في زمن اختلط فيه الحابل بالنابل، وأصبحت كثير من الحقائق باهتة، بالكاد تميزها أو تراها، أصبح الأمر يوكل إلى غير أهله في كثير من الأعمال والتخصصات، بل والمناصب القيادية.
قد يكون ذلك لأن المرشح للمنصب القيادي ضُللت عليه بعض الحقائق عند الاختبار أو الترشيح، أو لمودة تجمع هذا الشخص به، فيتم الاختبار دون مراعاة لقواعد أو أنظمة أو كفايات أو أسس علمية.
هنا تظهر لنا مشكلة في المستقبل القريب أو العاجل، ألا وهي تخبُط هذا المرشح أو المكلف في قراراته واختياراته؛ لأنه لا يملك مقومات واُسس راسخة وثابتة، تؤهله لممارسة العمل، وتجعله أهلا للكرسي الذي يجلس عليه.
فتبدأ سلسلة من المداهنات والتفضيلات والمحاباة؛ ليغطي عجزه وليكسب عددا من المؤيدين من حوله، ليكونوا درعًا له يحميه من السقوط.
كما تظهر بعض القرارات العشوائية المتخبطة، والتي قد تؤدي إلى تندر (طقطقة) موظفيه عليه. وليس ببعيد أن تصل إلى مواقع التواصل الاجتماعي ليبدو سخطهم من قراراته وتصريحاته، ليتحول الأمر إلى صراع على البقاء والصمود على الكرسي ومحاولات لإثبات القوة.
وقد ورد في صحيح البخاري عن رفع الأمانة، حدثنا محمد بن سنان، حدثنا فليح بن سليمان، حدثنا هلال بن علي عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السّاعَةَ" قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "إِذَا أُسْنِدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ".
عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -يَقُولُ فِى بَيْتِى هَذَا: "اللَّهُمَّ مَنْ وَلِىَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِى شَيْئًا، فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِىَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِى شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ"(رواه مسلم).
إلى كل من ولي من أمر الناس شيئًأ، رفقا بأنفسكم من المسائلة أمام الله ـ تعالى ـولتكونوا على قدر الأمانة التي وكلت إليكم.