تحية الإسلام: أحكام، آداب، فضل وخصائص السلام
تحية الإسلام: هي (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) هذا أكملها، وأقلها: (السلام عليكم). وقد شرع الله ورسوله ﷺ لنا تحية تميزنا عن غيرنا، ورتب على فعلها الثواب، وجعلها حقاً من حقوق المسلم على أخيه.
فتحولت هذه التحية من عادة من العادات المجردة إلى عمل يفعله العبد تقرباً إلى الله تعالى، واستجابة لأمر رسوله ﷺ، فلا يصح أن تبدل هذه التحية العظيمة بعبارات أخرى لا تؤدي ما تؤديه تحية الإسلام المباركة، مثل: صباح الخير، أو مساء الخير، أو مرحباً، أو غير ذلك، مما قد يستعمله بعض الناس جهلاً أو إعراضاً.
من فضائل السلام وخصائصه:
1- أنه من خير أمور الإسلام، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ أن رجلاً سأل رسول الله ﷺ: أي الإسلام خير؟ قال : “تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف”.
2- أنه من أسباب المودة والمحبة بين المسلمين، والتي هي من أسباب دخول الجنة، قال ﷺ: “لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم”.
3- أن كل جملة منه بعشر حسنات، وهو ثلاث جمل، فلمن جاء به كاملاً ثلاثون حسنة، عن عمران ابن حصين ـ رضي الله عنهما ـ قال: جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: السلام عليكم، فرد عليه، ثم جلس، فقال النبي ﷺ: “عشر”، ثم جاء رجل آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه، ثم جلس، فقال: “عشرون”، ثم جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه، وجلس فقال: “ثلاثون”.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 1
حكم السلام ورده :
السلام سنة مؤكدة ورده واجب عيناً، إذا قصد به شخص واحد، وعلى الكفاية إن قصد به جماعة، فإن رد جميعهم فهو أفضل.
صفة رد السلام :
الواجب في الرد أن يكون مثل السلام، وإن زاد عليه فهو أفضل، لكن لا ينقص عنه، فمن سلم فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فجوابه الواجب: وعليكم السلام ورحمة الله، وإن زاد: وبركاته، فهذا أفضل، لكن لا يجوز الاقتصار في الجواب على: (وعليكم السلام) فقط، لأنها دون السلام، قال تعالى: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها).
قال ابن كثير رحمه الله تعالى: أي إذا سلم عليكم المسلم فردوا عليه أفضل مما سلم، أو ردوا عليه بمثل ما سلم، فالزيادة مندوبة، والمماثلة مفروضة.
ومما يعتبر جواباً غير سائغ شرعاً أن يرد بقوله: أهلا ومرحبا، أو نحوها، مكتفياً بها، وذلك لأنها ليست بجواب شرعي للسلام، ولأنها أنقص من السلام بكثير، فإن قوله: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وما تحمله من معانٍ عظيمة، أفضل من قول القائل: أهلا ومرحباً، ولكن لا بأس بقولها لا على أنها رد السلام، إنما يرد السلام، ويقولها بعد ذلك، فقد ثبت قول النبي ﷺ: “مرحباً بأم هانئ”.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 2
التلفظ بالسلام :
السنة في السلام والجواب هي الجهر، لأن السلام هو التلفظ بقولك: (السلام عليكم)، والإشارة باليد وغيرها لا تعتبر سلاماً، وأما الجواب فإنه يجهر به حتى يسمع المسلم، لأنه إن لم يسمعه فإنه لم يجبه، إلا أن يكون عذر يمنع سماعه.
من أحكام السلام وآدابه:
1- إفشاؤه (نشره) وإظهاره وإعلانه بين الناس، حتى يكون شعاراً ظاهراً بين المسلمين، لا يخص به فئة دون أخرى، أو كبيراً دون صغير، ولا من يعرف دون من لا يعرف، وتقدم حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، وتقدم أيضاً قول النبي ﷺ: “أفشوا السلام بينكم”.
وقال عمار بن ياسر رضي الله عنهما: ” ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان: الإنصاف من نفسه، وبذل السلام للعالم، والإنفاق من الإقتار”.
ومما ورد في ذم من ترك التسليم قول النبي ﷺ: “أبخل الناس من بخل بالسلام”.
2- يشرع تبليغ السلام، وتحمله، وعلى المبلغ أن يرد السلام، فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي ﷺ قال لها: “إن جبريل يقرأ عليك السلام” فقالت: وعليه السلام ورحمة الله.
3- الأفضل في الابتداء بالسلام أن يسلم الصغير على الكبير، والماشي على الجالس، والراكب على الماشي، والقليل على الكثير، فعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: “ يسلم الصغير على الكبير، والمار على القاعد، والقليل على الكثير”.
4- من السنة إعادة السلام إذا افترق الشخصان ثم تقابلا، بدخول أو خروج، أو حال بينهما حائل ثم تقابلا، ونحو ذلك. ويدل عليه قول النبي ﷺ: “إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجرة، ثم لقيه فليسلم عليه أيضاً”.
وفي حديث المسيء صلاته أنه كلما ذهب ورجع سلم ورد عليه النبي ﷺ السلام، فقال ذلك ثلاث مرات. وقال أنس رضي الله عنه: كان أصحاب رسول الله ﷺ يتماشون، فإذا استقبلتهم شجرة أو أكمة فتفرقوا يميناً وشمالا، ثم التقوا من ورائها سلم بعضهم على بعض.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 3
5- حكم السلام على الكافر، ورد سلامه إذا سلم:
السلام تحية للمؤمنين خاصة، فلا يجوز إلقاؤه على غيرهم، قال ﷺ: “لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في الطريق فاضطروه إلى أضيقه”.
أما إن حضر موضعاً فيه اخلاط من المسلمين والكافرين، فيسلم ويقصد المسلمين، ففي حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما، أن النبي ﷺ مر على مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان، فسلم عليهم.
وإذا سلم الكافر فإنه يرد عليه بمثل ما روى أنس رضي الله عنه أن أصحاب النبي ﷺ قالوا للنبي ﷺ إن أهل الكتاب يسلمون علينا، فكيف نرد عليهم؟ قال: قولوا وعليكم، ولا يزيد على ذلك.
6 – السلام على النساء:
يجوز السلام على النساء المحارم، أما غيرهن: فيجوز إذا أمنت الفتنة بهن وعليهن، وهذا يختلف باختلاف النساء، والأحوال، والمواضع، فليست الشابة كالعجوز، ولا من دخل بيته فوجد فيه نسوة فسلم عليهن كمن مر بنساء لا يعرفهن في الطريق، وأما المصافحة للنساء الأجانب فلا يجوز مطلقاً، ومن أدلة ذلك:
– قوله ﷺ: “لا أصافح النساء”.
– قالت عائشة رضي الله عنها: “ما مست يد رسول الله ﷺ، إلا امرأة يملكها”.
– وقال ﷺ: “لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له”.