سد مأرب العظيم
سد مأرب هو سد مائي قديم يعود تاريخه إلى بدايات الألفية الأولى ق.م ولكنه ليس الوحيد الذي بناه السبئيون وليس الأقدم إذ أظهرت الآثار أن السبئيين حاولوا حصر المياه والاستفادة من الأمطار منذ الألفية الرابعة ق.م ويعد معجزة هندسية لتاريخ شبه الجزيرة العربية إلا أن السد الشهير نفسه يعود إلى القرن الثامن ق.م في القرن الثامن ، وردت نصوص لمكاربة تشير إلى تعلية وإصلاحات على السد فبلغ طوله 577 متراً وعرضه 915 متر وهو ضعف سد هوفر الأمريكي وبني في الجهة التي تسيل منها السيول فتمكن السد من حصر الماء وزود بثقوب أو أبواب لتسمح بقدر أكبر من التحكم بجهة المياه عقب استقرارها في الحوض وتم اقتطاع حجارة السد من صخور الجبال ونحتت بدقة ووضعت فوق بعضها البعض واستخدم الجبس لربط الحجارة المنحوتة ببعضها البعض واستخدام قضبان إسطوانية من النحاس والرصاص يبلغ طول الواحدة منها ستة عشر مترا وقطرها حوالي أربع سنتمرات توضع في ثقوب الحجارة فتصبح كالمسمار فيتم دمجها بصخرة مطابقة لها وذلك ليتمكن من الثبات أمام خطر الزلازل والسيول العنيفة كان يروي ما يقارب 24,000 آكر (قرابة 98 كم مربع) وهو ماعنى أن سكان اليمن حققوا الاكتفاء الذاتي من ناحية إحتياجهم للماء والغذاء، فالماء الناتج عن السد القديم كان يكفيهم للزراعة وإطعام مواشيهم.
صور سد مأرب القديم
ويعتبر سد مأرب من أرقى السدود من الناحية الهندسية. وقد قام المهندسون بمعاينة طبيعة الأرض قبل إنشاء السد، ثم بنوا عليها المخطط الهندسي الذي هو عبارة عن حائط حجري ضخم أقيم في مربط الدم عند مخرج السيل من الوادي، وبني على زاوية منفرجة، ممتدًا من الجنوب إلى الشمال مسافة ستمائة وخمسين مترًا، وله فتحات وأبواب تُفتح وتُغلق حسب الحاجة لمرور الماء منها المسايل المتصلة بها لإرواء الحقول والبساتين والمزارع.
ويُعد سد مأرب القديم آية الحضارة السبئية، ويقع في منطقة وادي دنا حيث تندفع السيول المتجمعة من الأمطار الموسمية المتساقطة على المرتفعات الشرقية بين جبلي البلق الشمالي والأوسط، والهدف من بنائه السيطرة على مياه السيل الجارفة وتوزيعها في أرض مأرب حتى أصبحت ـ كما يقولون ـ أخصب اليمن وأكثرها جناناً.. ويعود بناء سد مأرب القديم إلى ماقبل الألف الأول قبل الميلاد، ذكرته النقوش اليمنية القديمة باسم «عرمن» أي العرم وبهذا الاسم ذكر في القرآن الكريم،شيد على قواعد صخرية وربط جداره بالصخر في أسفل جبلي «البلق» ويعتبر اختيار موقع السد من الناحية المعمارية، فبناء سد متين يصعد على قاعدة ترابية، في طرفي جسم السد يقع الصدفان أو المصرفان، يتم تصريف المياه من السد بقناة رئىسية تقع خلف واجهته إلى قنوات فرعية تتشعب في الأرض الممتدة أمامه وعن يمينه ويساره وتسقيها
قال الشاعر أبو الطمحان في سد مأرب: أما ترى مأربًا ما كان أحصنه وما هو إليه من سور وبنيان
حسب التنقيبات الأثرية ، فإن السد تعرض لأربع انهيارات على الأقل آخرها كان في العام 575 ولم تبذل جهود لترميمه من ذلك الحين بعد لغياب حكومة مركزية واضطراب الأمن في البلاد وتدخل القوى الأجنبية (الفُرس) واستقلال زعماء القبائل بإقطاعياتهم .
وبقي من معالم السد القديم المصدفين الأيمن والأيسر وبعض القنوات التصريفية، وكان يربط بينها جدار السد الذي انهار وجرفه “سيل العرم”،
سد مأرب الجديد
في القرن العشرين قامت الحكومة اليمنية وبدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة بإعادة بناء السد على الطريقة الحديثة، وتم افتتاحه وتدشينه يوم الأحد 21 ديسمبر/ كانون الثاني 1986.
وتبلغ مساحة حوض السد الجديد «5.30» كيلو متر مربع، وسعته التخزينية حوالي«400» متر مكعب، فيما تعمل بوابة التصريف بطاقة «35» متراً مكعباً في الثانية حيث يروي السد حوالي«570.16» هكتاراً.
ـ أما جسم السد الجديد فإن عمق القاطع الخرساني «60» متراً ، وساحة القاطع الخرساني «24» ألف متر مربع، وطول جسم القاطع الخرساني «763» متراً، وعرض جسم القاطع الخرساني عن مستوى سطح الوادي «337» متراً، وعرض جسم القاطع الخرساني عند مخرج المياه من بوابة التصريف «195» متراً.
صور سد مأرب الجديد :
أهم النقاط المتعلقة بعملية تنفيذ سد مأرب
بلغ إجمالي حجم الردميات في جسم السد «3» ملايين متر مكعب تم إزالة «200 » ألف متر مكعب من الصخور من جانبي الموقع وتغطية جسم السد بالصخور التي بلغت «100» ألف متر مكعب، وشارك في إنشاء السد الجديد حوالي «400» مهندس واستشاري وعامل وفني وإداري وغيرهم.
موقع السد الجديد ومناخ المنطقة ومعدل المطر والتبخر:
ـ يقع سد مأرب الجديد على سهول محافظة مأرب والتي تبعد نحو «180» كيلو متراً شرقي العاصمة صنعاء.
ـ يقع السد عن خط عرض «30.15» درجة شمالاً وخط طول 30.45شرقاً.
ـ يقع السد على بعد «11»كيلو متراً غرب مدينة مأرب القديمة وثلاثة كيلو مترات عن السد القديم.
مع استكمال المرحلة الثانية من بناء السد تم ري سبعة آلاف و400هكتار بدلاً عن ألف و800 هكتار حالياً بالإضافة إلى تغذية المياه الجوفية والتي سوف تسهم بدورها في ري نحو 10آلاف هكتار.. ومنذ إنجاز المرحلة الأولى لسد مأرب حدث تحول كبير في حياة سكان المنطقة الاقتصادية والاجتماعية فقد شجع ذلك المزارعين على استصلاح أكثر من 20 ألف هكتار مما أدى بالتالي إلى ارتفاع ملحوظ في إنتاج المحاصيل الزراعية المختلفة.. وتؤكد الاحصائيات أن نسبة انتاج محافظة مأرب من الحبوب ارتفعت من 30%عند افتتاح السد عام 1986م إلى أكثر من 60% في العام الماضي 2007م وتشير إلى الزيادة الكبيرة في إنتاج المحاصيل الحقلية وزراعة محاصيل لم تكن موجودة قبل إعادة بناء السد مثل الخضار والفواكه التي تمتلئ بها الأسواق في اليمن.. وفي الجانب الاجتماعي يمكن ملاحظة التطور الذي حدث في المنطقة من خلال توجه نسبة كبيرة من السكان نحو الزراعة والتوسع الأفقي فيها الذي يعتمد على المياه الجوفية وإنتاج المحاصيل ذات المردود الاقتصادي العالي الأمر الذي ساعد في رفع مستوى الدخل وتحقيق الاستقرار المعيشي للسكان الذين كانوا يعتمدون في السابق على مياه السيول والأمطار الشحيحة وبسبب ذلك غلب على حياتهم طابع الترحال والتنقل بحثاً عن المياه والمرعى.
المرحلة الثانية من بناء سد مأرب الجديد :
وشملت المرحلة الثانية على إصلاح وصيانة القنوات الرئيسة التي تأثرت بالسيول وإقامة قناة رئيسة أخرى بطول 1.6 كيلو مترات وتركيب القنوات الفرعية بطول 69 كيلومتراً إضافة إلى انشاء طرق مسفلتة بطول 36.6كيلو متراً واقامة معابر على القنوات الفرعية واقامة طرق فرعية أخرى بطول 87 كيلو متراً للتتفتيش الزراعي على طول القنوات الرئيسة والفرعية.. كم شملت أيضاً أعمال الحماية من السيول وإقامة ردمية ترابية بطول 19كيلو متراً على الضفة اليمنى لوادي سيلة وردمية أخرى لحماية القرى على الضفة اليسرى للوادي بطول سبعة كيلومترات وردمية أخرى بطول نصف كيلو متر على ظفة وادي السد مع أعمال أخرى في شعاب مصادر السيول وعمل مفيضات ومخارج للسيول الفائضة وانشاء معابر للسيارات وصيانة السدود التحويلية الصغيرة التي جرفتها السيول مع أعمال حماية لمنع انجراف التربة وتعريتها والمفترض ان تروي المرحلة الثانية بعد اكتمالها حوالي 7400 هكتار من الأراضي الزراعية .