كثيراً ما نُسأل عن أعمارنا، و عندما نُسأل تكون الإجابة بطبيعة الحال:.. كذا من السنوات وهذا أمر طبيعي، وإجابة طبيعية كلها تلقائية.
لكن هل جرب الواحد منا أن يتمعن في السؤال؛ ليتمعن من بعد ذلك في الإجابة.
العمر لا يقاس بعدد السنوات التي يحياها الفرد، بقدر ما يقاس بحجم إنجازاته، و لا يُشترط في الإنجازات "العلنية والتشهير"، فهناك العديد من الإنجازات على المستوى الشخصي كنجاح الفرد في اكتساب صفة حسنة، وتخليه عن أخرى سيئة، أو اكتساب الفرد لمهارة تساعده في بناء شخصيته والارتقاء بذاته، وهذا لا يعني أن غير ذلك لا يُعدُ إنجازاً، بالعكس هناك درجات ومراتب ولا يجب علينا أن نقلل من شأن أي إنجاز نقوم به.
ولنتمكن من تحقيق الإنجازات بكافة مستوياتها: علينا أن ندرك وقتنا وعمرنا على وجه التحديد، فكل لحظة تمر علينا، إما أن نحقق فيها شيئاً يُذكر لصالحنا، أو نخسر في مقابلها شيئاً آخر ولا أحد منا يحب الخسارة.
دعونا نعيش في كنف هذا الحديث الجميل، الذي اختصر كثيراً من الكلام لوضوحه ودقته، قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "اغتنمْ خمسًا قبلَ خمسٍ: شبابَك قبل هَرَمِكَ، وصحَّتَكَ قبلَ سقمِكَ، وغناكَ قبل فقرِكَ، وفراغكَ قبل شُغلِكَ، وحياتكَ قبل موتِكَ"(رواه أحمد وابن أبي شيبة، والحاكم في المستدرك وصححه والبيقهي في شعب الإيمان عن ابن عباس، وصححه الألباني في صحيح الجامع).
في هذا الحديث يدعونا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم إلى اغتنام الحياة لأنها طريقنا للآخرة، ويجب على هذا الطريق أن يكلل بالنجاحات لنصل إلى النجاح الأعظم.
دعونا نعش تفاصيل يومنا دون أن نؤجلها ليوم أو حينٍ آخر، دعونا نفرح كأنه لا فرحة بعد تلك الفرحة ـ دامت الأفراح و السعادة في قلوبكم جميعاً ـ ، دعونا لا نخجل من لحظات حزننا ونعشها بصدق ولا نكبت بداخلنا أحزاناً تُقصّر أعمرانا الجميلة ـ لا أراكم الله مكروهاً ـ.
دعونا نعتبر حياتنا مساوية لأربع وعشرين ساعة، تتخللها واجبات والتزامات يجب تأديتها و هناك حقوق يجب أن نتمسك بها.
صل صلاتك كأنها الأخيرة، جالس أحبابك وعائلتك، صادق نفسك وأفرحها، لا تتكاسل وتؤجل وتسوّف، روّح عن نفسك، قابل من تتمنى لقائه، جرّب ولا تخف هي حياة مكونة من أربع وعشرين ساعة. لم تتكاسل.
دعني أخبرك أمراً ربما لم تفكر به من قبل، هل تعلم كم تساوي الحياة من لحظات؟ اسمع الإجابة التي اعتمدها كإحدى سياساتي في الحياة، هي معادلة يسيرة.
لو فرضنا أن الواحد منا يعيش نحو ستين عاما، استناداً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجاوز ذلك"(رواه الترمذي وحسنه الألباني)،
ولو اعتمدنا عمر السبعين كحالة دراسة تكون المعادلة كالتالي:
( سبعون عاما، في العام الواحد 365 يوما، في اليوم الواحد 24 ساعة ا، في الساعة 60 دقيقة، في الدقيقة 60ثانية، في الثانية بضع لحظات، فيكون بذلك مقدار عمر الإنسان "بضع لحظات").
الحكمة من السابق: كيف بنا نُضيّع بضع لحظات، ونتكاسل في اكتسابها وتجميلها؟؟ كيف بنا نُضيّع أعمارنا ونؤجل لحظات ولحظات ولحظات أخرى من أعمارنا، وتكون النتيجة ضياع عمرٍ بأكمله.
عزيزي القارئ: عش حياتك شاكراً راضياً حامداً تغنم، و تذكر "لا غد أفضل من اليوم؛ لذا لا تتكاسل فتخسر".