تاريخ تطور صناعة الحديد والصلب في العالم
بلغت صناعة الحديد والصلب شأنا فاقت به كل ما كان يحلم به رواد الصناعة الأقدمون... وفيما يلي استعراض تاريخي لسلسة من أفكار الماضي التي كانت في مراحل مختلفة أساسا لتطلعات المستقبل.
بدأ الإنسان يدخل عصر الحديد عندما نقل الحيثيون أقدم المعارف الإنسانية عن صنع الحديد معهم عندما هاجرو من منطقة أفغانستان الحالية غرباَ حوالي 1500 ق.م . وقد وجد علماء الآثار عِدداَ وأسلحة حديدية في مقابر القدماء مما يدل علي أنهم عرفوا الحديد حتى في عصر ما قبل التاريخ .
ففي شبه الجزيرة الهندية بدأ صنع الحديد حوالي عام 200 ق.م. حيث كان المعدن يصنع في بواتق كبيرة ثم ينقل إلي دمشق لتشكيله هناك كما تقول بذلك كتب التاريخ القديمة بل إن هناك آراء بين علماء الآثار تقول بأن الآلات التي حفر بها قدماء المصريون معابدهم وقطعو بها تماثيلهم من الجرانيت إنما كانت مصنوعة من الصلب الهندي.
أما عن تاريخ صناعة الحديد في الصين فقد أرخ بعض المؤرخين أنهم استعملوا الحديد في حكم الإمبراطور فوهي منذ حوالي 2000 سنة ق.م. وتوصلوا إلي استعماله في صناعة الآلات الزراعية حوالي 690 ق.م. .
أما في اليونان فقد عُرف الحديد منذ 1500 سنة ق.م. حيث وُجد في الأدب القديم بعض الإشارات إلي الحديد في الشعر.
وفي السويد فقد عرف الحديد منذ 800 سنة ق.م. وكان استعماله وتصنيعه منذ حوالي 500 سنة ق.م. حيث عُثر علي أسلحة وآلات حديدية في بعض المعابد مثل معابد الاسكندنافيين
أما في بريطانيا فقد عرف الحديد من حوالي 700 سنة ق.م. وفي ذلك يقول العالم سميث أن هناك أكثر من برهان علي أن الحديد أنتج في بريطانيا قبل عصر استعمار الرومانيين إلا أنة ليس هناك ما يشير إلي اكتشاف فرن واحد لصهر الحديد في تلك الفترة ولذلك فمن المحتمل أنهم استعملوا طرقاَ أخري في صهر واختزال الحديدي كالصهر في البواتق مثلاََ.
أما في أمريكا فلم يعثر في تاريخها القديم علي شيء سوي ما جاء في رحلة أمريجو والكتاب الذي نشره عن رحلاته الأربع إلي أمريكا التي سميت باسمه إذ يقول أنه وجد عندما نزل إلي لابلاسا بجنوب أمريكا أن الهنود الحمر كانوا يصنعون رؤوس سهامهم من الحديد كما كانت لديهم أدوات وآلات أخري من الحديد.
أما في أفريقيا فهناك شواهد كثيرة علي استعمال الحديد وتصنيعه بل أكثر من ذلك وجدت بقايا حديد في بعض الحفريات في شمال روديسيا وهناك ما يثبت تصنيع الحديد في تلك الأماكن منذ ثلاث أو أربع آلاف سنة ماضية وهنا نجد من الأثريين من يقول أن اكتشاف الحديد وتصنيعه وجد في وسط أفريقيا بين سكانه السود وأن المصريين نقلو هذا الفن من الأثيوبيين المجاورين أو الليبيين في الغرب إلي وادي النيل ولكن هذا ينفيه تاماَ ظهور حضارة المصريين قبل حضارة الحبشة وليبيا.
أما عن أفريقيا فهي ذات مكانة خاصة حيث يمثل احتياطي خام الحديد بها 12% من الاحتياطي العالمي وتعتبر دولة جنوب أفريقيا ذات وضع خاص نظراَ لما تتمتع به من احتياطيات كبيرة من خامات الحديد منسوبة إلي ما يمتلكه العالم من تلك الخامات فتحتوي علي 5% من الاحتياطي العالمي.
أما بالنسبة لدول غرب أفريقيا مثل نيجيريا والسنغال وموريتانيا فتحتوي علي احتياطيات لخام الحديد بنسب كبيرة يمكن استخراجها.
أما بالنسبة لدول شمال أفريقيا فيوجد في ليبيا احتياطي مؤكد من خام الهيماتيت بحوالي 390مليون طن والجزائر تحتوي علي احتياطي خام مؤكد من الهيماتيت حوالي 150 مليون طن.
أما في المغرب فيوجد حجر الحديد الأحمر الذي يحوي 50% حديد ويقدر الاحتياطي المؤكد حوالي 70 مليون طن ويستغل حالياَ للتصدير.
كما اكتشف مؤخراَ مناجم لخام الحديد في اليمن والسعودية يقدر الاحتياطي بها حوالي 830 مليون طن.
أما في مصر القديمة فتم اكتشاف الحديد في سنة 650 ق.م. وقد وجدت آثار تدل علي صناعة الحديد في مصر ويكشف عالم الآثار ولكسن بالرسوم التي وجدت في معالم بني حسن أفران الحديد التي كانت تعمل بالنفخ الآلي حيث كان المنفاخ عبارة عن قطعه من البوص أو النفخ بكربة من الماعز ومن الطبيعي أن هذه العملية لاتحدت اختزالا كاملاَ.
وتثورنقاشات شتي عن صناعة الحديد في أفريقيا يلخصها الرأي القائل بأن سكان أفريقيا السود هم أصل فن استخلاص الحديد من خاماته كآلاتي:
1- انتشار الآثار الحديدية المختلفة عن هؤلاء السود وخاصة قبائل الباندو ثم درجة المهارة الفائقة التي كان يبديها القائمون بصناعة الحدادة التي ظهرت جلياَ في تلك الآثار.
2- خامات الحديد الموجودة بوفرة في أفريقيا ويمكن جمعها من على السطح بسهولة.
3- إن بعض تلك الخامات سهلة الاختزال تماما حتى عند درجة حرارة منخفضة نوعاَ ما بل يمكن في الواقع اختزالها حتى باللهب العادي.
4- انه في كردفان وكرواجي وأوغندا كان يمكن مشاهدة تلك العمليات البدائية قائمة باختزال الحديد وأنه توجد أنواع كثيرة من هذه الأفران تمثل التطور من أبسط الأنواع في أفران اختزال الحديد حتى أعقدها.
صناعة الحديد والصلب وأهميتها
تعد صناعة الحديد والصلب ذات دور إستراتيجى فى التنمية الصناعية والإقتصادية حيث توضح الإحصائيات علي مدى فترات زمنية في العديد من الدول ذات المستوي الاقتصادي المتباين وجود علاقة طردية بين إستهلاك منتجات الحديد والصلب والنمو الاقتصادي للدولة.
الحديد :
كلمة حديدية ferrous جاءت من الكلمة اللاتينية ferrum وهي تعني الحديد ومنها اخذ رمزه الكيميائي Fe وتستخدم حاليا للتعبير عن الحديد وسبائكه.
وبمقارنة الحديد بغير من العناصرالتي يتم التعامل بها واستخدامها تحتوى عند إنتاجها علي نسب صغيرة جداَ من الشوائب وعلي النقيض لا يتم إنتاج الحديد بهذه النقاوة حتى عندما تكون هناك حاجة لذلك.
وتعتمد خواص الحديد بشكل رئيسى على درجة نقاوته كما أن له العديد من خواص الفضة إذ يتمتع بالقابلية للسحبductiltiy والصلابة العاليتين ومقاومة جيدة للتآكل وكذلك معامل توصيل كهربائي عالي إضافة إلي الخاصية الأساسية المميزة للحديد وهي المغناطيسية magnetism.
ولمحتوي الكربون أهمية كبيرة إذ ينتج من إختزال خام الحديد فى الفرن اللافح معدنا ساخنا يحتوى من 2 إلي 5.7 % كربون وهو الحديد الغفل ويمكن صهره بسهوله وصبه في قوالب إلا انه غير قابل للطرق أو الدرفلة أو الكبس ولا يمكن إخضاعه لأى عملية تشكيل ميكانيكية أو درفلة علي الساخن أو البارد ويوجد نوعان من الحديد الغفل: الحديد الغفل الأبيض والحديد الغفل الرصاصي.
الحديد الغفل الأبيض مركب كيميائي عبارة عن كربون مع حديد علي هيئة كربيد الحديدFe3C أما الحديد الغفل الرصاصي فهو أكثر مطاوعة ومتانة من الحديد الغفل الأبيض ويستعمل كحديد زهر لصنع المنتجات المصبوبة.
ويحتوى الحديد الزهر علي من 2-4% كربونC ومن 0.3-3% سيليكون ومن 0.2 إلي 1.2 % منجنيز ويجب أن لا يحتوى بقدر الإمكان إلا علي نسبة صغيرة جدأَ من الكبريت أو الفوسفور لأن الكبريت يجعل الحديد متقصفاَ في درجات الحرارة التي يتم عندها التشكيل علي الساخن أما الفوسفور فيجعله متقصفا ولكنه يجعل الحديد ايضا سهل السيولة.
ويحتوي الحديد المطاوع والذي يمكن تشكيله بالطرق اليدوي أو الآلي أو بالدرفلة علي كربون أقل من الحديد الغفل أو الحديد الزهر بين 2% - 0.01 %. ويقصد بالحديد الصلب:
الذي يحتوي علي نسبة كربون أقل من 2% .
وفيما يلى أنواع الصلب:
1- الصلب كربوني وله عدة أنواع:
أ- صلب منخفض الكربون: وتصل نسبة الكربون به إلي 0.25 % ويتم إضافة بعض العناصر لتحسين خواصه الميكانيكية كالنحاس والفاناديوم والنيكل.
استخداماته: لصناعة الكباري وأعمدة الدعامات وأوعية الضغط.
ب- صلب متوسط الكربون: وتتراوح نسبة الكربون به من 0.25 % إلي 0.6 % وتؤدى معالجته بالتبريد السريع إلي تحسين خواصه الميكانيكية كما تضاف إليه بعض العناصر لتكوين سبائك مختلفة ذات خواص ميكانيكية جيدة من هذه العناصر الكروم والمولبيدنيوم .
استخداماته: يستخدم في صناعة التروس وأعمدة نقل الحركة وعجلات قطارات السكك الحديدية.
جـ - صلب عالي الكربون: تتراوح نسبة الكربون فيه من 0.6 % إلي 1.4 % كربون وقد يضاف إليه بعض العناصر مثل الكروم والتنجيستن والفاناديوم لترفع من مقاومته للبري والتآكل. وهو ذا صلادة Hardness عالية وقابلية ضعيفة للسحب.
استخداماته: يستخدم في صناعة أدوات القطع المختلفة وصناعة العدد التي تستخدم في آلات التشغيل.
د – الصلب الذي لا يصدأ "stainless steel ": يحتوي علي نسبة كربون من 0.1% إلي 0.4 % كربون ويحتوي علي 11% كروم و 8 % نيكل وعناصر أخرى مثل النيكل والمولبيدنيوم.
استخداماته: يدخل هذا النوع من الصلب في صناعات متعددة ولكن يستعمل بصفة أساسية للصناعات التي تحتاج إلي مقاومة عالية جداَ للصدأ.
2- صلب درجات الحرارة العالية:
وتصنع منه الغلايات لإحتفاظه بمتانته في درجات الحرارة المستمرة من 500-600 درجة مئوية والمولبيدنيوم هو العنصر السبائكي الرئيسي في هذا النوع.
3- صـــلب العـــــــدة:
يحتوي علي نسبة 9,%الي 4,1% كربون ولا يتحمل اكثر من 150 درجه مئويه وتصنع منه العدد التي تعمل بسرع قطع صغيره نسبيا من 10 الي 15 متر في الدقيقه.
ويستخدم في آلات الورش لقطع جميع المواد في الصناعات الهندسية بالخراطة والثقب والكشط والصك وينتج عن طريق إضافات من الكروم والمولبيدنيوم والكوبالت والفاناديوم.
الغرض من عمل سبائك الصلب :
1- تحسين الخواص الميكانيكية مثل المرونة واللدونه.
2- تحسين مقاومة الصدأ ومقاومة الحرارة العالية.
3- تحسين خواص القطع على آلات التشغيل .
أهمية صناعة الحديد والصلب:
وتبرز أهميتها في التمنية لارتباطها الوثيق بالعديد من الصناعات والتي تتمثل في:
1) الصناعات المغذية لصناعة الصلب مثل التعدين وصناعة الحراريات والسبائك الحديدية.
2) الصناعات المستهلكة لمنتجات صناعة الحديد والصلب ومن أهمها صناعة السيارات والسفن والأجهزة المنزلية والمعلبات وصناعة المعدات والعديد من الصناعات الهندسية الأخرى كما يوجد ارتباط وثيق بين صناعة الصلب ومشروعات المرافق والخدمات مثل مشاريع المياه والصرف الصحي والتي تستخدم مواسير الصلب
بالإضافة إلي قطاع البترول والغاز الطبيعي الذي يستهلك عادة كميات كبيرة من مواسير الصلب في عمليات
الحفر والاستكشاف وخطوط النقل ويتركز استهلاك الصناعات الهندسية وقطاع البترول ومرافق المياه والصرف
عادة في منتجات الصلب المسطحة مثلا الألواح والشرائط كم أن قطاع التشييد والإسكان يعتبر من
أهم القطاعات المستهلكة لمنتجات الصلب في صورة منتجات طولية مثل حديدي التسليح والقطاعات الإنشائية.
مما سبق يتضح لنا أهمية صناعات الحديد والصلب, ودورها في نمو القطاعات والصناعات الأخرى, كما أنها
تعتبرمن الصناعات التي تتيح فرص عمالة جديدة، حيث لايقتصر دورها في هذا الشأن على تلبية
احتياجاتها الخاصة فقط, بل يمتد إلى إيجاد فرص عمالة في الصناعات المغذية لها والمستهلكة لمنتجاتها،
ومن المعروف إحصائياً أن كل فرصة عمل في هذه الصناعة توفر حوالي تسع فرص عمل
في الصناعات الأخرى، كما أن كل وحدة استثمار في صناعة الصلب تفتح فرص استثمار مضاعفة قد
تصل إلي عشرة أمثالها في القطاعات المغذية لهذه الصناعة والمستهلكة لها.
الفرن اللافح أو الفرن العالى على اليمين. وعلى يسار الصفحة صورة لألواح الصلب المدرفلة على البارد