بداية دولة الأدارسة بسطت دولة الأدارسة نفوذها على منطقة المغرب الأقصى خلال الفترة الزمنية المحصورة بين 788م وحتى 793م، ويعود الفضل إلى إدريس بن عبد الله في تأسيسها بعد نجاته من موقعة الفخ في مكة المكرمة بين أهل البيت والعباسيين، ويقال إنّ المعركة كانت طاحنة راح ضحيتها عدد كبير من أهل البيت. لجأ المؤسس إدريس بن عبد الله إلى منطقة المغرب العربي في تلك الفترة، وبايعه الأمازيغ المقيمين في المنطقة أميراً وقائداً عليهم، وبدأت تتسع رقعة دولته تدريجياً حتى بلوغها تلمسان ثم فاس، واغتيل في عام 793م، وتوّلى أبناؤه مسؤولية الدولة والحفاظ عليها، فاتخذت الدولة من مدينة فاس عاصمة لها في عهد ابنه إدريس الثاني، إلا أن الدولة قد تأثرت سلباً من حيث وحدتها بعد أن قُسمت في عهد الابن الأخير محمد بن إدريس لتدخل المنطقة في حالة من الحروب الأهلية، ومع حلول عام 932م خضع الأدارسة لحكم الدولة الأموية التي كانت تحكم الأندلس، وشُنّت عدة محاولات للتخلص من الأدارسة وإبعادهم عن سدة الحكم. من الجدير بالذكر أن دولة الأدارسة تعتبر الدولة العلوية الهاشمية الأولى في صدر العصر الإسلامي، وتمكنت الدولة من نشر الرسالة الإسلامية في كافة القبائل التابعة للديانات المجوسية واليهودية والمسيحية في المنطقة، وتوافد الناس واعتنقوا الدين الإسلامي حينها. تنحدر عن الأدارسة عددٌ من السلالات العريقة الحاكمة للبلدان الإٍسلامية، ومن بينهم بنو حمود الذين بسطوا نفوذهم على الجزيرة ومالقة، ويعتبر الجغرافي الشريف الإدريسي أحد أحفاد الأدارسة، كما تفرّعت عنهم سلالات في منطقة جازان، والجزائر المتمثلة بالأمير عبد القادر الجزائري، والسنوسييّن وغيرهم الكثير. قيام دولة الأدارسة في المغرب جاءت نشأة دولة الأدارسة تلبية لرغبة العلوييّن في إقامة دولة بعيدة عن الدولة العباسية، بالإضافة إلى رغبة القبائل البربرية في منطقة المغرب الأقصى في الاستقلال سياسياً وإنشاء كيان خاص بهم، ويشار إلى أن اختيار مؤسسها إدريس بن عبد الله لمنطقة المغرب كان لما تتمتع به من صعوبة التضاريس، والتي تشكل خط دفاع أول أمام الهجمات الموجهة إليها، بالإضافة إلى بعدها عن مركز الخلافة العباسية أيضاً. تمثلت بدايات دولة الأدارسة بالتفاف القبائل المقيمة في المغرب حول المؤسس إدريس الأول بن عبد الله ومبايعتهم له خلال فترة التأسيس عام 788م، ومع تقادم الزمن بدأت الدولة تحظى بانفرادها بهيكلة وتنظيم خاصّين بها؛ إذ تم إنشاء عدد من المدن والمؤسسات كدعم للدولة حديثة النشأة، ومن أهم ما بُني في تلك الفترة هي مدينة فاس والتي كانت عاصمة للدولة في عهد إدريس الثاني، ثم بدأت باتخاذ وانتهاج عدد من النظم الإسلامية التي تركت أثراً إيجابياً في تخليص العاصمة وتحريرها من العصبيات والطابع القبلي، فأصبحت المنطقة مع قدوم الإسلام وقيام دولة الأدارسة ذات طابع موّحد تشّع منه الوحدة البشرية من حيث اللغة والثقافة والدين. أما عند دخول الدولة طور التقسيم في عهد محمد بن إدريس الثاني، فقد كانت بمثابة بداية الزوال لها؛ نظراً لاندلاع الحروب الداخلية بين أبناء إدريس الثاني، ما أدى إلى إلحاق الضعف بالسلطة المركزية للبلاد، وتم تقسيمها إلى تسع ولايات. نهاية دولة الأدارسة توالت مراحل الضعف على دولة الأدارسة منذ لحظة تصدّي موسى بن أبي العافية لهم، وبالرغم مما أبدوه من صمود سياسي إلا أن أسباب الزوال كانت أقوى من ذلك، حيث انتهى وجود دولة الأدارسة في عهد الحسن بن كنون، وكان ذلك بعد أن والى الدولة الفاطمية ضد المغرب عندما شنّت هجومها عليه لتسترجع المغرب تحت رايتها، ونظراً لموقفه المتزعزع بموالاة الفاطميين تارة والأمويين تارة، فقد أثار ذلك غضب الخليفة المرواني الحكم المستنصر، فسيّر جيوشاً إلى المغرب للانتقام من الحسن بن كنون وتوجيه ضربات قاسية، وانهارت دولة الأدارسة، وزالت بعد اغتيال آخر ملوكها الحسن بن كنون وهو في طريقه إلى قرطبة عام 985م.