جامع المظفر التاريخي - جامع ومدرسة الأشرفية - مدينة تعز القديمة - اليمن
بنى يوسف بن عمر المظفر بن علي بن رسول الملقب المظفر الذي يُعَدُّ من أعظم ملوك الدولة الرسولية (628-858هـ)- جامعاً كبيراً كان بمثابة مدرسة دينية عظيمة وقبل أن يبني الملك المظفر الجامع أنشأ مدرسة دينية جمع لها العلماء من مختلف مدن اليمن المشهورة بالعلم منهم : محي الدين الملقب بالحبيشي وهو من أُصاب العالي ، والشيخ محمد بن علي، والشيخ الهزاز وحتى يتنافس طلاب العلم ويشمروا عن سواعدهم في طلب المعرفة في مدرسته وعد الملك المظفر أن من يحفظ القرآن والسنة النبوية الشريفة ويبز أقرانه في مختلف العلوم سوف يملأ فمه ذهباً.وبعد فترة ليست بالطويلة بنى على المدرسة الدينية الجامع.
كما توجد في جامع الملك المظفر بتعز مكتبة عريقة كانت تضم كتباً قيمةً ومخطوطات نفيسة.
إن القلم يعجز عن وصف جامع الملك المظفر بتعز القديمة فمهما شاهدت دقة صنع محرابه ومنبره وعُمُدِه وقبابه ومئذنته الشاخصة الشامخة لن تستطيع أن توفيه حقه، إنه يمثل بحق تحفةً معماريةً فريدة.
ويدلُّ بوضوح تصميم بناء الجامع على عبقرية المعماري اليمني الذي جمع بين الفخامة والضخامة في آن واحد فشيد بسواعده القوية أحجاره الضخمة، ونقش بأنامله الماهرة على طول وعرض جدرانه آيات الفن والإبداع والجمال.
القباب العامرية :
قام السلطان عامر بن عبد الوهاب مؤسس الدول الطاهرية بين عامي ( 858-923هـ ) بتشييد قباب جامع المظفر والتي تعرف بالقباب العامرية وهي لا تزال محتفظة ببهائها وجمالها كأنها شيدت بالأمس .
وقد زخرفت باطن القباب العامرية وجدرانها بالكتابة الأنيقة والألوان الزاهية المتناسقة غير أن الكثير من هذه القباب قد بهتت زخارفها وطمست بفعل عوامل الزمن من ناحية، والجهل والإهمال من ناحية أخرى.
ومن المؤسف أننا نشاهد النورة البيضاء بفعل فاعل كست وجه باطن العديد من القباب.
وفي مقدمة الجامع أو الجهة الشمالية منه تظهر ثلاث قباب كبار ضخام، وبين كل قبة كبيرة أربع قباب أصغر حجماً. وتُعَدُّ هذه القباب من أجمل وأكبر وأقدم القباب في سجل تاريخ قباب المساجد باليمن التي تصل عمرها إلى نيف وخمسمائة سنة.
المئذنة :
يبلغ ارتفاع مئذنة جامع المظفر 45 متراً تقريباً وتقف على قاعدة مربعة مرتفعة سميكة الجدران كسيت بأحجار سوداء تسمى أحجار حبشي لمنع تسلل الصدأ إلى أساس وقواعد المئذنة. وتحيط بالمئذنة ثلاث شرفات، وتتوج رأس المئذنة قبة بيضاء تلمع تحت أشعة الشمس والمئذنة من بعيد شبيهة بقلم رصاص مسنون، وعلى جدارها الخارجي طاقات أو فتحات صغيرة جداً متساوية في المسافات لكسر الفراغ الذي بين رأس المئذنة وشرفة الأذان الأولى. وقطر المئذنة عريض لتصمد لقوة الرياح. ولقد كانت مئذنة جامع المظفر القديمة تقع تقريباً بجانب البهو أو الفناء (الشماسي) إلا أنها تهدمت فقام الإمام أحمد بن يحي حميد الدين ببنائها من جديد، وكان ارتفاعها(سبعة طباق) أي بين 25-35متراً، ولكنها تهدمت قبل موت الإمام أحمد بشهرين وأعيد بنائها من جديد في سنة 1984 ولكن في الجهة الخارجية حرصاً على متانة وقوة المئذنة. والجدير ذكره أن شكل وحجم المئذنة الحالية تختلفان عن المئذنة القديمة الأولى.
العقود القديمة :
في عهد الإمام يحي بن حميد الدين قام ناظر الوقف أحمد يحي داود في سنة 1321 هـ بإدراج عقود جديدة تحت العقود القديمة للجامع، حيث ظهرت على جدرانه وعقوده التشققات، وكان طول جامع الملك المظفر150 ذراعاً وعرضه 80 ذراعاً تقريباً آنذاك ومواد بناء الجامع من القِطرة (بكسر القاف).
وفي سنة 1379هـ أراد الإمام أحمد بن يحي توسيع الجامع من الجهة الشمالية وحتى لا تتغير ملامح الجامع القديم أوصى العلماء بعدم التوسع في الناحية الشمالية فتغير الزيادة والتوسع إلى مؤخرة الجامع الجهة الجنوبية محل الوضوء والبرك ( المغاطيس ) وتم الانتهاء من بناء المؤخرة في بداية 1963 م ، والجامع يسع لحوالي 500مصلي ويوجد فيه مصلى للنساء يسع 300 مصلية.
صور من جامع المظفر التاريخي
مدرسة وجامعة الأشرفية
جامع الأشرفية
يُعَدُّ جامع الأشرفية بتعز نموذجاً للمدارس الدينية التي كانت يوماً من الأيام في تاريخ اليمن الإسلامي منتشرة ينهل منها طلاب العلم ورواد العلوم الدينية المختلفة.
يتكئ جامع الأشرفية على هضبة عالية ويطل عليه قلعة القاهرة الشامخة الشاخصة والتي أطلق عليها (دار الأدب) حيث يعتقل فيه كل من تسول له نفسه شق عصا الطاعة على ملوك الدولة الرسولية (628-858هـ ).
تذكرُ كتب التاريخ أن الملك الأشرف أبو العباس إسماعيل بن الأفضل (761-803هـ )كان يُجِلُّ العلم والعلماء، كما أن له مشاركة في علوم جمة، فقد أخذ الفقه على الفقيه علي بن عبد الله الشاوري، والنحو على الفقيه عبد اللطيف الشرجي، وسمع الحديث على مجد الدين الشيرازي وله مصنفات في النحو والفلك وأخبار الخلفاء والملوك...
وفضلاً عن ذلك فإن له مآثر دينية منها عمارته لجامع المملاح قرية على باب زبيد ومدرسة بتعز وغيرها .
وشرع الملك الأشرف أبو العباس إسماعيل ببناء هذا الجامع الذي يسمى بـ (الأشرفية) نسبة إليه،والذي يحتوي على مدرسة دينية في سنة (696هـ) وتم الانتهاء من بنائها في السنة التي مات فيها .
المئذنتان التوأمتان:
لجامع الأشرفية مئذنتان رشيقتان توأمتا الشكل والحجم وارتفاعها 35متراً. فبدن المئذنة وقاعدتها مرتفعة ثم تنبثق منها مئذنة أنيقة الصنع وللمئذنة شرفتان وتتوج قمتها قبة متوسطة الحجم ناصعة البياض. والمئذنتان تقعان في مؤخرة المسجد واحدة في الناحية الجنوبية الشرقية والثانية في الناحية الجنوبية الغربية، وبين هاتين المئذنتين عدد من القباب الكبار والصغار.
والمسجد على أي حال يجذب الأنظار بشكله الخارجي فالمئذنتان والقباب رسمت لوحة بديعة وأصيلة تنم عن فن العمائر الإسلامية في اليمن. كما أن المسجد يستند على هضبة مرتفعة غير أن مساحتها صغيرة فمساحة المسجد أو على وجه التحديد مساحة بيت الصلاة 50 ذراعاً وعرضه 25 ذراعاً وعلى حافة سقف المسجد الخارجي شرفات تحيط به كإحاطة السوار بالمعصم فنراها من بعيد كأنها عرائس السماء مما أضفى على الشكل الخارجي للمسجد جمالاً وبهاء .
وفي الجدار الخارجي الغربي للمسجد أربع نوافذ كبيرة شبيهة بحذوة الفرس وعندما نصعد عدداً من الدرجات ونتجه إلى اليسار، يصافحنا باب عتيق الهيئة، ضخم البنيان، مصنوع من الخشب في الناحية الغربية من بيت الصلاة .
بيت الصلاة :
مسجد الأشرفية عبارة عن بيت صلاة أي أنه مغطى ماعدا الفناء الخاص بأضرحة آل رسول . ومع الأسف أن بيت الصلاة مُعتم في كثير من مساحته وأجزائه، فأشعة الشمس لا تجد منافذ كافية لتسقط على أرضيته لتضيئه إضاءة قوية.
وعقود بيت الصلاة عين من عيون فن بناء العقود ودليل على إحساس المعماري اليمني المرهف في عمل هذه العقود الجميلة المحتفظة بألوانها الزاهية حتى يومنا هذا ومن أرضية بيت الصلاة تنبثق أعمدة مختلفة الأحجام والأشكال، فمنها الرشيق والضخم.
وكان للمسجد برك ومغاطيس تجلب مياهها عبر قنوات تأتي من أعلى الجبل من قرية (حودي) .
فالمسجد في كل ركن من أركانه ينطق بأن الفنان اليمني صاغه بروح مؤمنة عميقة الإيمان.
صور جامع ومدرسة الأشرفية