هناك شاحن موبايل جديد لا يعمل في الغرفة ،
وعلاقة حب متجمدة في مكانها مثل تمثال من البرونز لا يتذكره حتى الطير في أطراف المدن النائية ، أصدقاء بلا أخبار جديدة وصحف لا يقرأها أحد ، هناك أغانٍ قديمة متورطة بذكرى لطيفة تململ منها اليوتيوب لكثرة تكرارها ومن ثم قذفها هي الأخرى في سلة مهملات الذاكرة ،
هناك الكثير من الكتب التي تنتظر أن تقرأ بينما يقرر صاحبها تقليب صور العارضات على انستغرامه الخالي من المتابعين .
هناك مليون تعليق منسوخ على فيديو مؤثر ، واربعمائة إعلان خطوبة على الفيسبوك لا تعرف أصاحبها ،
هناك دعوات كثيرة تحدث بدونك ومكالمات طويلة لا يدخلك بها أحد ، مشاكل في البيوت التي ليست قريبة من بيتك لا يتناهى الى سمعك شيء منها ربما يسليك أو يجعل نهارك اقل شحوبا..
هُنَاك صُوِّر لاستقبال العراقين للوفد السعودي بحفاوة بينما تبتسم انت دون أن يتحشرج الوطن في رئتيك مثل ما كان يفعل سابقاً ،
هناك كرنفالات من الحيرة تجلس بالمقابل منك وتقطب حاجبيها محدقة في عيونك ،
حيرة ان تكون متورطا في أكبر مشهد تمثيلي بالتاريخ دون أن تدري ، وحيرة أن تتشوش الألوان امام عينيك حتى تصبح لا تعلم كيف يكون لون هذا الْيَوْمَ ،
هناك الكثير من الجميلات يتعلمن أحدث طرق "المكياج" دون ان تتحدث حياتهن أو أن يضاف لون واحد جديد الى زمانهن المتجمد ، هناك الملايين من الأذكياء الذين بلا عمل ،يراقبون العالم من نوافذهم ويبتسمون بمرارة .. هناك المليارات بانتظار أن يحترفوا الطيران في هواء هذه الحياة التي تتناسل دقائقها وتنسخ كما تعليقات الأبرياء على الفديو المؤثر
والذي لم يعد مؤثرا ..!
لكنها قصة البشرية منذ بزوغها ، قصة الفترات آلتي تتجمد في حياتك ثم تنفجر مرة أخرى، تماما كَمَا الانفجار الكبير الذي ولد أكوانناً المتوازية ..
ومرة اخرى ستعود
ترقص في أعراس أصدقائك
تضغط على رقبتك باصابعك في استراحة من ضغط العمل الجديد
وتندرج في أفراح الوطن مرة أخرى كما لو انك تتعرف عليه لأول مرة ..
أو ربما
تصبح المطرب الأول في الحي الذي ينسى كل ذلك ويستمع إليك ..
الحياة ليست مملة الى هذا الحد ، لكن جرعة الملل ضرورية أيضا
إيّاك ان تتصالح مع الضجر فيصدق نفسه ..
قل للملل اهلًا ثم افتح له النافذة كي يذهب بعيدا ..
لا تغلقوا النوافذ
راق لي من صفحة الكاتبة شهد الراوي