يمر الانسان بأوقات عصيبة، تجعله مجبرا على اتخاذ قرارات معينة، من الممكن أن تغير مسار حياته ومستقبله، ولذلك يفكر الشخص كثيراً قبل اتخاذ أي قرار، نظراً لما يترتب عليه هذا القرار من نتائج قد تبدو له جيدة أو سيئة. ولكن قد نسمع عبارات كثيرة، مثل: أنا لا أستطيع أخذ القرار. أو أنا لا أستطيع التفكير في القرار. أو أنا لا أستطيع تحمل نتائج اتخاذ هذا القرار، وهنا تكمن المشكلة لصاحبها ويقال عليه شخص متردد!!.
إذاً ما هو التردد؟ وكيف يتغلب عليه الشخص؟ هذا ما سوف نسرده في هذا المقال:
التردد صفة تلزم معظم الأشخاص، وقد تمنعهم من وصولهم إلى الهدف الذي يسعون وراءه، وهو عبارة عن: عدم استطاعة الشخص اتخاذ القرار الذي يتناسب مع موقفه، ولا يستطيع تحمل النتائج المترتبة على اتخاذ هذا القرار؛ لذلك يخذل الشخص نفسه ومن حوله في هذا الموقف.
تظهر بعض الأعراض على الشخص المتردد؛ فعند ظهور مشكلة ما، أو موقف معين، يحتاج فيه إلى أخذ قرار مناسب، يبدأ الشخص المتردد في تأجيل اتخاذ القرار، ومن ثم الهروب منه، ويبدأ في إهدار الوقت المسموح له في اتخاذ قراره، ويترتب على ذلك إهدار الفرص التي قد لا تتكرر مرة أخرى في حياته؛ لذلك يعاني دائماً الشخص المتردد من عدم استغلال الفرص.
من أسباب التردد:
- قد يرجع التردد إلى سبب ديني، وهو عدم التوكل على الله حق التوكل، فالمؤمن القوي هو من يفكر في القرار السليم، ويتوكل على الله كما قال الله تعالى في كتابه العزيز: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} آل عمران 159.
كما أمرنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـ في حديث أنس بن مالك: أنه جاء رجل إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلّم ـفقال: يا رسول الله أعقلها وأتوكل، يعني ناقته- فقال له رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ: "اعقِلها وتوكّل"(رواه الترمذي وغيره وحسنه الألباني).
- أو قد يرجع إلى سبب نفسي، أو اضطراب في شخصية المتردد، فهناك بعض الأشخاص تعاني من الخوف والحذر الزائد عن اللزوم من الفشل او الوقوع في الخطأ.
- أو قد يرجع إلى عدم ثقة الشخص المتردد في نفسه، وعدم تحمله مسؤولية ذاته بشكل كافٍ، يستطيع الإقدام به على اتخاذ أي قرار يتعلق به، أو قد نجد الشخص المتردد لا يستطيع التركيز على أهدافه، ولا يستطيع التفكير لبعض الوقت، عن ماذا يريد؟ وما النتائج التي سوف يحصل عليها، عند اتخاذ القرار بالرفض أو القبول بحسب ما يتناسب معه.
كيف يستطيع الشخص التغلب على التردد:
- قد يخسر الشخص المتردد أهم الفرص التي تأتي له خلال حياته، حين لا يستطيع استغلالها بالشكل السليم، وبالتالي قد لا يستطيع الوصول إلى أهدافه، وبهذا لا يستطيع الشخص التقدم في حياته بكافه تفاصيلها، ولذلك لابد أن يتخذ الخطوات السليمة والفعالة في الحد من هذه المشكلة والتغلب عليها ومن أهم هذه الخطوات:
1. التوكل على الله، والتفاؤل بالخير دائماً، فكل ما نتخذه من قرارات هو اجتهاد شخصي فقط، ولكن نتيجة هذا القرار تكون من عند الله تعالى، ودائماً قضاء الله هو الأفضل للشخص، ويجب على الشخص عدم الندم والرضا بما قسمه الله تعالى له.
2. وضع بعض الأهداف التي يتمنى الشخص الوصول إليها، وهذا يساعد الشخص في أخذ القرار المناسب للوصول لهذه الأهداف.
3. زيادة الثقة بالنفس، والتعود على تحمل مسؤولية الشخص لنفسه، والاعتماد على ذاته، حتى يستطيع أن يفكر جيداً في النتائج المترتبة على اتخاذ القرار.
4. الابتعاد عن الخوف من الفشل؛ حتى نستطيع أخذ القرار اللازم، والتعلم جيداً أن الفشل هو بداية النجاح و ليس آخر الحياة، فجميعنا يجب أن نتعلم من أخطاءنا وفشلنا في بعض الأمور، حتى نستطيع الوصول إلى أهدافنا.
5. دائماً ذكر نفسك بأنك شخص تستطيع أن تصل لأهدافك بكل الطرائق الصحيحة والممكنة أمامك، فهناك حكمة تقول: "القائد العظيم هو ذلك الشجاع الذي يتخذ القرار عندما يكون الجميع متردداً".
6. التفكير العميق في القرار، وما يترتب عليه من أضرار ومنافع، مع تحديد حجم هذه المنافع والأضرار، هذا يساعد في اتخاذ القرار.
7. تحمل مسؤولية هذا القرار أيا كانت النتائج، وعدم الهروب منه، فلا بد أن يأخذ الشخص قرارا بتحمل مسؤولية اتخاذه، سواء كان في صالح أهدافه أو ضدها، و يجب أن يحدد الشخص الوقت الكافي لاتخاذ القرار.
8. استشير بعض الأشخاص المقربين إليك، والذين من الممكن أن يساعدوك في اتخاذ القرار السليم، فهناك حكمة قالها نيل هولوي: ـ مدير إداري تنفيذي بشركة مايكروسوفت ـ "عندما أحتاج إلى اتخاذ قرار ما, فإنني أقضي الكثير جداً من الوقت في مجرد التنقل والتحدث إلى أشخاص أذكياء".
- الحياة مليئة بالفرص التي قد توصلك إلى تحقيق أكثر مما تتمنى الوصول إليه؛ لذلك لا تضيع هذه الفرص من خلال التردد أو إهدار الوقت في التفكير دون جدوى، فكر دائماً أنه لديك أهداف، تستطيع الوصول إليها بالتفكير السليم، واتخاذ القرار المناسب، وأيا كان قرارك أو كانت النتيجة لابد من تقبلها بصدر رحب، ولا تهدر وقتك في الحزن أو الاكتئاب الذي قد يصيبك، عندما تجد أهدافك لا تتحقق، "فربما تكون أهدافك في الطريق للوصول إليك، ولكن لابد من الفشل حتى تفكر جيداً في الطريق إلي النجاح".