يتحدث المقال عن الآليات الدفاعية التي يستخدمها أحد أشهر الأطباء في المسلسل الشهير House MD حيث يستخد هذا الطبيب سلوكيات معينة تساعده على فصل عاطفته وحياته الشخصية عن عمله حتى يستطيع التوصل لأفضل تشخيص أو قرار فيما يخص تشخيص وعلاج مرضاه.
سأتحدث في هذا المقال عن الشخصية الخيالية المشهورة د. هاوس من المسلسل الطبي الذي لاقى نجاحًا كبيرًا House MD. يعد دكتور هاوس استثنائيًا في مهنته كطبيب متخصص في تشخيص الأمراض كما يعتبر مثالاً رائعًا لما قد يبدو عليه المرء في حالات الدفاع النفسي القوي. د. هاوس مشهور بسخريته الدامغة التي يعزز بها دفاعاته بلا جهد يذكر مخلفًا الحيرة في مرضاه، الغضب عند زملائه والإحراج لأصدقاءه.
الاستذهان كآلية دفاع نفسي يُعتبر سلاح ذو حدين:
يتضمن يوم د.هاوس العمل في مستشفى برنستون بلانسبورو التعليمي الخيالي حيث يمارس الاستذهان بشكل مستمر: وهو التركيز فقط على المعلومات، الحقائق والأرقام لفهم الحالات الطبية التي تمر به وإيجاد تشخيص مناسب.
أثناء الاستذهان يحاول الشخص تجنب مواجهة المشاعر السلبية ويفضل التركيز على السبب ، المنطق أو الحقائق. على سبيل المثال، إذا كنت تعاني من مشكلة التسويف في العمل أو الدراسة، فعوضاً عن أن تعالج المشاعر المسببة (التبلد أو الحزن) ربما تتجه للبحث “علمياً” عن مشكلة التسويف، تبحث في الاحصائيات المتعلقة بها وما إلى ذلك.
هذه الطريقة فعالة بالنسبة له فهي تبقي على مسافة عاطفية بينه وبين مرضاه مما يساعده على معاملتهم كمجموعة من الأعراض. يبدو له المرضى مجرد قطعة من أحجية أو آلة إنتاج معلومات تزوده بنتائج الإجراء الطبي. في النهاية فإن كل هذا يصب في تسريع عملية الوصول إلى تشخيص دقيق.
على كلٍ، فإن المشاكل تبدأ بالظهور مع استمرار دكتور هاوس في التعامل مع مرضاه باستخدام آلية الدفاع تلك. هو يفضل ألا يقابل مرضاه، وإذا حدث وقابل أحدهم فلن يكون لقاءً مرضياً. يبدو هاوس متبلدًا في أسلوبه ويتعامل مع مرضاه بالإكراه والتلاعب ليجبرهم على البقاء معه. ما يعظم المشكلة حقيقة أن هاوس لا يمكن أن يعتذر أو حتى يبدي تأثرًا بعواقب سلوكه. التفاعل الطبيعي بين هاوس ومرضاه يبدو هكذا:
المريضة: “واو، حمدًا لله سأصبح أمًا. شكراً جزيلاً لك، لا بد أن أقدم لك هدية”
هاوس: “أحياناً أفضل هدية هي عدم رؤيتك مجددًا”
المريضة: “هل أنت دائمًا بهذه الوقاحة مع مرضاك؟”
هاوس: “نعم، لا تعتقدي أنك مميزة !”
استخدام الدكتور هاوس للإزاحة كآلية دفاع نفسي:
الإزاحة كآلية دفاع نفسي تستعمل عندما يقوم أحدهم بتحويل شعور أو ردة فعل غير مقبولة إلى شيء ما أقل تهديدًا. ولعل أبسط مثال هنا هو ظاهرة “ركل الكلب”: وهي حينما يكون رئيسك في العمل وقحًا معك مما يغضبك بشدة، لكن بما أنك غير قادر على مواجهته فعلى الأرجح أنك عند عودتك للمنزل ستفرغ غضبك على كلبك فتقوم بركله– كشيء ضعيف نسبيًا.
يُمضي دكتور هاوس وقتاً طويلاً في المستشفى يحل ألغازًا طبية مع فريق من أطباء التشخيص وهم على قدر متساوٍ من الكفاءة والبراعة. على الرغم من ذلك فإنه غالباً ما يزيح شعوره الداخلي بخيبة الأمل (الناتج من عدم قدرته على إيجاد الإجابات لأسئلة شخصية أو متعلقة بالعمل) عليهم بالاستخفاف بهم وإقحام الإشارة إلى نقاط ضعفهم في النقاش الطبي بمحادثة ساخرة كالتي تبدو في الأسفل. مما يخلق جوًا عدائيًا وحائطاً بينه وبين أعضاء فريقه والذي أيضاً يساعده على إبقاء مسافة عاطفية بينه وبين زملائه.
كامرون (كامرون هي إحدى أعضاء فريقه تخبره بما استجد في حالة المريض): “براندون ليست مستعدة للعملية بعد…”
هاوس: ” حسناً، فلنأجلها لبضع أسابيع. سيكون بحال أفضل حينها. مهلاً، في أي اتجاه يمضي الزمن؟”
تشايس (تشايس أحد أعضاء فريقه يُبدي وجهة نظره في الحالة): “كنت لأمهلها يومًا. يومان على الأكثر.”
هاوس: “رائع. انت ستكون الساعة. بينما يكون البقية أطباء.”
التكوين العكسي كآلية دفاع نفسي:
يبدو أن د.هاوس يملك مشاعر صادقة تجاه امرأتين، ستيسي والدكتورة كادي. على الرغم من أن كلا العلاقتين بدأتا بشكل إيجابي إلا أنه مُثقل بالقلق، مما ولد ردة فعل دفاعية خلقت مسافة أنهت العلاقتين بشكل مفاجئ، فكلاهما شعرت بعدم القدرة على التأقلم مع طبيعته الساخرة وردات فعله الغير متوقعة. دائماً ما نراه على خلاف مع ستيسي وكادي، ولقاءات مليئة بالجدال. هنا يستعمل هاوس آلية دفاع نفسية تسمى التكوين العكسي.