عالمية الرسالة الإسلامية واستيعاب الاختلاف


عالمية الرسالة الإسلامية واستيعاب الاختلاف


هل حقاً علينا احترام كل الأديان (مع العلم أن الدين عند الله الإسلام)؟
لصحة هذا الكلام أو بطلانه وجب علينا أن نبيَن الأدلة الشرعية والتعامل معها بكل أدب لبيان الجواب المراد الوصول إليه.
فأقول في مقدمة المبادئ والقيم التي أرسي الإسلام دعائمها احترام الديانات السابقة والكتب السماوية التي أنزلت على الرسل والأنبياء الذين بعثهم الله لهداية البشرية وآيات القرآن الكريم تؤكد ذلك ففي سورة البقرة (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لانفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير)، سورة البقرة: الآية (285) وشريعة الدين الحنيف تنص على أن أي تفرقة بين الشرائع السماوية مرفوضة شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب، سورة الشورى: الآية (13).
حقائق دامغة توضح أن الإسلام دين السماحة والهداية وأصدر تعليمات واضحة لإتباعه تتضمن الإحسان لأهل الديانات الأخرى خاصة النصارى (ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لايستكبرون * وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين)، سورة المائدة: الآيتين (82- 83) وأي خروج على هذه المبادئ التي قررها الإسلام فهو عمل مردود عليه وسوف يحاسب الله عليه.
بل والأكثر من ذلك تقدير الإنسان كإنسان مهما تكن ديانته أو علاقته بربه وأكبر برهان قوله تعالى في سورة التوبة (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون)، سورة التوبة: الآية(6).
كما حرم الإسلام الاعتداء على غير المسلمين (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما) سورة النساء آية 105 بالإضافة إلى عدم إهدار أي حق من حقوقهم.. العدالة هي الميزان الأساسي في التعامل بين الناس جميعاً، فأي أقاويل أو مزايدات ضد الإسلام لا مجال لها بين العقلاء وأهل الفكر وهي مرفوضة.
والإسلام قد جاء ليصحّح إعتقادات أهل الكتاب كما جاء ليصحح إعتقادات المشركين والوثنين سواء، ودعاهم إلى الإسلام جميعاً لأن هذا هو الدين الذى لا يقبل الله غيره من الناس جميعاً.. والمسلم مكلف أن يدعو أهل الكتاب إلى الإسلام كما يدعو الملحدين والوثنين سواء ، وهو غير مأذون فى أن يكره أحداً من هؤلاء ولا هؤلاء على الإسلام لأن العقائد لا تنشأ بالإكراه ، فالإكراه فى الدين فوق أنه منهى عنه هو كذلك لا ثمرة له…
الإسلام دين يحترم الديانات الأخرى امتثالاً لقوله تعالى ( لكم دينُكم ولي دين )، سورة الكافرون: الآية (6).
وهكذا حرم الإسلام الاعتداء على الأديان والمقدسات وأشخاص الأنبياء جميعاً عليهم أفضل الصلوات وأتم التسليمات.وكفل حرية الرأي والتعبير للناس جميعاً وفق ضوابط تضمن عدم الإساءة والاعتداء على الآخرين.
إن الله (عز وجل)، شاء أن تكون رسالة محمد صلى الله عليه و سلم خاتمة الرسالات السماوية، والتي اختصت عرفاً بمدلول كلمة الإسلام، كما أن كلمة (اليهودية) أو (الموسوية) تخص شريعة موسى عليه السلام، وما اشتق منها، وكلمة (النصرانية) تخص شريعة عيسى (عليه السلام)، وما تفرع عنها.‏
والذي لا شك فيه، أن هــذه الرســـالة الخاتمـــة جـــاءت دعــوة إنسانية عالميـــة، لا تخــاطب قومـــا بأعيانهـــم ولا جنســــــا بذاتـــه : (يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقــــون)، سورة البقــرة : الآية (23)، (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً ) سورة الأعراف: الآية (158)، (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً) سورة سبأ : الآية (28).