( فأنت طفل عابث .. يملؤه الغرور ، و كيف من صغارها .. تنتقم الطيور؟ ) هذه إحدى كلمات الشاعر الكبير نزار قباني ، شاعر الحب و الرومانسية و الكراهية و الغضب و غيرها من الأحاسيس التي مزجها سويًا ليخرج قصائد ظل الناس يرددونها حتى بعد موته بسنوات كثيرة ، فقد جاءت تلك القصائد نابعة من قلبه مليئة بصدق المشاعر و دفئ الأحاسيس ، جاءت تعبر عن حياته و تجاربه و خلدها الزمن و التاريخ و تغنى بقصائدة أكبر و أشهر المطربين في الوطن العربي أجمع .
نبذة عن الشاعر نزار قباني :
ولد نزار قباني عام 1923م في سوريا ، و هو من أسرة تهتم بالفن و المسرح و كانوا أحد الأسباب التي تداعت لإنشاغه بالشعر ، حيث أنهم قاموا بتشجيعه بالعديد من الطرق ، تخرج نزار قباني من كلية الحقوق بدمشق و ذلك عام 1945م ، و بعد ذلك عمل في السلك الدبلوماسي لكنه سرعان ما استقال عنه ، و هذا لأن نزار قباني لم يكن مهتمًا إلا بالشعر و أراد أن يتفرغ له .
عاش نزار قباني ما يقرب من نصف قرن و قام خلال تلك الفترة بنظم أكثر من 35 ديوان شعري ، حتى أنه قام بإنشاء دار نشر خاصة لطباعة دواوينه الشعرية ، عاش نزار قباني العديد من التجارب العاطفية لكن تبقى بلقيس هي الأكثر تأثيرًا في نفسه ، و هي زوجته بلقيس التي توفت إثر حادث إنتحاري في بيروت ، و بعد أن عاش حياة مليئة بالأحداث منها المؤلم و بعضها سعيد توفى نزار قباني عن عمر يناهز ال75 عام في مدينة لندن بعد صراع دام طويلًا مع المرض و الحزن .
كلمات قصيدة وقفت أمام قبرك باكيًا في مدح رسول الله صلى الله عليه و سلم :
عز الورود و طال فيك أوام ** و أرقت وحدي و الأنام نيام
و رد الجميع و من سناك تزودوا ** و طردت عن نبع السنا و اقاموا
و منعت حتى أن أحوم و لم أكد ** و تقطعت نفسي عليك و حاموا
قصدوك و امتدحوا و دوني أغلقت ** أبواب مدحك فالحروف عقام
أدنو فأذكر ما جنيت فانثني ** خجلا تضيق بحملي الأقدام
أمن الحضيض أريد لمساً للذرى ** جل المقام فلا يطال مقام
وزري يكبلني و يخرسني الأسى ** فيموت في طرف اللسان كلام
يممت نحوك يا حبيب الله في ** شوق تقض مضاجعي الآثام
أرجو الوصول فليل عمري غابه ** اشواكها الأوزار و الآلام
يا من ولدت فأشرقت بربوعنا ** نفحات نورك وانجلى الإظلام
أأعود ظمآن و غيري يرتوي ** أيرد عن حوض النبي هيام
كيف الدخول إلى رحاب المصطفى ** و النفس حيرى و الذنوب جسام
أو كلما حاولت إلماما به ** أزف البلاء فيصعب الإلمام
ماذا أقول و ألف ألف قصيدة ** عصماء قبلي سطرت أقلام
مدحوك ما بلغوا برغم ولائهم ** أسوار مجدك فالدنو لمام
حتى وقفت أمام قبرك باكياً ** فتدفق الإحساس و الإلهام
و توالت الصور المضيئة كالرؤى ** و طوى الفؤاد سكينة و سلام
يا ملء روحي وهج حبك في دمي ** قبس يضيء سريرتي و زمام
أنت الحبيب وأنت من أروى لنا ** حتى أضاء قلوبنا الإسلام
حوربت لم تخضع ولم تخش العدا ** من يحمه الرحمن كيف يضام
و ملأت هذا الكون نوراً فاختفت ** صور الظلام و قوضت أصنام
الحزن يملأ يا حبيب جوارحي ** فالمسلمون عن الطريق تعاموا
و الذل خيم فالنفوس كئيبة ** و على الكبار تطاول الأقزام