الزعيمة كوردية قدم خير
قدم خَير
قدم خير بنت الأمير قندي القلاوندية ، أسم لسيدة كوردية ولدت في نهاية القرن التاسع عشر أو مطلع القرن العشرين ، وكانت فارسة بارعة عرفت بالحكمة إلى جانب ذكاءها وروعة جمالها . وقيل في صفاتها هذه شعر كثير تحول جزء منه إلى أغنيات مسجلة ما زال يستمع إليها الكورد ولاسيما الفيليون منهم . صممت قدم خير على محاربة الشاه رضا خان بهلوي والثورة على سلطانه جراء تنكيله بمعارضي حكمه وتهجيره لبني قومها الكورد من ديار...هم وتنكيله بزعمائهم من رؤساء العشائر ورجال الدين . وقد تزامنت ثورتها هذه في لورستان مع ثورة سمكو الكوردية وثورة الأذريين ضد الرجعية الإيرانية في أواخر عشرينات القرن الماضي . بدأت بجمع الأنصار للدفاع عن قضية شعبها ، داعية إلى الانفصال عن المملكة الإيرانية واستقلال بلادها لورستان ، فلحق بها الكورد الفيليون بحماس منقطع النظير ، وبأعداد شجعتها على الاشتباك بقوات الجيش الإيراني بشن حملات الكر والفر عليها في جبال لورستان الوعرة حتى أنهكتها وغنمت سلاحها ومئونتها وفرضت سيطرتها على أغلب مناطق لورستان وبروجرد . ولما فشل شاه إيران في القضاء على ثورتها لجأ إلى شراء ذمم بعض من رؤساء القبائل محللا لهم دمها ودماء اتباعها ، وحيث لم ينجح في ذلك لجأ إلى الخديعة ، فأرسل إليها وفدا محملا بالهدايا وعرضا بالزواج منها ووعدا بإطلاق يدها للقيام بإصلاحات اجتماعية في بلادها لورستان ورفع مستوى معيشة سكانها على حساب خزينة الدولة . طردت قدم خير وفد الشاه شر طردة ورفضت عروضه مدركة نواياه الشريرة . بيد أن الشاه لم ييأس . فقد أعاد الكرة وأوفد بعثة من رجال الدين ورؤساء القبائل وعدد من موظفيه ومعهم مصحف عليه أثر كفه دلالة على قسمه بالقرآن الكريم بصدق نواياه ورغبته في الاقتران بها . وفي حين لم يطمأن قلب قدم خير لعرض الشاه انقسم أتباعها إلى فريقين أحدهما مؤيد لها والأغلبية حبذت قبول العرض . وفي اليوم التالي اتجه موكب الثائرة صوب طهران ومعها أكثر من مائة مقاتل من أنصارها . ولدى وصول الموكب استقبل بحفاوة بالغة وكرم لا نظير له . إذ تقدمت مجموعة من نسوة البلاط واصطحبت قدم خير إلى القصر ، في حين توجه أنصارها نحو ساحة عامة عامرة بموائد الطعام من كل ما لذ وطاب . وقال شاهد عيان معمر أنه شاهد قدم خير في صباح اليوم التالي مربوطة من شعر رأسها بذيل بغل هائج وهو يطوف بها حتى تقطعت أوصالها ، بعد أن فتك الجند بأنصارها جميعا ليلة وصولهم إلى طهران . ومما يؤسف له أن تكون المعلومات المتاحة عن هذه الثائرة الكوردية قليلة ، إذ يقتصر معظمها على قصص وحكايات أصبحت جزءا من التراث الشعبي الكوردي ، التي يتلذذ أطفال الكورد الفيليين حتى الآن بالاستماع إليها في ليالي الشتاء الباردة من أمهاتهم أو جداتهم . وما زلت أتذكر صورة قدم خير وهي تتوسط في خمسينات القرن الماضي معظم الغرف بيوت الكورد في بغداد . وفي سبعينات القرن الماضي حصلت على شريط مسجل لأغنية تمجد ذكرى الثائرة الفيلية قدم خير ، وهي من أغاني منطقة بابي بلورستان في أقصى جنوب كوردستان .
أما كلمات الأغنية فتقول :
نزلت قدم خير من أعالي الجبال
عازمة على الحرب والقتال
وفي طيات حزامها الحريري
مسدس محشو بالرصاص
قدم خير يا ذات الحذاء المخملي
والشعر المحنى
أبهرني جمالك الفتان
وألهب السلاح في يدك حماسي
سيلوذ أعداؤك بالفرار من الميدان
ويكون نصيب من يبقى النكبة والخسران
بادري سيدتي بالقتال
ولسوف أبني لك هودجا
من الريحان
كي يقي من وهج الشمس
عينيك الجميلتين