تعتبر قرية ليفيا، وهي جيب إسباني يقع في إقليم "برينيه الشرقية" الفرنسي، قلعة كاتالونية محصنة، صوت سكانها بغالبية شبه مطلقة لاستقلال كاتالونيا خلال استفتاء الفاتح من تشرين الأول/أكتوبر، إذ أن 561 ناخبا قالوا "نعم" للانفصال عن مدريد مقابل 19 معارض.
ما يميز قرية ليفيا عن باقي الأراضي الإسبانية أنها جيب (إسباني) داخل فرنسا، يقع بأعالي إقليم "برينيه الشرقية" (أقصى جنوب فرنسا) ويسكن فيه ألف و400 شخص صوتوا بغالبية شبه مطلقة لاستقلال كاتالونيا عن النظام المركزي بمدريد.
فمن أصل 590 ناخبا، قال 561 "نعم" للانفصال، مقابل 19 صوتوا بـ "لا". وهذه النتيجة الواضحة تظهر تمسك سكان ليفيا بهويتهم الكاتالونية، ورغبتهم الكبيرة في الانفصال عن كل ما يرمز إلى إسبانيا.
ولكن السؤال لماذا جيب إسباني داخل الأراضي الفرنسية؟ الجواب يعود لأسباب تاريخية، وبالتحديد لعام 1660 عندما تم توقيع اتفاق "برينيه" بين مملكتي فرنسا وإسبانيا لترسيخ الحدود بينهما. الملك (الفرنسي) لويس الرابع عشر ضم إلى أراضيه الجزء الشمالي من منطقة كاتالونيا، أي ما يسمى اليوم "برينيه الشرقية"، متنازلا عما كان يسمى آنذاك "سيرداني المنخفضة" لمملكة إسبانيا شريطة أن تضم هذه المنطقة القرى الواقعة فيها. أما ليفيا، والتي كانت تعد في ذلك الوقت مدينة وليس قرية، فقد تم ضمها لمقاطعة برشلونة وباتت لغاية اليوم جيبا (تابعا لبرشلونة ثم لإسبانيا).
وبقدر ما ظل وضع ليفيا القانوني مستقرا على مر القرون، كذلك ظل تشدد سكانها لهويتهم الكاتالونية. ولم يتفاجأ أحد عندما خرج السكان يوم الاستفتاء على الاستقلال في الفاتح من تشرين الأول/أكتوبر أفواجا ينتابهم شعور الفرح بالتعبير عن الانفصال عن النظام المركزي في مدريد - أي عن إسبانيا - وسط حفلات شواء جماعية.
وبحسب بعض الصحافيين الحاضرين يومها بجيب ليفيا، فإن طوابير التصويت ضمت حتى 200 شخص في آن واحد، وكان ذلك أمام مقر أقدم صيدلية في أوروبا، "متحف الصيدلية".
للمزيد: إضراب عام وتظاهرات حاشدة في برشلونة دعما لاستفتاء الاستقلال
ولم يخف عمدة هذه القرية، إلياس نوفا، وهو أحد أبرز رموز الاستقلال في منطقته، تحمسه أمام نتيجة الاقتراع. وقال في تصريح لفرانس 24: "نتيجة التصويت ليست مفاجئة بالنسبة لي، فنحن نريد تبني الجنسية الكاتالونية لأسباب اقتصادية وثقافية ولغوية، وكذلك نظرا لاعتزازنا بالانتماء إلى كاتالونيا".
وهذا الشعور الوطني الكاتالوني تغذيه مشاهد وصور قمع الشرطة الإسبانية خلال الاستفتاء في برشلونة والتي انتشرت على الفضائيات وفي مواقع التواصل الاجتماعي، ما جعل عمدة ليفيا يقول: "العنف الذي وقع الأحد في برشلونة وقساوة الشرطة أعادتنا خمسون عاما إلى الوراء.. نحن مصممون على المضي قدما نحو الاستقلال".
ومن أبرز ملامح الحماس الذي ميز التصويت في هذا الجيب الإسباني، عفوا "الكاتالوني"، هذا العلم الذي أعده سكان القرية بمساعدة مواطنيهم من قرية بويسيردا المجاورة، والذي تضمن 180 شمعة تم إشعالها واحدة واحدة لتكون منارة في ليل "كاتالونيا".
ولكن واجه هذا الحماس تحفظ لدى سكان البلدات والمدن الفرنسية المجاورة. ففي بلدية "إستفار" المحاذية لقرية ليفيا، أثار الاستفتاء على استقلال كاتالونيا نوعا من الحرج لدى السكان، كما قال عمدة المدينة لوران ليغوي. وقال الأخير: "هناك شعور قوي لدى السكان بالانتماء إلى كاتالونيا، ولكنهم يعتبرون أنفسهم فرنسيون قبل كل شيء".