مكوك الفضاء
خلال خمسينيات وستينيات القرن العشرين، عمل الباحثون في مجال الطيران على إنشاء طائرات صاروخية مجنحة. وكان المؤيدون لبناء الطائرات الفضائية المجنحة يرون أن مثل هذه المركبات يمكنها الهبوط على المهابط الجوية العادية. فإضافة الأجنحة إلى المركبة الفضائية يزيد وزنها، ولكن الأجنحة تجعل عملية الهبوط أسهل بكثير، وأقل تكلفة، من الهبوط على الماء، وذلك لأن الأخير يتطلب عددًا كبيرًا من السفن والطائرات، بالإضافة إلى أن الماء المالح يحطم المركبة الفضائية بدرجة تجعلها غير قابلة للإصلاح.
بدأت ناسا تصميم مكوك فضائي قابل لإعادة الاستخدام أثناء العمل على برنامج أبولو. وفي عام 1972م، وقع الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون على أمر تنفيذي قضى بالبدء رسميًا في برنامج المكوك الفضائي. وقد صممت المكوكات الفضائية بحيث تقلع منفجرة مثل الصواريخ وتهبط مثل الطائرات، وبحيث يمكنها نقل ما لايقل عن 100 بعثة.
لمحة تاريخية عن مكوك الفضاء
في عام 1977م أجرت ناسا عددًا من الطلعات الاختبارية لأول مكوك فضائي. وقد زود المكوك، الذي أطلق عليه اسم انتربرايز، بنفاث جامبو 747، معدّل، وقد حمل المدور إلى الجو وعاد به عدة مرات، وأطلقه في الجو عدة مرات. وفي الطلعات الاختبارية الحرة الأولى اختبر الرائدان فريد هايز الأصغر وجوردون فوليرتون إمكانيات هبوط المركبة، وتلت ذلك عدة طلعات اختبارية أخرى.
بدأت أول بعثة لمكوك فضائي في 12 أبريل 1981م. ففي ذلك اليوم أطلق المكوك كولومبيا، وعلى متنه الرائدان جون يونج وروبرت كريبن. ومضت الرحلة، التي استغرقت 54 يومًا، دون أي صعوبات. وبعد ذلك بسبعة أشهر قامت المركبة برحلة مدارية أخرى، مؤكدة أن المركبات الفضائية يمكن أن تستخدم مرات عديدة.
وقد حملت كل رحلة من الرحلات المكوكية الأربعة الأولى ملاحَين فقط، ولكن عدد الطاقم ازداد بسرعة إلى أربعة، وفيما بعد إلى سبعة وثمانية، حيث اشتمل طاقم المكوك، بجانب الملاحين على اختصاصيي البعثة (خبراء تشغيل المكوك)، واختصاصيي الحمل الصافي (خبراء البحث العلمي).
وقد فتحت السعة الكبيرة لمدور مكوك الفضاء إمكانية إدخال ركاب آخرين إلى جانب الرواد والعلماء، وشمل هؤلاء الركاب ممثلي الشركات صاحبة الأقمار الاصطناعية التي تود نقلها للفضاء وأعضاء الكونجرس الأمريكي. وفي عام 1984م، صممت ناسا برنامج "مشاركة فضائية" خاصة، لفتح مجال ارتياد الفضاء أمام الأمريكيين، وأعلن الرئيس الأمريكي ريجان منح أول فرصة للمدرسين، على أن يتبع ذلك إعطاء الفرصة للصحفيين والفنانين وغيرهم من المهتمين برحلات الفضاء.
مكونات مكوك الفضاء
يتكون نظام المكوك الفضائي من ثلاثة أجزاء: 1- المدوِّر 2- خزان خارجي 3- معززان صاروخيان صلبان. وتضم مقدمة المدور المجنح كابينة الطاقم المضغوطة. ويحتوي ظهر المكوك الأوسط، الذي يقع تحت ظهر الإقلاع، على مقاعد إضافية وغوالق معدات ونظم الغذاء وتسهيلات النوم وحمام صغير. ويربط غالق هوائي الظهر الأوسط بحجيرة الحمل الصافي، وهي المنطقة التي توضع فيها الشحنة. ويضم ذيل المدور المحركات الرئيسية ومجموعة أصغر من المحركات تستخدم في عمليات المناورة في الفضاء.
ويتصل الخزان الخارجي بجوف المدوِّر، ويحتوي على الدواسر السائلة المستخدمة في المحركات الرئيسية. ويرتبط بجانبي الخزان معززان صاروخيان، يحتويان على الدواسر الصلبة.
وكان على مصممي المكوك الفضائي التغلب على عدد من التحديات التقنية. فقد كان مطلوبًا أن تكون المحركات الرئيسية للمكوك قابلة لإعادة الاستخدام مرات عديدة، كما احتاج المكوك نظام تحكم حاسوبي مرن ودقيق، بالإضافة إلى درع حراري من نوع جديد يمكنه مقاومة الدخول عدة مرات في الغلاف الجوي الأرضي.
حجم مكوك الفضاء
يبلغ ارتفاع مكوك الفضاء 56 متر وقطره حوالي 9 أمتار وتبلغ كتلته 2030 طن