حدد فريق من العلماء متغيرات جينية مسؤولة عن ألوان البشرة المختلفة بين الأفارقة والأوروبيين والآسيويين وأن الأصل هو اللون الداكن.
ووجدت الدراسة الجديدة ثمانية متغيرات وراثية في أربع مناطق من الجينوم البشري(وهو مجموعة كاملة من المعلومات الوراثية للإنسان (Homo sapins) الموجودة في تسلسل الحمض الريبوزي النووي منقوص الأكسجين (DNA))، التي تؤثر بقوة على لون البشرة.
ويتقاسم البشر في جميع أنحاء العالم هذه الجينات التي كانت موجودة حتى لدى أسلافنا القدامى قبل 900 ألف سنة على الأقل.
وبحسب أحد الباحثين المشاركين في الدراسة، فإن البحث "يعبر عن مفهوم بيولوجي للأعراق"، ويمكن للنتائج التي توصل إليها البحث، المساعدة في تفسير سبب تعرض بعض الأشخاص لسرطان الجلد أكثر من غيرهم، وربما يمكن استخدامها في تطوير علاجات جديدة للمرض.
وقام الباحثون من المعهد الوطني لبحوث الجينوم البشري في ميريلاند بتقييم تلون الجلد والبيانات الوراثية بين ما يقرب 1600 شخص، عرقيا ووراثيا في إفريقيا، كما استخدموا مقياس اللون لقياس انعكاس الضوء على الجلد لدى 2092 مشاركا من إثيوبيا وتنزانيا وبوتسوانا.
وتتبعت الدراسة تطور الجينات المسؤولة عن لون البشرة، وتوصلت إلى أن الجلد الداكن لبعض سكان جزر المحيط الهادئ يمكن أن يعود إلى إفريقيا، ويبدو أن المتغيرات الجينية في أوراسيا أيضا مصدرها القارة السمراء، والمثير للدهشة أن بعض الطفرات المسؤولة عن لون البشرة الفاتح لدى الأوروبيين تعود إلى أصل إفريقي قديم.
وكانت المفاجأة أن جين "SLC24A5" الذي يجتاح أوروبا، هو أيضا شائع في الشرق الإفريقي، حيث تم العثور عليه لدى ما يزيد عن نصف المشاركين الإثيوبيين.
وقالت الدكتورة سارة تيشكوف، أستاذة علم الوراثة والبيولوجيا، وإحدى الباحثين المشاركين في الدراسة: "لقد حددنا المتغيرات الجينية الجديدة التي تساهم في الأساس الجيني، وهي واحدة من السمات الأكثر لفتا للإنظار لدى الإنسان الحديث، وحتى الآن تم تحديد عدد قليل فقط من الجينات المرتبطة بالتغير الطبيعي في لون البشرة".
وأضافت تيشكوف: "عندما يفكر الأشخاص في لون البشرة بين الأفارقة، فإن معظمهم يفكرون في البشرة الداكنة، ولكننا نبين أن هناك في أفريقيا كمية هائلة من التباين في لون الجلد، تتراوح ما بين بشرة متوسطة السمرة كبعض الآسيويين إلى شديدي السمرة على المستوى العالمي".
وتابعت: "نحن نحدد المتغيرات الجينية التي تؤثر على هذه الصفات، وتبين أن الطفرات التي تؤثر على درجة لون البشرة والجلد، كانت موجودة منذ فترة طويلة، قبل ظهور أصل الإنسان الحديث، ويعدّ لون البشرة سمة متغيرة كلاسيكية لدى الإنسان تتكيف بمرور السنين، فتحليل الأساس الجيني للتغير في لون البشرة يسلط الضوء على كيفية تطور الصفات التكيفية، بما في ذلك تلك التي تلعب دورا خطرا في سرطان الجلد".
وأوضح الباحثون أن معظم المتغيرات الجينية المرتبطة بالجلد التي تم تحديدها في الدراسة، قد نشأت قبل ظهور الإنسان الحديث، أي أن عمرها يزيد عن 30 ألف عام.
وأشار البحث إلى أن البشر الأوائل في إفريقيا كانت لديهم بشرة داكنة لتحميهم من الأشعة فوق البنفسجية، وعندما هاجروا بعيدا عن خط الاستواء، إلى مناطق غير مشمسة بشكل كبير حيث يقل فيها فيتامين "د"، بدأت المتغيرات بتفتيح لون الجلد الداكن، وبذلك يعتقد العلماء بأن كلا البشرتين قد نشأتا لدى السكان الأفارقة.