ازدادت في الآونة الأخيرة حوادث العنف المختلفة، ولاسيما العنف العائلي، ولا يكاد يخلو مجتمع من المجتمعات من هذه الظاهرة، التي لا تُشكل خطرًا على كيان الأسرة فحسب، بل على كيان المجتمع بأسره.
إلا أن العنف الذي يحدث داخل محيط العائلة، يكون مُستترا غالبًا، ولا يظهر للمجتمع أو للجهات المسؤولة، إلا إذا خرج الوضع عن نطاق السيطرة، أو نتج عنه حوادث لا يمكن إخفائها كتهديد أو إصابات أو قتل، فغالبية أحداث العنف تدخل ضمن دائرة الخصوصية للأسرة وللعائلة، إلا أن الأفعال شديدة القسوة: هي التي تطفو على السطح، وتظهر وتجد طريقها إلى الأجهزة الرسمية المسؤولة، ومن ثم يتم التعرف إليها. ومن الملاحظ أن غالبية حوادث العنف العائلي، تكون موجهه ضد النساء أو الأطفال، أو ذوي الاحتياجات الخاصة، أو كبار السن، أي من هم يعتبرون الحلقة الأضعف للمُعنف، بغض النظر عن الأسباب التي تجعله يُمارس هذا السلوك السلبي .
مفهوم العنف :
العنف في اللغة: يعرفه ابن منظور بأنه الخرق بالأمر، وقلة الرفق به، وهو ضد الرفق وأعنف الشيء أخذه بشدة، والتعنيف هو التوبيخ والتقريع واللوم.
يعرفه علماء النفس: بأنه نمط من أنماط السلوك، ينتج عن حالة إحباط، ويكون مصحوباً بعلامات توتر، ويحتوي على نية لإلحاق الضرر المادي أو المعنوي بشخص أخر .
فالعنف هو إيذاء معنوي، مادي، لساني، يدوي، ويمارس فرديًا أو جمعياً ومنظمًا في كل الأحوال.
وهناك نوع من العنف يطلق عليه البعض اسم (العنف المعنوي أو النفسي).
ويقصدون به الأفعال التي تهدف إلى إجبار الآخرين على تبني مواقف واتجاهات، أو مبادئ بوسائل عديدة عن طريق الإقناع المُغرض، وتشمل: الكذب، وإعادة تفسير الأحداث، وتعريض الأفراد لحالات نفسيه يفقدون فيها السيطرة على أعصابهم أو قواهم العقلية .
أشكال العنف:
أشكال العنف كثيرة، ويمكن أن نقسمها إلى ثلاثة أقسام :
أولًا: العنف اليسير الذي لا تتعدى آثاره إغضاب الآخر.
ثانيًا: العنف المتوسط، كالضرب المبرح، والحالات التي تؤدي إلى حدوث كسور أو عاهات أو علامات وأثار دائمة على الضحية .
ثالثًاً: العنف الشديد الذي يصل إلي حد إنهاء حياة الآخر، أو إصابته بإعاقة دائمة أو تشوه شديد.
والعنف مستويات وأشكال عدة، فانتزاع لعبة طفل من يده بدون رضاه: عنف، وجرح مشاعر الآخرين عنف، والتهكم والسخرية عنف .
والألفاظ البذيئة والجارحة والنابية: عنف. وإجبار شخص على القيام بعمل رغمًا عنه: عنف. واستخدام القوه البدنية في إيذاء الآخرين: عنف. واستغلال المناصب في اضطهاد الآخرين، أو سلب حقوقهم هو الأخر: عنف.
صفات ضحايا العنف ومرتكبيه
تهتم الدراسات المتعلقة بالعنف إلى: دراسة ضحايا العنف وتوضح النسب المئوية: أن ثلاث أرباع الضحايا من الإناث، بينما نسبه الذكور من مرتكبي العنف 90% وربع الضحايا كانوا من الذكور.
وكان عدد ضحايا العنف من الأزواج، أو من الأبناء الذكور قليل جدًا، وكذلك جاءت النسبة الأعلى من الضحايا من نصيب الزوجات، ثم الابن والابنة، أما الزوج الضحية فلم تتجاوز النسبة(3,8)، وقد وضحت الدراسات: أن أغلبية مرتكبي العنف أعمارهم أكبر من أعمار الضحايا.
كما أن مستوياتهم التعليمية متدنية، في كثير من الأحوال، بمعنى أنهم لم يتقدموا كثيراً في التعليم.
كما أن كمية الدخل من حيث (كاف أو غير كاف) جاءت متفاوتة، فمعظم مرتكبي العنف، يكون دخلهم غير كافٍ، لكن هذا لا يعني التعميم؛ لأن هناك من قام أو مارس العنف ودخلهم جيد، أو مرتفع جداً، وذلك باختلاف أسباب العنف .
كما اتضح أن أغلبية مرتكبي العنف: تكون حالتهم الصحية أو النفسية أو العقلية غير جيدة، فمنهم المدمن، ومنهم المُختل عقليًا أو نفسيًا، وبأي طريقة من الطرائق، استطاع مغادرة المستشفى ليقوم بعد فترة وجيزة بارتكاب جريمته .