في آية عظيمة يذكرنا رب العزة تبارك وتعالى بتأثير كلامه على جلود
المؤمنين فيقول: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ
يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ
مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) [الزمر: 23].
هذه الآية تقرر حقيقة علمية وهي تأثر الجلد بالصوت الذي يتلقّاه (تَقْشَعِرُّ
مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ).
وهذا ما ثبُت علمياً، فقد قال باحثون كنديون إن الإحساس في طبقة الجلد
يلعب دوراً في كيفية سماع الإنسان الكلام.
وأظهرت دراسة علمية حديثة أن الذبذبات الهوائية التي لا تُسمع والتي
تترافق مع الأصوات الاعتيادية تؤثر على مسموعات الناس.
وطبعاً هذا البحث تم على أصوات عادية ولو تم البحث على صوت القرآن الكريم
لكانت النتائج مذهلة! وعلى كل حال يقول فريق البحث، الذي نشر
مقتطفات من بحثه في مجلة (الطبيعة) العلمية، إن نتائج البحث أظهرت أن
الأصوات والصور ليست هي العوامل الوحيدة التي تؤثر في كيفية سمع الإنسان.
أثبت العلماء في أحدث بحث علمي أن الجلد يتأثر بالأصوات من حوله،
بل وينقل المعلومات إلى الدماغ، ويقول الخبراء إن نتائج هذا البحث
ستؤدي إلى استحداث وتطوير طرق وأساليب جديدة لتحسين الأجهزة التي
يحتاجها من يعانون من مشاكل السمع.
ويشار إلى أنه من المعروف علمياً أن الإشارات الصورية لوجه المتحدث
تلعب دوراً في التأثير على الكيفية التي يسمع بها الآخرون ما يقوله. وقد
بحث العلماء في هذه الدراسة التي قام بها باحثون من جامعة كولومبيا
البريطانية في مدينة فانكوفر الكندية، في الكيفية التي تؤثر فيها الذبذبات
الصوتية على الجلد وما إذا كانت تؤثر بدورها على كيفية سماع الأصوات.
وتبين لهم من خلال تجارب صوتية محددة أجريت على متطوعين أن
الناس يمكن أن يتأثروا بالمعلومات التي يشعر بها الجلد بالترافق مع
الإشارات الصوتية التي تدخل عبر القنوات السمعية المعروفة. وقال رئيس
فريق البحث الدكتور برايان جيك إن الفريق يبحث حالياً في تطوير أجهزة
لتحسين القدرة السمعية لمن يعانون من مشاكل في السمع.
إن هذه الدراسة تؤكد أن أفضل طريقة لحفظ القرآن الكريم هي الاستماع
إليه باستمرار حتى يحدث التأثر لأعضاء الجسد بهذا القرآن. والنبي صلى
الله عليه وسلم حفظ القرآن بطريقة الاستماع من جبريل عليه السلام،
واليوم قد سخّر الله لنا وسائل كثيرة مثل الكمبيوتر والفضائيات وأجهزة
التسجيل... كلها يمكن أن نستفيد منها في الاستماع إلى القرآن.
فالجلد لا يتأثر بالمعلومات والأصوات فحسب، بل يخزن هذه المعلومات،
ولذلك ننصح كل مؤمن بأن يخصص جزءاً من وقته ولو ساعة كل يوم
للاستماع إلى القرآن، وإليكم أهم الفوائد المؤكدة والمجرَّبة:
- ترسيخ الآيات نتيجة الاستماع المتكرر لها، وسهولة حفظها وتدبرها،
أي أن الاستماع إلى القرآن هو أسهل طريقة لحفظ القرآن وفهمه
والاستجابة لنداء الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) [الأنفال: 24].
- الشفاء بهذه الآيات: فكما أن الجلد يتأثر بصوت القرآن كذلك .....
والدماغ والبصر والسمع... وكل أجهزة الجسد تتأثر، وبالتالي كل خلية
من خلايا الجسم تتأثر ومنها خلايا النظام المناعي، مما يكسب الجسم مقاومة للأمراض.
وأخيراً فإن الدراسات تأتي دائماً لتثبت صدق كلام الحق تبارك وتعالى،
فهل نتدبر القرآن ونستمع إليه باستمرار؟ وهل نستجيب لنداء الحق تبارك
وتعالى: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الأعراف: 204].
إذاً الاستماع إلى القرآن هو وسيلة للرحمة، عسى الله أن يرحمنا في الدنيا والآخرة.