أسهم في صنع طفولة أجيال رسام الأفلام الكرتونية "هاياو ميازاكي"
رسام أفلام كرتون "رسوم متحركة"، صنع وعي جيل كامل، بل ربما العديد من الأجيال التي عاشت طفولتها على أعماله في مختلف أنحاء العالم، فمن منا لم يتعلق بالمسلسل الكرتوني "كونان فتى المستقبل" الذي عرفه الأطفال العرب بـ"عدنان ولينا"، ومن منا لم يحب شخصية "عبسي" وضحك عليها كثيراً، ومن منا من لم يتمنى أن يكون "عدنان"، ومن منا لم ترى نفسها بشخصية "لينا".. انه رسام الصور المتحركة الياباني الأشهر في العالم "هاياو ميازاكي"، صاحب أكثر العقول الفنية إبداعاً على مدى التاريخ.
وُلد "ميازاكي" في الخامس من كانون الثاني/ يناير عام 1944، في العاصمة اليابانية "طوكيو"، عايش الحرب التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية على بلاده، ورأى الويلات التي خلفتها هذه الحرب، ما زرع في نفسه منذ سنوات حياته الأولى، رفضاً كبيراً وكرهاً عظيماً لها، ودعوة دائمة في أعماله للحب والسلام والقيم الإنسانية.
من الغريب أن مُبدعاً عظيماً مثل "ميازاكي"، لم يدرس الفنون أو الرسم، بل تخرج بخصص "العلوم السياسية والإقتصادية" من جامعة "غاكوشاين" اليابانية في العام 1963، ولكن حبه للرسم، دفعه إلى أن يكون منذ أيام دراسته عضواً في نادي "أدب الأطفال"، ودخل المجال الفني عبر موهبته بالرسم، حيث شارك من خلالها بعدد من المسلسلات الكرتونية مع شركات إنتاج مختلفة.
خلال هذه الفترة تعرف على رفيق دربه الحياتي والفني، المخرج الياباني "إيساو تاكاهاتا"، الذي هو الآخر لا يقل جنوناً وإبداعاً عن "ميازاكي"، ولاهتمامهما الكبير في التفاصيل بأعمالهم الفنية، سافروا لأول مرة إلى سويسرا، لنقل الحياة هناك في جبال الألب، من مشاهد طبيعية وكيف كان الناس يعيشون ويرتدون الملابس، حتى يتمكنوا من إنجاز واحد من أشهر الأعمال الكرتونية على مدى التاريخ وهو "هايدي فتاة الألب"، الذي عمل فيه "ميازاكي" كرسام مصمم ومنظم للمشاهد وشارك في الإخراج مع رفيقه "تاكاهاتا".
كان "ميازاكي" وما يزال يأخذ عمله على قدر كبير من الجدّ والجهد، ويرى بأنه على الرغم من الخيال الكبير الذي يقدمه في القصة والشخصيات، إلا أن تفاصيل العمل في المكان والملابس يجب أن تكون واقعية للغاية، وتشبه الحقيقة إلى حد كبير، ولذلك، عاد برفقة "تاكاهاتا"، ليقوما برحلة أخرى بين عدة دول منها إيطاليا والأرجنتين، لإنجاز مسلسل "ثلاثة آلاف ميل في البحث عن أم"، حتى أن الأماكن والشوارع والبيوت في العمل، كانت مُطابقةً تماماً لما هي عليه في الواقع.
خطوة كبيرة قام بها "ميازاكي" في العام 1978، حين انتقل من الرسم والمشاركة في الإخراج، إلى الكتابة والرسم والإخراج معاً، في عمله الأشهر على الإطلاق "كونان فتى المستقبل"، الذي تمت ترجمته ودبلجته إلى عشرات اللغات العالمية، وفي عالمنا العربي كان اسمه "عدنان ولينا"، العمل الذي كما أسلفنا، أحد القواسم المشتركة التي ساهمت في بناء وعي جمعي لجيل كامل بمختلف الدول العربية، والذي إلى يومنا هذا لا يزال يُعاد عرضه على الشاشات، وإلى يومنا هذا أيضاً يشاهده الجيلان الجديد والقديم بالشغف والحب نفسه.
انتشرت شهرة المبدع الياباني "ميازاكي" في العالم كله، بعد أن قدم واحداً من أهم وأنجح أعماله، وهو فيلم "الأميرة مونونوكي"، الذي حقق إيرادات كانت غير مؤلوفة أبداً في عالم الرسوم المتحركة، حيث حقق 1.7 مليار ين ياباني عند إطلاقه، وحصد عشرات الجوائز على المستوى اليابان والعالم، كان من أهمها، جائزة الأكاديمية اليابانية لأفضل فيلم في ذلك العام.
عمل آخر من من أعمال "ميازاكي" تعدى حاجز الـ30 مليار ين ياباني، وهو فيلم "المخطوفة"، الذي نال جائزة الأوسكار في العام 2003، ولأن "ميازاكي" كما أسلفنا مناهض للحرب، رفض استلام الجائزة حينها، وذلك لتزامنها مع الحرب الأمريكية على العراق في العام نفسه، ولأن الجائزة توزع على الأراضي الأمريكية، لكن رفضه للجائزة الأهم في العالم، لم يمنع ترشحه لجائزة أوسكار أخرى في العام التالي عن فيلم "قلعة هاول المتحركة"، وفي العام 2014، نال الأوسكار الفخرية عن مجمل أعماله، إلا أنه وافق على استلامها في ذلك العام.
هاياو ميازاكي
بوستر فيلمه الحائز على الاوسكار المخطوفة
بوستر فيلمه الأميرة مونونوكي
رسم لميازاكي مع عدد من أعماله
ميازاكي اثناء تسلمه جائزة الأوسكار
شخصية ميازاكي الشهيرة توتورو