تكاد لا تخلو "حياة زوجية" من المشكلات والعثرات، ورغم أن الأمر طبيعي تمر به كل الأسر مع التفاوت في نوع وحجم هذه المشاكل إلا أن تذمر الزوجين وسوء تعاملهم، أو تجاهلهم لهذه المشاكل دون حل، قد يجعل الحياة الزوجية والأسرية جحيما لا يطاق.
ينصح المختصون عند وجود خلافات زوجية، بتنوُّيع الآراء والمواقف؛ كي يتحول هذا الخلاف إلى أرضية خصبة وصالحة لبدء نقاش بنّاء وفعّال بين الزوجين، على أن يصاحب هذا النقاش عملية إقناع متبادل وتلاقي في الفكر، ومحاولة لفهم الطرف الأخر أكثر فأكثر، ومع نصائح عدة يقدمها أهل العلم والدين نكون أمام فرصة حقيقية لتطوير العلاقة بين الزوجين وتقويتها من خلال الحوار والنقاش المباشر، حيث يعد الحوار الراقي والإفصاح عن المشاكل بطريقة صحيحة، وخضوع النقاش للمعايير والضوابط الدينية والتربوية أهم آليات حل المشاكل الزوجية.
وبهدف إيجاد الحلول المناسبة والصحيحة للخلافات التي يمكن أن تطرأ على الحياة الزوجية تحاور "لها أون لاين" المرشدة النفسية والاجتماعية رجاء شامية؛ للوقوف على الآلية التي يجب أن نواجه فيها المشاكل الزوجية.
- ما أكثر المشاكل التي تهدد حياتنا الزوجية الآن؟
تبدأ المشاكل الزوجية بعدم المعرفة الدقيقة للمسؤوليات الزوجية في البيت، أو تراخي أحد الزوجين عن أداء دوره، أو عدم الاكتراث بأدائه، وكذلك اختلاف الطباع، وعدم إدراك توابع هذا الاختلاف بين الزوجين وأنه طبيعي.
كما أن لتقصير الزوجة في دورها كزوجة وأم وربة منزل، مساحة في هذه المشكلات، وهناك مشاكل سببها شخصية أحد الزوجين أو كليهما، مثل أن تكون صفاتهم تتسم بعدم الاحترام للآخر، و الشك والاستغلال والالتصاق أو التعلق الزائد بالشريك.
كما أن للمشاكل سببا ماليا أو أسباب مادية، فمع تفاقم متطلبات الحياة المادية هناك مشاكل مالية، كمصروف البيت الذي يتصدر قائمة المشاكل الزوجية في وقتنا الحالي، حيث الصراع حول من يدير ميزانية البيت، ويتولى المهام المادية.
- نريد أن نعرف دور الزوجة والزوج في إصلاح بيوتهم، ما المطلوب من كل منهم؟
دور كل من الزوجة والزوج مهم للغاية في إصلاح البيوت، ويكون ذلك من خلال التفاهم والحوار في كل تفاصيل حياتهم، وعدم التسرع في إصدار الأحكام السريعة، والتي غالبا ما تكون تحمل جانبا من العدوانية في تعامل كل من الزوجة والزوج مع أبنائهم . ودائما على الزوج والزوجة اختيار المصلحة الفضلى لهما ولأبنائهما، حتى ولو كانت على حساب راحتهما.
للحوار والتفاهم أهمية بالغة في الحياة الزوجية، وفي مواجهة أعبائها، فإذا اتبع أسلوب الحوار والتفاهم بين الزوجين تجاوزوا الكثير من المشاكل العالقة بينهم.
- هناك استطلاع رأي قام به مركز الأبحاث Pew بين أن الإنترنت و الهواتف الذكية سبباً للمشاكل الزوجية، ما تعقيبك؟
طبعا كلما زاد التقدم التكنولوجي والحياة العصرية، زادت الحياة العادية التي نعيشها تعقيدا، فوسائل التكنولوجيا الحديثة من الانترنت وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي فتحت آفاقا جديدة للمشاكل الزوجية، حيث انشغل الزوجان بها وأعطيها الكثير من الوقت والاهتمام على حساب حياتهم الزوجية، كما أنها انعكست على الأبناء نوعا ما، بالتالي تزيد من تعقيد متطلبات الأبناء، وهذا ما يزيد الأعباء على كاهل الأهل، وبالتالي تتفاقم المشاكل بين الأبناء والأهل، بالإضافة للمشاكل النفسية والسلوكية التي قد يصاب بها الأبناء، نتيجة هذا التقدم والحياة العصرية التي لا تتواءم مع طبيعة الحياة التي نعيشها.
- هل يمكن الاستعانة بمختص أو مرشد لحل مشاكلنا الزوجية، ومتى؟
طبعا من المؤكد أهمية الاستعانة بمختص نفسي لتقديم الاستشارات النفسية لنا في كيفية التعامل مع أزواجنا وأبنائنا، وكذلك كيفية تواصل الزوجين مع بعضهم البعض، وكيفية تعاملهم مع مشاكل أبنائهم ومحاولة السيطرة عليها والحد منها.
- ما النصائح التي ممكن أن نقدمها لإصلاح البيوت؟
من أهم النصائح التي أقدمها للأهل لإصلاح بيوتهم، هو الاستناد إلى الدين الإسلامي في كل مناحي الحياة؛ لأن ديننا الحنيف هو المرجع الأساسي لتقويم حياتنا، عند حدوث مشكلة علينا انتظار الوقت المناسب للحوار، مع اختيار الأسلوب المناسب، أي امتصاص الغضب المؤقت لتفادي المزيد من المواجهة.
وعلى الطرف المخطأ أن يبادر في الاعتذار، كون الاعتذار يمحو الضغينة بين الزوجين.
مع الحرص على أهمية أن لا تخرج المشكلة للآخرين.
وأنصح أيضا بالصراحة والوضوح في التعامل مع الموقف، وأن لا يستهين طرف بالآخر.
واستنكر دائما مهاجمة طرف للآخر بغض النظر عن من المخطئ، فالمودة والرحمة التي تجمع بين الزوجين يجب أن تعني أنه مجرد اختلاف وليس صراعا.
كما أنصح بتنشئة أطفالهم تنشئة سليمة؛ حتى يستطيع الأهل السيطرة على تصرفات أبنائهم، وخاصة في ظل هذا الوضع الذي نحياه من حياة عصرية وتقدم تكنولوجي خطير. فمحاولة التقرب من الأبناء ومعرفة ما يجول بخاطرهم، وذلك من خلال العلاقة الصديقة بينهم وبين أبنائهم القائمة على الحوار والتفاهم.
- ما أهمية التغاضي لحد ما عن أخطاء طرف من أجل استمرار الحياة؟
فعلا على الزوجين التغاضي عن ملاحقة ومتابعة كل عثرة أو تقصير من قبل طرف للآخر؛ فالحياة متعبة وتعكس تفاصيلها على علاقة الإنسان مع الآخر. هذا التغاضي المحدود يجعل البيت مفعما بالحب والطمأنينة، و يشعر أفراد الأسرة أنهم ينعمون بالاستقرار داخل المنزل الذي يعيشون فيه.
لكن هذا التغاضي يجب أن يتم التميز بينه وبين المواقف مع الأبناء أو الأزواج التي تحتاج لعلاج أو مواجهة، فهناك مواقف خطيرة يجب عدم إغفالها أو التغاضي عنها، لأن تكرارها يسبب الكثير من المشاكل بينهم.