بمرشحة رسمية مصرية إفريقية، وثمان مرشحين آخرين تدخل انتخابات منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) بعد 48 ساعة مرحلتها الأخيرة، بلحظة أختيار حاسمة يرفع بعدها الستار ليكشف عن اسم المدير العام الحادى عشر للمنظمة، الذى سيتولى مهمة إدارة الشأن الثقافى العالمى حتى عام 2021، خلفا للبلغارية إيرينا بوكوفا التى ستنتهى فترتها الثانية فى العام الحالى، حيث يسمح قانون اليونسكو بفترة ولاية ثانية ولمرة واحدة فقط.
وتحين بعد غد الاثنين اللحظة الحاسمة لاختيار المدير الجديد لأهم تنظيم دولى يعمل فى مجال القوة الناعمة ، بمقرها فى العاصمة الفرنسية باريس، حيث يقوم أعضاء المجلس التنفيذى لليونسكو الذى يضم ممثلى 58 دولة خلال مؤتمرهم العام بانتخاب واحدا من بين مرشحين تسعة لتقدموا لتولى هذا المقعد الأممى رفيع المستوى لولاية تستمر لأربع سنوات٠
ويتنافس على المنصب كل من المصرية الدكتورة السفيرة مشيرة خطاب وزيرة الأسرة والسكان التى حصلت سابقا على دعم المجموعة الإفريقية، والمرشحة اللبنانية الرسمية فيرا خورى التى تعمل منذ 20 عاما فى اليونسكو ، ووزيرة الثقافة والاتصال بالحكومة الفرنسية أودرى أزولاى، ووزير الثقافة القطرى السابق حمد عبد العزيز الكوارى مستشار أمير قطر للشئون الثقافية، وفولاذ أوغلو من أذربيجان، وصالح الحسناوى مرشح العراق "انسحب"، و الفيتنام فام سان شاو، والمرشح شيانج تانج من الصين، ومرشح جواتيمالا هو جوان الفونسو "انسحب"٠
وتحظى المرشحة المصرية بسجل مضئ من العمل ، فهى خريجة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة والحاصلة على درجة الدكتوراة برسالة موضوعها "التدابيرالعامة لتنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل"، وهى صاحبة إنجازات لافتة فى مجالات متعددة دبلوماسيا وثقافيا وفى مجال حقوق الطفل والمرأة، وساهمت على مدى مشوار عملها بايجابية فى إثراء الحياة السياسية والثقافية عبر أجيال تمتلك المعرفة والرؤي والقدرة على البحث ، كما إنها صاحبة إنجازات فى مجالات عديدة تدخل فى نطاق اهتمامات عمل منظمة اليونسكو وأنشطتها، ومنها إنشاء مدارس الفصل الواحد والمدارس الحقلية، ومناهضة ختان الإناث وعمالة الأطفال، بالإضافة إلى أنها تعد نموذجا مشرفا للمرأة فى العالم الثالث.
وتقف المرشحة المصرية فى مقدمة المرشحين الأوفر حظا حيث تحظى بتأييد المجموعة الإفريقية ، وبأعلى تأييد معلن من الدول الأعضاء فى المجلس ، كما إنها مرشحة رسمية لدولة ذات باع ثقافى طويل على الساحة الدولية، دولة يشدد خطابها السياسى الرسمى على أهمية تضافر الجهود بين شعوب دول العالم للعمل على إحلال السلام والأمن عن طريق رفع مستوى التعاون بين الدول ، دولة تؤمن بحوار الثقافات والحضارات كوسيلة أكيدة لتحقيق السلام ، يعززها فى ذلك تاريخ وحضارة وثقافة ذات جذور ممتدة عبر التاريخ ، ودعوتها المستمرة إلى التواصل الايجابى بين جميع الشعوب ، وكذلك الدعوة لاحلال الاحترام العالمى للعدالة ولسيادة القانون ولحقوق الإنسان ومبادئ الحرية الأساسية.
وتخوض مصر معركة انتخابات اليونسكو بالتصميم ، لكونها معركة ضارية شرسة تكتنفها عملية شديدة التعقيد ، لامجال للإرتجال فيها ، حيث تجرى وسط حشد كبير وطبقا لحسابات سياسية غير متوقعة ، وتتحكم فيها غرفة صناعة القرار الجمعى الدولى.
وإدراكا من مصر بقسوة المعركة فقد قامت بتجيش قواها لخوضها ، حيث أوفد الرئيس عبد الفتاح السيسى مبعوثيين رسميين لرؤساء الدول المشاركة فى عملية التصويت فى إطار جهود دعم المرشحة المصرية والترويج لها ، وعززت مصر ساحة المعركة الانتخابية بمواقع التحرك المكثف من أجل فوز المرشحة المصرية من خلال أذرعها السياسية والثقافية الخارجية فى عواصم الدول عبر سفاراتها بالخارج ، وذلك بعدما أعلن رئيس الوزارء المهندس شريف إسماعيل ترشيح مصر رسميا لمشيرة خطاب لتولى المنصب.
وأعقب الإعلان الرسمى صدور قرار وزير الخارجية سامح شكرى بتشكيل مجلس إستشارى يضم شخصيات بارزة ذات ثقل دولى لدعم حملة المرشحة المصرية ، ولدعم خطة تحرك مكثف شارك فيها الإتحاد الإفريقى للترويج عالميا لحصان إفريقيا ، وأسفر ذلك عن إعلان دول مؤثرة فى المشهد العالمى تأييدها للمرشحة المصرية الإفريقية.
وفى ظل تعدد المرشحين فإن الشعور والطموح العام، يؤكد أن الوقت قد حان لتولى شخصية عربية فى هذا المنصب الذى غاب عنه العرب طويلا، ولتكون مشيرة خطاب أول أمرأة فى العالم الثالث تتبوأ هذا المنصب الثقافى الرفيع، حيث تولت دول أوروبا الغربية بمافيها فرنسا دولة مقر اليونسكو هذا المنصب الدولى من قبل ست مرات، ونالته أوروبا الشرقية مرة، فيما يخيم على الأجواء العربية تفتيت الأصوات نظرا لوجود ثلاثة مرشحين عرب مما يزيد من مساحة التنافس الذى سيكون شديدا للحصول على دعم الدول العربية السبع التى لها حق التصويت فى الانتخابات وهى مصر والمغرب والسودان وقطر ولبنان وسلكنة عمان والجزائر.
منظمة اليونسكو التى أنشأت فى عام ١٩٤٦ لهدف رئيسي هو المساهمة فى إحلال السلام والأمن عن طريق رفع مستوى التعاون بين دول العالم في مجالات التربية والتعليم والثقافة ، فى حاجة لدماء جديدة تعزز قدرتها فى مواجهة التحديات الكبيرة التى تعوق عملها فى وقت يمر فيه العالم بتحولات فارقة ، وبحث دؤوب عن نظام عالمى جديد ، وضعف الاسهام الفاعل لمواجهة التفاوت وعدم التوازن بين الشمال والجنوب فى مجال الثقافة ، ووجود فجوة ثقافية واسعة بينهما ، مما يتعين إصلاحها ضمن إصلاح ثقافى شامل.
وتتبع اليونسكو حاليا 191 دولة ولها أكثر من 50 مكتبا ، وعدة معاهد تدريسيه حول العالم، وتعمل من خلال خمسة برامج أساسية هي التربية والتعليم، والعلوم الطبيعية، والعلوم الإنسانية والاجتماعية، والثقافة، والاتصالات والإعلام ، وتدعم اليونسكو العديد من المشروعات كمحو الأمية والتدريب التقنى وبرامج تأهيل وتدريب المعلمين وبرامج العلوم العالمية، والمشاريع الثقافية والتاريخية، واتفاقيات التعاون العالمي للحفاظ على الحضارة العالمية والتراث الطبيعي وحماية حقوق الإنسان.