الوقود الحيوي وثورة الطاقة البديلة – إيجابيات وسلبيات
إن تناقص موارد الطاقة المتوقع حدوثه، دفع العديد من الدول إلى البحث عن مصادر بديلة للوقود وإيجاد الحلول لتجاوز مشكلة عدم الوفرة المتوقعة في الوقود الأحفوري؛ لذلك قد يكون الوقود الحيوي هو البديل الأمثل، إذ يعرف بأنه هو الطاقة المستدامة من الكائنات الحية سواءً الحيوانية منها أو النباتية.
وهو يعتبر من أهم مصادر الطاقة المتجددة على خلاف غيرها من الموارد الطبيعية، مثل النفط وكافة أنواع الوقود الأحفوري والوقود النووي، لذلك سعت الكثير من الدول لزراعة أنواع معينة من النباتات خصيصاً لاستخدامها في مجال الوقود الحيوي، ومنها الذرة وفول الصويا في الولايات المتحدة الأمريكية، وقصب السكر في البرازيل، وزيت النخيل في شرق آسيا..
كما تم الحصول على الوقود الحيوي من التحليل الصناعي للمزروعات والفضلات، وبقايا الحيوانات التي يمكن إعادة استخدامها. مثل القش والخشب والسماد إضافة إلى تحلل النفايات ومخلفات الأغذية، التي يمكن تحويلها إلى الغاز الحيوي.
وتستخدم الدول الوقود الحيوي لتقليص اعتمادها على المصدر الأساسي للوقود ألا وهو النفط، ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً تسعى إلى تقليص اعتمادها على النفط بنسبة 20% في العام 2017 وتعويضه باستخدام الوقود الحيوي.
المزايا
رغم المزايا التي يتمتع بها الوقود الحيوي من رخص تكلفته وإمكانية إنتاجه في أي وقت وفي أي مكان من العالم، بسبب توافر موارده الأولية وعدم تقيدها بأي عوامل جغرافية أو طبيعية، إضافة إلى إمكانية استخراجه من المخلفات الزراعية والحيوانية، يبقى للتوسع غير المدروس في إنتاجه خطر يهدد بارتفاع أسعار الغذاء، وتشكيل الخطر على الأمن الغذائي العالمي، ولابد لإنتاج الوقود الحيوي الالتزام ببعض التدابير والسياسات، للحفاظ على إنتاجه بطريقة مستدامة بيئياً واقتصادياً واجتماعياً.
- حماية الفقراء وعديمي الأمن الغذائي، أي دون التأثير على أسعار الغذاء العالمي.
- ضمان الاستدامة البيئية، فعلى الرغم من المكاسب التي يمكن أن يحققها إنتاج الوقود الحيوي فأن إنتاجه ينطوي أيضاً على إمكانية الضرر بالبيئة، وتأثير التوسع في إنتاجه على موارد الأرض، والمياه وعلى التنوع البيولوجي.
- الاستفادة من فرصة التنمية الزراعية والريفية.
- إعادة النظر بالسياسات القائمة بشأن الوقود الحيوي.
- جعل النظام الدولي نظاماً داعماً لتنمية الوقود الحيوي تنمية مستدامة.
ثورة جديدة في عالم الطاقة.. بكتيريا الوقود الهيدروجيني !
أنواع الوقود الحيوي
- الغاز الحيوي.
- الإيثانول.
- الديزل الحيوي.
سلبيات الوقود الحيوي
تواجه تقنيات إنتاج الوقود الحيوي الكثير من الانتقادات، بسبب التوسع المستمر الذي تقوم فيه الدول للحصول على هذا النوع من الطاقة، مما يتسبب بآثار ضارة على البيئة والأمن الغذائي والتأثير على التربة.
المخاوف الأساسية التي ظهرت من التوسع في إنتاجه من المحاصيل الزراعية بأنه سوف يؤدي إلى ارتفاع أسعار الغذاء بشكل كبير، وكان العام 2007 خير دليل على ارتفاعها، مما جعل البعض يؤكد أن التوسع في إنتاجه سيأتي على حساب الشعوب الفقيرة.
من هنا أكد الخبراء على ضرورة التوسع في الإنتاج من المخلفات الزراعية، وليس على حساب المحاصيل نفسها، عملاً بمبدأ حماية الإنسانية، حيث حذر خبراء من الأمم المتحدة من التوسع في إنتاجه مؤكدين على الضرر الذي سيلحق بالموارد الغذائية..
وطالبوا بمنع إنتاجه من المحاصيل الزراعية الرئيسية، مثل القمح والذرة والشعير، لأنه ينعكس سلباً على الشعوب الفقيرة، حيث كشف تقرير لمنظمة الفاو أن التوسع في إنتاج الوقود الحيوي بنسبة 1%يؤدي إلى تجويع 60 مليون إنسان في العالم.
مصادر إنتاج الوقود الحيوي
وقود الطحالب: لأن الطحالب تنمو في المياه فإنها تتغلب على واحدة من المشاكل الأساسية التي تواجهها أنواع الوقود الحيوي الأخرى، وهي التنافس على الأرض مع المحاصيل الزراعية الأخرى. وبعض الأشكال الشائعة من الطحالب هي الأعشاب البحرية وزبد البُرك المائية، والتي لاتعتبر نباتات حقيقة ولكنها تقوم بعملية التمثيل الضوئي، حيث يمكن للطحالب تخزين ما يصل إلى 50%من وزن أجسامها من الدهون، وبالتالي تنتظر تحويلها إلى الغاز لإنتاج الإيثانول.
الذرة: تعتبر أكبر مصادر الوقود الحيوي، في الوقت الراهن ولكنها تحتاج إلى مجهود كبير، ويعتبر الإيثانول المستخرج منها أكثر استدامة من البترول، لكن عملية إنتاج الوقود منها مكلفة، ولديها معدلات استهلاك عالية للطاقة.
قصب السكر: في عالم إنتاج الوقود الحيوي فإن قصب السكر يعتبر المصدر الثاني الأكثر استخداماً على نطاق واسع بعد الذرة.
الدهون الحيوانية: يمكن تحويل بقايا الدهون من المنتجات الغذائية الحيوانية إلى زيت واستخدامه بعد ذلك كوقود للسيارات، ولكن تحتل الدهون الحيوانية مرتبة منخفضة في قائمة إنتاج الوقود الحيوي بسبب الصعوبة في تجميعها.
المخلفات الورقية: يرى بعض الباحثين إمكانية تحويل بعض المخلفات إلى إنتاج الوقود الحيوي، ولكن المخلفات الورقية تأتي في أسفل قائمة مصادر إنتاج الوقود الحيوي.
أجيال الوقود الحيوي
الجيل الأول
- الزيوت النباتية.
- الديزل الحيوي.
- الغاز الحيوي.
- الكحول الحيوي.
- الغاز الصناعي.
الجيل الثاني
- محاصيل غير غذائية.
- المخلفات الحيوية كالقش والخشب.
- محاصيل متخصصة بالطاقة الحيوية وتتضمن:
- الوقود الحيوي السليليوزي.
- الهيدروجين الحيوي.
- ثنائي ميثل الحيوي.
- ديزل الهيدروجين الحيوي.
الجيل الثالث
- وقود الخلايا النباتية ’’الزيت الطحلبي’’ وفيه نسبة الزيت من 20-50% من الوزن الجاف، ومعدل سريع للنمو، كما تعيش في المياه المالحة.
وتحسباً لنضوب النفط المتوقع ولغيره من الأسباب الاقتصادية والسياسية والبيئية، اتخذت العديد من البلدان مجموعة من الإجراءات في اتجاه تعديل منظومة الطاقة وإيجاد مصادر متنوعة وبديلة لها.
ورغم توقع هيمنة الوقود الأحفوري بنسبة تصل إلى 80% من امتدادات الطاقة على المستوى العالمي، إلا أنه من المرجح أن تنخفض نسبة مساهمته في النمو الذي تشهده الطاقة من 80% إلى 65%، وكما تتمثل أهم مصادر الطاقة المتجددة بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الحيوية..
وهي الطاقة المستمدة من الكتلة الحيوية للكائنات الحيوانية والنباتية كما أسلفنا الذكر سابقاً. ويحتل بذلك الوقود الحيوي كمصدر للطاقة المتجددة أو البديلة مرتبة متقدمة من حيث حجم الاستثمارات الموجهة له، والتي تصل إلى ما يقرب من 26% ليحتل المرتبة الثانية بعد طاقة الرياح.
صور مؤلمة توضح التأثير المُميت للاحتباس الحراري حول العالم!
دوافع التوجه لإنتاج الوقود الحيوي
أمن الطاقة: يأتي الوقود الحيوي ضمن مصادر الطاقة البديلة، التي توفر إمكانية تأمين مصادر الطاقة في مواجهة التقلبات المستمرة في أسعار النفط والترتيب لاحتمالية مرحلة ما بعد النفط.
النهوض بالقطاع الزراعي والتنمية في المجتمعات الريفية: حيث يفترض أن يساهم الترويج لإنتاج الوقود الحيوي في إعادة صياغة هياكل القطاعات الزراعية، من حيث إمدادات المواد الأولية الزراعية اللازمة لإنتاجه ونمو فرص التشغيل وتوليد الدخول.
مواجهة مشكلات البيئة والتغيرات المناخية: يحتل الوقود الحيوي موضعاً هاماً في هذا المجال حيث يفترض أن يحقق إمكانية خفض دورة الانبعاثات السلبية على البيئة، بتكلفة أقل من تلك المرتبطة بخيارات أخرى مثل الطاقة الشمسية، وبفاعلية أكبر مقارنة مع الوقود الأحفوري.
إنتاج بعض الدول من الإيثانول الحيوي على مستوى العالم
الدولة الإنتاج بالمليون جالون النسبة المئوية الولايات المتحدة الأمريكية 11.993 54.6 البرازيل 7.270 33.2 الصين 555 2.5 كندا 304 104
قيود وأعباء مصاحبة للتوسع في إنتاج الوقود الحيوي
القيود الاقتصادية: حدود قدرة الوقود الحيوي على الإحلال محل الوقود التقليدي، فقد بلغت حصة الوقود الحيوي في العام 2008 ما يقدر بــ 10% من العرض العالمي للطاقة، كما يضاف لها محدودية قدرة القطاع الزراعي على تلبية متطلبات إنتاج الوقود الحيوي.
القيود السياسية: ترتبط القيود السياسية بالأعباء والتكلفة السياسية والاجتماعية للتوجه لإنتاج الوقود الحيوي، في البلدان النامية تحديداً في ضوء التوسع في زراعة محاصيل الطاقة، وما قد يثيره هذا التوجه من تفاقم مشكلة الغذاء.
القيود الأخلاقية: تبرز هذه القيود في ضوء إعلان بعض الدول النامية غير المنخرطة في إنتاج الوقود إدانتها في محافل دولية لإنتاجها من المنتجات الزراعية، لما يتضمنه من تحويل غذاء الإنسان إلى غذاء للآلة في الوقت الذي تعاني فيه الكثير من الدول أزمات غذائية وصلت إلى حد المجاعات.
ولكن يبقى للاكتشافات البترولية في مناطق مختلفة من العالم وخاصة في الشرق الأوسط دوراً هاماً في إعادة ترتيب منظومة الطاقة الحالية المستقبلية، وصياغتها في اتجاه إعادة النظر في سياسات التوسع أو الإسراع في إنتاج الوقود الحيوي وبدائل الطاقة عامة..
إضافة إلى عقلنة أسعار النفط، ما سيقلل من تنافسية الوقود الحيوي وتضعف اتجاهات الإسراع والتوسع في إنتاجه. إن صعود الوقود الحيوي لا يمثل سوى مرحلة جديدة ممتدة في الحضارة الإنسانية التي شهدت التحول من وقود الفحم التقليدي إلى البترول، ومنه إلى مصادر متجددة من الطاقة التي تحمل في طياتها من الفرص والتحديات والتداعيات الاقتصادية والاجتماعية والبيئة والإنسانية، ويبقى إنتاج الوقود الحيوي رهن تجاذبات دولية بين مؤيد لعملية الإنتاج وبين معارض لها بدوافع أخلاقية.