يعد نورمان روكويل (1894 - 1978) من أبرز الرسامين الأميركيين الذين وثقوا برسوماتهم، طوال سبعة عقود، الحياة اليومية الأميركية. في معرضه "نحن الشعوب: نورمان روكويل وأممه المتحدة"، يظهر الفنّان في إطار مغاير تماماً لما عرفه جمهوره، حيث تمثل "الأمم المتحدة" ثيمة المجموعة الفنية التي انتقيت للعرض.
أقيم المعرض، الذي اختتم في 15 أيلول/ سبتمبر، في المقر الرئيسي للأمم المتحدة في نيويورك، بالتعاون مع "متحف نورمان روكويل"، بمناسبة احتفال الأمم المتحدة بمرور 70 عاماً على تأسيسها.
لعل أشهر أعمال روكويل لوحته الموجودة ضمن مجموعة المعرض التي تحمل عنوان "المشكلة التي نعاني منها جميعاً"، وهي لوحة توثق قصة الطفلة الأميركية السوداء، روبي بريجيز، كأول فتاة تلتحق بمدرسة للبيض، وكانت ترافق من قبل قوات الشرطة بعد تهديدات بقتلها. توثّق لوحة روكويل، التي أنجزها سنة 1964، لذهاب الطفلة إلى المدرسة وهي تمشي بين أربعة رجال شرطة، بينما كانت الشتائم والمقذوفات تلقى عليها.أما قصته مع الأمم المتحدة، فبدأت عندما كانت الأخيرة في سنواتها الأولى بعد تأسيسها، حيث أنجز روكويل لوحته الشهيرة "الأمم المتحدة"، عام 1953. وقد عرضت اللوحة من ضمن الرسومات والمخطوطات الـ 33 التي يتضمنها المعرض.
"تظهر أعماله المحمّلة بالآمال الفشل الذريع للمؤسسات الدولية "
تُظهر اللوحة مندوبي ثلاث دول دائمة العضوية (من أصل خمسة) في مجلس الأمن، هي الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وروسيا، وهم جالسون وخلفهم 65 شخصاً من مختلف الأعمار والأجناس، ينظرون إليهم بنوع من الأمل والرجاء بأن تكون الأمم المتحدة ومجلس الأمن "الشعلة" الجديدة التي ستقود العالم إلى مكان أفضل بعد الحرب العالمية الثانية. يأتي احتفال الأمم المتحدة بذكرى تأسيسها السبعين، لتبدو هذه اللوحة التي كانت تحمل الأمل في طياتها وكأنها شاهد على عصر لم يأت.
كما تضمّن المعرض لوحة بعنوان "القاعدة الذهبية" أنجزها روكويل عام 1961. وبإيحاء من هذه اللوحة، أنجزت في العام 1985 جدراية من الفسيفساء أهدتها الدولة الأميركية إلى الأمم المتحدة وهي ضمن ممتلكات ومعروضات الأمم المتحدة الدائمة في نيويورك.
نجد ضمن المعرض، أيضاً، صوراً وقصاصات ورق توثق للمراحل المختلفة التي كان روكويل يعمل بها على لوحاته ورسوماته، تظهر المجهود الذي كان يضعه في تلك الأعمال التي يبدو بعضها بسيطاً للوهلة الأولى.اشتهر روكويل بأسلوبه المرح والساخر وتقنيته العالية جداً. وعلى الرغم من نجاحاته، إلا أن بعض النقاد يرون أنه رسام تعبيري مباشر وليس فناناً بالمعنى الشامل للكلمة.
ومهما يكن من الجدل حوله كفنان، تظل أعماله شهادة على زمن الأحلام الذهبية؛ سواءً المتعلقة بالحريات في أميركا، أو تلك المتعلقة بمنظمة الأمم المتحدة، حتى أننا من خلالها يمكننا أن نحسّ بالفشل الذريع للمؤسسات الدولية.
لوحة "الأمم المتحدة" (1953)