مسرح بلا إنتاج": الخيال والمكان والممثل
("لحظات"، من عروض التظاهرة، صفحة المهرجان على فيسبوك)
في العقد الأخير تزايدت المؤسسات المدنية التي تقدّم التمويل للأعمال الإبداعية المختلفة، من مشاريع مسرحية وحتى أدبية، وعلى قدر ما يبدو في هذه المبادرات الداعمة من إيجابيات، إلا أنها لا تعدم السلبيات أيضاً، فقد أصبح الفنان سواء أكان مسرحياً أو حتى روائياً يبحث عن المؤسسة التي ستدعمه مالياً قبل أن ينتهي من المشروع نفسه، ويكاد يرتبط العمل الفني والأدبي اليوم إما بالتمويل قبل إنجازه أو بالجائزة بعد الانتهاء منه، وهذه من القضايا التي يجدر البحث فيها والتوقف عندها مطولاً.
بموازاة هذا السياق، يحاول مسرحيون وفنانون وسينمائيون أن يثبتوا إمكانية العمل الفني الجماعي بأقل كلفة ممكنة وبأبسط الإمكانيات، من ذلك مبادرة "مسرح بلا إنتاج"؛ المهرجان الذي انطلقت فعالياته أول أمس وتتواصل حتى 11 من الشهر الجاري.
"العربي الجديد" سألت مؤسس المهرجان والمسؤول عنه، المسرحي جمال ياقوت، إن كان من الممكن حقاً صناعة مسرح بلا تمويل؟، يقول ياقوت "التجربة أثبتت أننا نستطيع، قد لا نحتاج إلى تمويل لكننا نحتاج إلى مكان، لا بد من جهات تؤمن بالفكرة وتوفر المكان مجاناً، وهذا ما حدث بالفعل فقد وفرت لنا مكتبة الإسكندرية والمؤسسات الرسمية ستة مسارح لتقديم الأعمال".يتحدث ياقوت عن البذرة التي تأسس منها المهرجان، "قبل أعوام أعلنّا عن ورشة للتمثيل، وكانت المقاعد محدودة، لنكتشف أن عدد المتقدمين 120 شاباً وشابة. فكرت لا يمكنني رفض أي طلب من هذه الطلبات فسألتهم عمّن يرغب في الإخراج، ثم قسمت الراغبين في التمثيل على الراغبين في الإخراج، وفي نهاية الورشة كان مستوى الأعمال مفاجئاً، فاخترنا من بينها سبعة كانت هي بذرة المهرجان عام 2008، إذ اشتغلنا عليها وعرضناها في مهرجان محلي صغير بدأ يكبر إلى أن أصبح دولياً في دورته السادسة بعد أن طلبت فرق عربية المشاركة على نفقتها الخاصة وبالفعل هذا ما حدث".
" في المسرح، قد لا نحتاج إلى تمويل لكننا نحتاج إلى مكان"
يكمل ياقوت "لا نحتاج نقوداً لعمل المسرح، نحتاج إلى الخيال والمكان والممثل"، من هذا المنطلق ينظم "مسرح بلا إنتاج" عدة ورش تترافق مع العروض، موضوعها الأساسي، كما يوضح أستاذ المسرح في جامعة الإسكندرية، هو كيفية تقديم مسرح من دون مادة، وترشيد التمويل وإعادة تدوير الأشياء والاستخدام الأمثل لمفردات البيئة على المسرح وتنشيط الخيال.
حفل الافتتاح كان مع عرض أدائي مصري بعنوان "الجدار" للفنان مصطفى أبو سريع، كما عرض فيلم تسجيلي يستعيد تجربة المسرحي الراحل أحمد راسم.
أما خلال الأيام المقبلة، فتعرض التظاهرة على مسارح مختلفة في الإسكندرية 51 عرضاً من مصر، و28 عرضاً عربياً وأجنبياً من الأردن والبحرين وسلطنة عمان والسعودية والعراق والكويت والمغرب وتونس وسورية وليبيا، إلى جانب مسرحيات من إيطاليا وبولندا وبلجيكا وبلغاريا وفرنسا وألمانيا.
يذكر أن فعاليات العروض تتوزع بين "مكتبة الإسكندرية" و"مسرح بيرم التونسي" و"قصر ثقافة الأنفوشي".