النتائج 1 إلى 5 من 5
الموضوع:

المقام العراقي

الزوار من محركات البحث: 156 المشاهدات : 1420 الردود: 4
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    الله محبه
    الحالم بغد افضل
    تاريخ التسجيل: July-2012
    الدولة: kuwait
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 4,879 المواضيع: 783
    صوتيات: 3 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 3757
    مزاجي: مرفوع الهامة امشي
    أكلتي المفضلة: كل شى مطبوخ بنفس حلوه
    موبايلي: S6
    آخر نشاط: 25/October/2023
    الاتصال: إرسال رسالة عبر MSN إلى فيصل سالم إرسال رسالة عبر Yahoo إلى فيصل سالم
    مقالات المدونة: 5

    المقام العراقي

    المقام العراقي


    شيء من حياتي وولعي






    المقام العراقي بالنسبة للعراقيين وخصوصاً الكهول منهم فنٌ مألوف وأبعد من ذلك. حيثُ الكثير ممن أعرفهم يعرفون نوع المقام لحظة يبدأ، كما قد يشير لي أحدهم وهو ليس بالخبير الموسيقي أو المختص بأن هذا القارئ أو ذاك يجيد قراءة مقام الأوج أكثر من أي مقام آخر، والقارئ الفلاني زاد تلك القطعة في الحفلة تلك. وكثيراً ما تعجب أصدقائي العراقيين من قدر هيامي ومعرفتي بهذا الفن العريق، وذلك بسبب أنني لست من العراق وبأنني لست موسيقياً وبأن العراقيين أنفسهم لا ينكرون بأن من هم في مثل عمري ليس لهم اهتمام ملحوظ بالمقام العراقي. وبالمقابل لم تكن البلاد التي أعيش فيها تشجع أي نوع من الفن له علاقة بالمعازف والغناء كما يقال. بل أن الجماعات الدينية استطاعت أن تلغي مظاهر الاحتفال في الأعراس وأن تمنع خروج أي معزف أو طبل في تلك المناسبات وغيرها. مما حدا بتلك الأمور لأن تصبح اهتمامات فردية أو في نطاق صداقات تتقاسم ذات الأذواق.



    وبالرغم من كل تلك المناهضة ومحاولات جرّ المجتمع البسيط نحو المزيد من الأمية الثقافية وذلك من أجل إحكام قبضة رجال الدين الأغرار عليه كان في منزلنا-ولله الحمد- مذ بدأت ألتفت واهتم بالسماع إلى الغناء دولاب به الكثير من التسجيلات، وكان أغلبها تسجيلات لحفلات أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وفريد الأطرش إلى جانب بعض التسجيلات لأغاني إسمهان وتسجيلات الأغاني العراقية الريفية للمطربين أمثال داخل حسن وحضيري أبو عزيز. وكان من بين تلك التسجيلات كاسيت واحد للمطرب العراقي الذي لا يتكرر ناظم الغزالي. وحالما وقعت أذني على صاحب “تيهي على أرج الورود عطورا” وَ “أقول وقد ناحت بقربي حمامة” وحين سمعته يقول”يا راهب الدير” أشياء كثيرة كانت تتفتح في القلب ومن حيث لا أدري ما هي وأنا في حينها كنت ابن الحادية عشرة من عمري.



    رحتُ أحفظُ ما يغنيه ويؤديه ناظم الغزالي في ذلك التسجيل الذي عرفت في ما بعد بأنه حفل قد أقيم في دولة الكويت. ومن هنا أيضاً أستطيع أن أدعي بأن ذلك التسجيل كانت بداية علاقتي بكل ما هو عراقي وخصوصاً البغدادي. حدث ذلك في نهاية الثمانيات من القرن المنصرم ورحتُ أحاول اكتشاف المزيد، حيث أقصد منطقة كان بها كشكان أو ثلاثة لبيع التسجيلات، ولكن خيبتي كانت كبيرة جداً حيث أن المتوفر هو الشريط التسجيلي الذي ذكرته ولا يوجد أي تسجيل آخر لناظم الغزالي لديهم. ولا بد من ذكر مفارقة عجيبة حدثت لي ذات يوم حيث كنت أفكر بحزن وطفولة كيف أن مطرباً بحلاوة وسحر ناظم الغزالي لم يقم إلا حفلة واحدة فقط وهنا أود أن أنبه القارئ بأنني لم أعرف بعد بأن ناظم الغزالي كان قد رحل !. وإنني رغم وجود ذلك التسجيل الوحيد إلا أنني كنت أجده ساحراً على الدوام، أبدأ بسماعه كل ليلة تقريباً قبل أن تغفو عيوني وصوته لا يزال صادحاً ومتغلغلاً في روحي.



    كنت ذات يوم ألهو مع أترابي في أحد البيوت، وكنت أحاول تقليد طريقة ناظم الغزالي في أدائه المعروف لـ “عيرتني بالشيب وهو وقارُ /ليتها عيرت بما هو عارُ” وكنتُ أضع كفي على رأسي فينفجر من معي بالضحك علي، فأقول لهم لا تضحكوا حتى لا يزعل أستاذ ناظم. ثم ما ألبث أن أذكر لهم بأن ناظم فنان كبير لكن مسكين – وأنا لا أعرف شيئاً بعد عن حياته- وعندما يسألونني لماذا هو مسكين، أجيبهم لأنه لم يغني إلا في حفلة واحدة …
    في اليوم ذاته انتقلنا من بيت إلى آخر وكان هنالك جهاز مذياع، قام أحدهم بتشغيله وراح يديره بعشوائية وفي أثناء ذلك مرّ على صوت ناظم دون أن يلتفت، فقفزت ناحيته وأخذت أحاول ضبط الموجة، وكان فعلاً صوت ناظم الغزالي ينبعث من بين التشويش كما ينبعث ضوء القمر من بين السحب. أتذكر بأنه كان في أداء “يا قامة الرشأ المهفهف ميلي” .. ورجوت أصحابي أن يهدأوا، كنت فرحاً لأني أسمع شيئاً جديداً لناظم الغزالي وبأن تلك الحفلة ليست هي الوحيدة وأنني على موعد مع المزيد من ناظم الغزالي.



    اهتمامي بناظم الغزالي راح يتضاعف كلما ازداد نضجي وتذوقي لجماليات الأداء والمعاني، أحببت معه الغناء الرصين وبدأت أهتم بالشعر أيضاً. قبل الإنترنت وفي ذلك الزمان رحتُ أسأل الكبار عن أصحاب الشعر الذي يغنيه ناظم الغزالي، ولا أستطيع أن أخفي حقيقة أن معظم من سألتهم أجابوني بأن ذلك هو ناظم الغزالي حتى خلته شاعراً أيضاً.
    وحيث يعلم الجميع بأن الدولة السعودية وقتذاك كانت متشددة في دخول الكتب والمنشورات عموماً، ولم يكن للقنوات الفضائية أي وجود بعد، بالإضافة إلى واقع العراق حينها الذي كان قد بدأ مشروع عسكرته وتدمير حضارته بداية بالحرب الإيرانية العراقية ثم حرب الكويت ثم الحصار وإلخ ..



    تعرفتُ أثناء بحثي وولعي بهذا الفن العريق على تسجيلات محمد القبنجي، ويوسف عمر، وعبد الرحمن العزاوي، وعبد الرحمن خضر والسعدي وحسين العزاوي كذلك إلى قراء المقام الأقدمين أمثال رشيد القندرجي ونجم الشيخلي وبدأت ألاحظ وأميز المقامات التي أسمعها باهتمام ومثابرة. وكان مقام الأوج مثلاً يهبني شعور بأنه مقام ذو حزن ارستقراطي فخم بينما الخنبات بمقدمته الهائلة الشجن هو مقام يعبر عن كل وجع بغداد التاريخي ولك أن تسمع مقدمته التي تعزف قبل قراءة “سلام على دار السلام جزيل/وعتبى على أن العتاب طويل” والذي قامت بأدائه المطربة ذات الصوت الجميل والقوي جدا السيدة فريدة محمد علي. كما أنني لاحظت أيضاً مع دربة كافية على تذوق الشعر العربي القديم حسن اختيار قراء المقام للشعر الفصيح ودلالة على بحثهم عن أجمل الشعر والقصائد أنهم قد عثروا على قصائد ومقطوعات شعرية تنسب لشعراء ليسوا معروفين للعامة أمثال الشاعر بن زريق البغدادي في رائعته الخالدة “لا تعذليه فأن العذل يولعه /قد قلت حقّاً ولكن ليس يسمعه” والذي قام بأداء أبيات منها الفنان الراحل عبد الرحمن خضر. وكذلك من قصيدة فخمة للشاعر والمناضل العراقي الراحل السيد الشيخ محمد سعيد الحبوبي الذي يقول في مطلعها “يا يوسف الحسن فيك الصبّ قد ليما/ ولو رأوكَ هووا للأرض تعظيما” قام بأدائها عملاقان في هذا الفن ألا وهما “محمد القبنجي” و”يوسف عمر” على طريقة مقام المنصوري كما أتذكر. وبالمناسبة كان الشاعر الخالد محمد مهدي الجواهري يعتبر السيد الحبوبي أحد أساتذته في الشعر الذين كان يشعر برهبة حينما يزورهم في بيتهم الكائن بالنجف الأشرف.
    هذا كما كان للشعر العراقي الدارج والذي ينظم على قالب معين يدعى بـ “الزهيري” حضوره الغزير كذلك في أداء المقام العراقي مثل “يامن عليك المدامع جاريه والروح ذابت ولا تلتهي بآلة طرب والروح” ومثل “يا قلب ودّ إليودّك واترك إلخلّوك شافوا بريقك صبر بعد الصبر خلّوك” ومثل “تميت أحوم على شوفك بس أروحن ورد وابغي وصالك واروم من المراشف ورد” والكثير من هذا الشعر الساحر.



    إنّ ما يميز المقام العراقي بأنه ليس فناً نستمع إليه ويمتعنا أو يروح عنا وحسب، وإنما هو تربية للذوق المعرفي والجمالي والموسيقي أيضاً لأن أدائه يأتي منسجماً تماماً مع القول لفظاً ومعنى واللحن والإيقاع بحيث أنك لا تستطيع تعليل صفة أدائية دون معنى الكلام أو موقع النغم. كما أن المقام العراقي يختزل ويمزج بين عدة أصول نغمية بسبب التقاطعات الحضارية والإثنية التي تمثل بنية المجتمع العراقي فقد تجد مثلاً مقام الأوشار أو الحسيني يؤدى بطريقة مشابهة لطريقة مطربي بلاد فارس وتركيا، كما أن مقام اللامي الذي ابتكره الفنان “محمد القبنجي” قد استفاد منه فنانون وملحنون عرب مثل الموسيقار محمد عبد الوهاب الذي لحن على هذا المقام “ يللي زرعتوا البرتقال” .



    لقد عشتُ مع هذا الفن الذي يهتم به القليل من أبناء البلد الذي أعيش فيه منذ اليوم الذي استمعت فيه إلى صوت ناظم الغزالي ولا أزال أكتشف المزيد منه كلما تأملت أو استعمت أو قرأت. وعندما أفكر الآن أجد أن كلّ إنسان قد يقع على مفتاح اهتماماته الأساسية في حياته بالصدفة ثم يمضي مكتشفاً المزيد ولا ينسى فضل من وهبه المفتاح الأول. فناظم الغزالي يحتل مكانة خاصة لدي وكما أن الأحداث الجميلة تحدث بالصدفة، كنت ذات مساء في زيارة إلى أستاذنا وشيخنا الشاعر مظفر النواب وكما هو معروف لدى العراقيين بأن بيته الدمشقي المتواضع كان مفتوحاً لكلّ المغضوب عليهم من قبل الأنظمة الوحشية، صادف أن تكون تلك الأمسية فريدة من نوعها بكل المقاييس، فلقد تسنى لي أن أرى وأتعرف على المطرب العراقي والمناضل الكبير فؤاد سالم، وكان بحقّ إنساناً متواضعاً ومرحاً وفناناً يستحق كلّ التقدير والاحترام، ولقد حدث ما لم أتصوره قد يحدث في حياتي إلا حلماً، عندما تفاجأت بمجيء الفنان سالم حسين الذي كان يقود فرقة ناظم الغزالي وكان قد أتى حاملاً آلة القانون ذاتها التي كان ناظم الغزالي يغني على أنغامها. ولكي أتأكد من ذلك، سألته بعد أن قام بعزف مقام الرست محاورا الفنان سليم سالم على عوده، كم عمر هذه الآلة أستاذنا؟ فأجابني، أكثر من خمسين عاماً !. ثم قدم لنا الفنان الكبير فؤاد سالم مقامي الأوج والبنجكاه وبعدها صار الحديث عن الذكريات والزمن الجميل.



    وإني اليوم لأبكي بالقلب عندما أرى حال فنان بحجم فؤاد سالم طريح الفراش دون الاهتمام المطلوب من قبل الدولة العراقية القائمة والتي وعدت الشعب العراقي بالديموقراطية لكنها أهملت وتجاهلت عمداً أولئك الرجال الاستثنائيين الذين أفنوا حياتهم في الدفاع عن الشعب العراقي وعن قيم العدالة والحرية .
    الآن أعود لتصنيف التسجيلات التي قمت بتجميعها لعمل مكتبة متواضعة تخص المقام العراقي كي أؤي إليها عندما أبلغ من العمر عتيّا ولا يكون قد تبقى لنا إلا القليل من القدح.



    ثامر مهدي
    ٧/٩/٢٠١٢

  2. #2
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: August-2012
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 1,639 المواضيع: 172
    التقييم: 701
    آخر نشاط: 28/December/2012
    المقام العراقي - هو الفن العراقي الاصيل وبشكل حصري
    والذي انجب الجالغي البغدادي كأبن له من ابداعه المتميز والرصين


    شكرا جزيلا على الموضوع

    تحياتي وتقديري


  3. #3
    الله محبه
    الحالم بغد افضل
    شاكرين مرورج صابرين

  4. #4
    من أهل الدار
    ابوبشير
    تاريخ التسجيل: January-2012
    الدولة: كربلاء المقدسة
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 7,274 المواضيع: 1,011
    صوتيات: 1 سوالف عراقية: 3
    التقييم: 2101
    مزاجي: بين بين
    أكلتي المفضلة: بيري بيري +بيتزا
    موبايلي: iphone
    آخر نشاط: 7/December/2012
    الاتصال: إرسال رسالة عبر Yahoo إلى نسيم العراق
    مقالات المدونة: 2
    شكرا للموضوع الجميل صديقي العزيز فيصل.

  5. #5
    الله محبه
    الحالم بغد افضل
    شكرا لمرورك اخي ابو بشير



    من اجمل ابداعات الفنان ايمن مالكي

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال