكون لوحده فضلت الذهاب لمكتبة عامة وجدتها بالصدفة, وضعت السماعات ثم إخترت مجموعة كوللكشن في اليوتيوب كنت إخترتها مسبقاً , ثم بدأت بالتصفح والقراءة والسماعات بأذنيّ, بعدها خرجت لقضاء حاجة النيوكيتين وعندما عدت لم أجدها : ( سائني الأمر جدا لأن السماعة أغلى علي من أن تسرق, حاولت مع أمينة المكتبة أن نجدها ولم ننجح, إنتظرت يوم يومين ثلاثة لعل من سرقها يعيدها ولا فائدة, بالأخير اتصلت بنادلة المكتب وقلت ضعي لوحة مكتوب عليها,” من سرق السماعات يرسل لنا عنوانه البريدي لنتمكن من ارسال شاحن البطارية" جلست تضحك وقالت تحلّ بالإيمان, الإيمان وحده هو مايجعل الأشياء تعود لنا ثم تأكد أن من سرقها سيعيدها لك , أنا متحلي بالإيمان بما يكفي لإعادة فلسطين, على قولتهم .