منذ أن تعرف إليها قبل ثلاث سنوات، وهي تستعمر جوارحه، تجتاح عقله وقلبه، وتستحوذ على اهتمامه وتفكيره وأحلامه، فلا يأنس أو يسعد إلا بقربها وبالتواصل معها، ورأى فيها شريكة عمره التي سيتقاسم معها لقمة الخبز والحب والسعادة، لكن هذا الحلم الذي استطال وتمدد عبر سنين التعارف تلك، تهاوى في لحظة واحدة، عندما لكمته بقرار رفضها الارتباط به وقبولِه شريكا لحياتها، فهي مرعوبة من فكرة الارتباط برجل مرة أخرى بعدما مرت بتجربة زواج دامت سبع سنوات لم يكتب لها النجاح، وانتهت بالطلاق، وإنجابِ طفلتين وصورة مشوهة عن الرجال والزواج.
وبالرغم من أن موافقة الطرفين هو شرط أصيل لإتمام الزواج، ورغبة بارزة لدى الطرفين، إلا أن «و» البالغ من العمر 33 عاماً، لم يرض بتبريرات «ن»، ولم يتقبل فكرة الانسحاب من حياتها بهدوء، أو دون الانتقام لـ «رجولته»، وقلبه البائس، واحلامِه التي بناها حجراً حجراً حتى يعلق عليها يافطة العبور الى مستقبله وسعادته معها، وبدأ عقله وقلبه يتشاوران بصوت مرتفع لاختيار طريقة انتقام ورد اعتبار بمقاس خيبة الأمل التي ألمت به بعد رفضه زوجا لها، ولم يترك فكرة شيطانية أو مسمومة إلا وطرق وبابها، وفاضل بينها، ليكون رده أليماً ومزلزلاً.
وبعد سحب وإيداع لأفكاره اللئيمة، اختار أن ينشئ ويدير حسابات وهمية على «توتير» و«انستغرام» باسم «فلقة أحلامه» السابقة، وينشر فيها صوراً لها ولاحدى ابنتيها، ويكتب عبارات وتعليقات مخلة بالآداب ومسيئة للشرف والسمعة على كل واحدة منها، الى جانب نشر صور أفراد عائلتها، كما نشر رقم هاتفها وعنوان منزلها، وروج لحبها لإقامة الحفلات الماجنة والسهرات الليلية.
في يوم واحد.. انهالت المكالمات والرسائل المجهولة على «ن» كالسيل العرم، وتلقت طرقات عدة على باب منزلها من غرباء استنكرت عليهم مجيئهم واسئلتهم، فما إن أدركت الأمر حتى أبلغت الشرطة عن الحادثة وبعد التحري والتعقب عن الشخص المتواري خلف الحساب الوهمي تم القبض على «و» وإحالته إلى النيابة العامة.
أقر «و» خلال تحقيقات النيابة العامة بفعلته المشينة فأصبح متهماً بعد الاطلاع على كافة أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات بثلاث تهم الأولى «إنشاء حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي تمكن من خلالهما من نشر وإرسال صور عائدة للمجني عليها عن طريق الشبكة المعلوماتية تتضمن مواد وعبارات من شأنها المساس بالآداب العامة»، والثانية: الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة بأن نشر صوراً فوتوغرافية عائدة للمجني عليها وأفراد أسرتها ومنها صورة إحدى ابنتيها وتتضمن عبارات خادشة للحياء أسفل الصور.
أما التهمة الثالثة فهي قذف المجني عليها وجعلها محلاً للعقاب والازدراء بأن أنشأ حسابات باسمها على مواقع التواصل الاجتماعي وأسند لها وقائع حبها لممارسة الرذائل ودعوة من يرغب مشاركتها ذلك.
وعليه أمرت النيابة العامة بإحالة المتهم وملف الدعوى الجزائية إلى محكمة الجنح والمخالفات لمعاقبته مع تشديد العقوبة طبقاً لمواد الاتهام.