عقوق الوالدين … من الكبائر

لقد كثر العقوق في هذه الأيام بشكل مرعب ومخيف، حيث أن بعضاً من الأبناء من يضرب والديه، والبعض منهم من يذهب عنهم ويتركهم، وأحيابا تكون الزوجة أيضاً عوناً لهذا الزوج على هذا العقوق.
عقوق الوالدين الذي ظهر وانتشر وتعددت أشكاله وألوانه ليدل على انحراف خطير في المجتمعات عن شريعة االله سبحانه وتعالى التي جعلت رضا الله في رضا الوالدين وسخطه سبحانه وتعالى في سخطهما، قال رسول الله ﷺ: (رضا الله من رضا الوالدين وسخط الله من سخط الوالدين).

الإحسان للوالدين فرض من الله تعالى
أدلة عقوق الوالدين في القرءان الكريم والسنة النبوية:
كما إن العاق لوالديه يعرض نفسه لدعاء والديه عليه، ودعاؤهما مستجاب فقد ورد في الحديث: “ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهنَّ: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده”.
ومن صور العقوق أن يتسبب الولد في سب ولعن أبويه أو أحدهما؛ فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: (إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه). قيل: يا رسول الله! وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال رسول الله ﷺ: (يسُبُّ الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه). وأيضا رضا الزوجة على حساب الأم.
ومن كان هذا حاله فإنه يعرض نفسه للعنة الله تعالى، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: (لعن الله من لعن والديه). الحديث.
كما إنه متوعد بعقوق أولاده له؛ فكل الذنوب يؤخر الله منها ما شاء إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين، فإنه يعجل لصاحبه في الحياة قبل الممات.
بر الوالدين .. من أحب الأعمال إلى الله
قال الأصمعي: حدثني رجل من الأعراب قال: (خرجت من الحي أطلب أعقَّ الناس، وأبرَّ الناس، فكنت أطوف بالأحياء حتى انتهيت إلى شيخ في عنقه حبل يستقي بدلو لا تطيقه الإبل في الهاجرة والحرِّ الشديد، وخلفه شاب في يده رشاء (أي حبل) ملوي يضربه به، قد شق ظهره بذلك الحبل، فقلت: أما تتقي الله في هذا الشيخ الضعيف؟ أما يكفيه ما هو فيه من هذا الحبل حتى تضربه؟ فقال: إنه مع هذا أبي. فقلت: فلا جزاك الله خيرًا. قال: اسكت فهكذا كان هو يصنع بأبيه، وهكذا كان يصنع).
فانظر كيف قيض الله لهذا الوالد العاق من أبنائه مَن يعقه! والجزاء من جنس العمل: (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [فصلت: 46].
ومن صور العقوق منع الأبناء النفقة على الآباء رغم حاجة الآباء وقدرة الأبناء والنبي ﷺ يقول : “أنت ومالك لأبيك”
نسأل الله الكريم بمنه أن يرزقنا وإياكم البر، وأن يجنبنا العقوق والآثام.. إنه ولي ذلك والقادر عليه. ويعتبر عقوق الوالدين من أكبر كبائر المحرمات في الدين الإسلامي.
وقد دلت على ذلك نصوص من القرآن الكريم والسنة النبوية ويتمثل في كل سلوك ومعاملة تؤدي إلى الإساءة إلى الوالدين كالتأفف منهما ونهرهما وعدم السعي في خدمتهما.ويكون هذا الإيذاء بفعل أو بقول أو إشارة، ومن مظاهره مخالفة أمر الوالدين أو أحدهما في غير معصية، أو ارتكاب ما نهيا عنه ما لم يكن طاعة، أو سبهما وضربها، ومنعهما ما يحتاجانه مع القدرة… وغير ذلك.
وقد اتفق أهل العلم على عدِّ العقوق كبيرة من الكبائر. وفي ذلك مخالفة صريحة لما أمر الله ورسوله الكريم به من وجوب طاعتهما وتوقيرهما.
قال سبحانه تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) [الإسراء:24،23].

عقوق الوالدين … شقاء في الدنيا والآخرة
أضرار عفوق الوالدين و مساوئه:
.- للعقوق مساوئ خطيرة، وآثار سيئة تنذر العاق وتتوعده بالشقاء الدنيوي والأخروي. فمن آثاره أن العاقّ يعقّه ابنه… جزاءً وفاقاً على عقوقه لأبيه. وقد شهد الناس صوراً وأدواراً من هذه المكافأة على مسرح الحياة.
– أنه موجب لشقاء العاق، وعدم ارتياحه في الحياة، لسخط الوالدين ودعائهما عليه. وقد جاء في الحديث النبوي: “إياكم ودعوة الوالد، فانها أحدّ من السيف”.
– ان العاق يشاهد أهوالاً مريعة عند الوفاة، ويعاني شدائد النزع وسكرات الموت. فعن أبي عبد اللّه عليه السلام: “ان رسول اللّه ﷺ حضر شاباً عند وفاته، فقال له: قل لا إله الا اللّه. قال: فاعتقل لسانه مراراً.
فقال لامرأة عند رأسه: هل لهذا أم؟ قالت: نعم، انا أمه. قال: أفساخطة أنت عليه؟ قالت: نعم، ما كلمته منذ ست حجج. قال لها: أرض عنه. قالت: رضي اللّه عنه برضاك يا رسول اللّه. فقال له رسول اللّه ﷺ: قل لا إله الا اللّه. قال: فقالها. فقال النبي ﷺ: ما ترى؟ فقال أرى رجلاً أسوداً قبيح المنظر، وسخ الثياب، منتن الريح، قد وليني الساعة فأخذ بكظمي. فقال له النبي ﷺ: قل “يا من يقبل اليسير ويعفو عن الكثير، إقبل مني السير واعف عن الكثير، انك أنت الغفور الرحيم”. فقالها الشاب. فقال النبي ﷺ: أنظر، ماذا ترى؟ قال: أرى رجلاً أبيض اللون، حسن الوجه، طيّب الريح، حسن الثياب قد وليني، وأرى الأسود قد تولى عني. قال: أعد. فأعاد. قال: ما ترى؟ قال: لست أرى الأسود، وأرى الأبيض قد وليني ثم طغى على تلك الحال”.
الجنة تحت أقدام الأم
– انه من الذنوب الكبائر التي توعد اللّه عليها بالنار، كما صرحت بذلك الأخبار. والجدير بالذكر، أنه كما يجب على الأبناء طاعة آبائهم وبرهم والاحسان اليهم، كذلك يجدر بالآباء أن يسوسوا أبناءهم بالحكمة، ولطف المداراة، ولا يخرقوا بهم ويضطروهم إلى العقوق والعصيان.
كيفية البر بالوالدين:
قد يتساءل الشاب أو الشابة كيف يكون البر في الحياة والممات؟ يكون ذلك بالإحسان إليهما بالنفقة عليهما إن كانا فقيرين، وبالسمع والطاعة لهما بالمعروف، إذا طلبا منه يذهب إلى كذا، أو يأتي بكذا، وأن يطعمها في المعروف، والإتيان بحاجتهما إذا طلباه في حاجة لهما، في تنفيذ أوامرهما التي ليست معصية لله، هذا من برهما.
نسأل الله لجميع المسلمين الهداية والتوفيق وصلاح القول والعمل.
لا تغضب والديك لإرضاء آخرين،
فالآخرين لم يفنوا حياتهم لبناء حياتك،
وكما تدين تدان.